في حضرة شخصية أفريقية
يُقالُ أن الحياة غالباً ما تُنصفُ أحياءها الصادقين
"فقط" وحتى أولئك الذين غادروها فلابد أنهم أخذوا ما ينصفهم من الحياة
وإن إعتقدوا غير ذلك.
بعد إنقضاء رحلتي العلمية لدول الجنوب والغرب الأفريقي خرجتُ
مُحملةً بالكثير من الأحداث والمواقف التي جمعتني بشخصيات أقل ما يُقال عنها أنها
شخصيات "مدرسة" ، بمعنى أن كل شخصية من تلك الشخصيات بمثابة مدرسة ينتمي
ويتعلم منها جيلٌ بأكمله، شخصيات لم ترتهن لمادة ولم تغير أشرعتها وفق ما تقتضيه
مصلحتها الشخصية الضيقه، شخصيات أمنت بأن للأوطان ثمناً باهظاً لابد أن يُدفع حتى
تبقى، شخصيات ترى أن الأوطان القوية لا تتقدم إلا بمواجهة أخطائها وتصحيح مسارها فإذا
بها تسمو وتسمو معها الأوطان، نعم تلك الشخصيات التي خُلقت لتبقى فلا يغيبها الموت
ولن تجهلها الحياة أبداً مهما حاول توافه البشر إقناعنا بعكس ذلك، تلك الشخصيات
فقط التي عكست لي شخصياً الفارق الكبير بين شخصيات " المدرسة" وشخصيات
" السِلع" كما أطلقتُ عليها، فهناك بشرٌ كالسِلع يعلمون أنهم سِلع
ويقولون أنهم أثمنُ السِلع رغم يقينهم برخصهم وإلا ما صاروا سِلع، أعادوا اليوم
عملية تسعير أنفسهم فلا غرابة فهكذا هي دورة السِلع.
من أبرز الشخصيات " المدرسة" التي إلتقيت بها في الغرب الأفريقي هو
البروفيسور Khadim
Mbacke المُستشار السياسي البارز، وصاحب الموسوعة
الثقافية الأولى في أفريقيا وتم تصنيفها عالمياً كأهم المراجع العلمية في العصر
الحديث والتي تناولت طرق الحج القديمة من الغرب الافريقي إلى الأراضي المقدسة.
جمعتني
بالبروفيسور Khadim Mbacke علاقة بدأت بالبحث العلمي الذي
كنتُ أعده حينها، فقد مد لي يد العون لإستكمال دراساتي العلمية المُتخصصة في الشأن
الأفريقي على أثر تقديمي لندوة علمية حول العلاقات الخليجية الأفريقية في المركز
الأفريقي لشؤون السلام بحضور مندوبة الإتحاد الأفريقي، وتزويدي بشتى المصادر
العلمية النادرة على أثر مشاركتي في مؤتمر الثقافة الأفريقي الذي قدمتُ فيه أوراق
علمية تناولت فيها : طرق الحج في الأدب السنغالي، ومظاهر المقاومة الثقافية الأفريقية
ضد الثقافة الغربية منذ الإستعمار حتى يومنا هذا.
أنهيتُ دراساتي
العلمية المُتخصصة في الشأن الأفريقي وعدتُ لوطني وما زلت أنهل من علم هذه الشخصية
الجليلة التي تفخر بها القارة السمراء.
د. أمينة العريمي
باحثة إماراتية في الشأن الأفريقي
@gulf_afro
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق