الأربعاء، 30 مارس 2016


صفـقــة إيرانـيــة في أفــريقيـا
عندما توجهت طهران إلى القارة الأفريقية كانت تهدف من توجهها تحقيق مجموعة أهداف منها: فك الحصار الدولي الذي كان مفروضاً عليها بسبب برنامجها النووي والحصول على اليورانيوم من الدول الافريقية "جنوب الصحراء" الغنية بهذا المورد الحيوي،ومحاولتها نقل معاركها خارج حدودها،وضمان السيطرة على معاقل جغرافية وإستراتيجية في تلك المنطقة البعيدة من الإهتمام العربي والخليجي، ونظراً لأهمية البحر في سياسة إيران، ورغبة إيران في كسر العزلة الإقتصادية وإظهار نفسها كقوة منافسة،ومحاولتها السيطرة على ممرات بحرية وبرية لكسب أوراق ضغط جديدة في جنوب الخليج العربي تم إنشاء أهم الخطوط البحرية في شرق أفريقيا (خط ممباسا- بندر عباس)، كما قامت بدعم فرقة الأحباش "المُتطرفة" في أثيوبيا وهي فرقة دينية تأسست في لبنان وإنتقلت بعدها إلى شرق أفريقيا، كما أسست طهران المؤسسة الخيرية للبحوث الإسلامية والرعاية الإجتماعية للمسلمين الجدد والتي حملت رمز (I.R.W.F.A) في مدينة كيكويت الكونغولية في الكونغو -كينشاسا والتي أعلنت على لسان رئيسها "دانغاما جيري" أنها تُمارس دورها في " التبليغ المذهبي"، وتدشين شركة "الكونغو فوتور" لتجارة الألماس، أوما يُعرف بـ"ماس الحروب" أي المُستخرج من مناطق النزاعات،وما يُقلق أن تلك الأموال المُتولدة في هذه الإقتصادات الضعيفة وغير المُنظمة في بعض الدول الأفريقية في كثير من الأحيان يمكن أن تنجح في دعم المنظمات الإرهابية في أفريقيا،مثل بوكو حرام في نيجيريا، وحركة الشباب في الصومال،مما سوف يسهل ضرب المصالح الخليجية والعربية في أفريقيا،خاصة أن طهران تُفضل تحقيق مصالحها الإستراتيجية حتى لو تعارضت مع أيدلوجيتها الدينية،ولنا في موقفها مع أذربيجان المُسلمة والتي تشارك طهران في مذهبها والتي كانت في حالة حرب مع أرمينيا عبرة حسنة، فإيران قامت بدعم أرمينيا "المسيحية" ضد أذربيجان "الشيعية" لأنها كانت تعارض مصالحها الإستراتيجية مما يؤكد أن طهران تُرجح كفة مصالحها الإستراتيجية حتى لو تعارضت مع إيدلوجيتها الدينية.
أفريقياً، تُدرك طهران أن التنظيمات الإرهابية في أفريقيا تناهض الوجود الغربي،وإيران ترغب بوجود معاقل جغرافية وإستراتيجية تابعة لها في أفريقيا،ولتحقيق ذلك أُرجح أن تلجأ طهران إلى توحيد الجماعات الأفريقية المُتطرفة،وستغضُ الطرف "مؤقتا" عن الإختلاف المذهبي مثلاً بين "بوكو حرام السنية" و"المُنظمة الإسلامية الشيعية"التي يرأسها رجل إيران في نيجيريا "إبراهيم زكزكي"،وستتعاون مع الجماعات المُتطرفة التابعة لتنظيم الدولة في أفريقيا لتقض مضجع القوى الدولية حتى يتم الإعتراف بها كقوة إقليمية وبعد تحقيق أهدافها ستستخدم ميلشياتها "الشيعية"لإشعال حرب طائفية على الطريقة "العراقية".
نجحت طهران في تعويض تهميشها بالتنسيق مع دول الساحة الأفريقية،وبعد التوقيع على الإتفاق النووي تضاعف إصرارطهران على نقل معركتها إلى اليمن والبحرالأحمر،مما يؤكد أن التوجهات الإيرانية الإقتصادية ستكون عامل ثابت،وستوسع إيران نفوذها في أفريقيا وستجد الدول الأفريقية مُبرراً لتطويرعلاقتها مع إيران بعد أن تم وضع حد للعراقيل التي كانت تقيد طهران في أفريقيا في ظل غياب مشروع ورؤية خليجية عربية إستراتيجية واضحة.

تم إجراء مقابلة لي حول الموضوع أعلاه في جريدة عين اليوم السعودية يمكن الإطلاع عليها على الرابط التالي:-

أمــــينة الــعريمـــــي
بـــــاحثة إمــــاراتــــية فـــي الــــشأن الأفـــريــقـــي

الاثنين، 28 مارس 2016








"حــرب أفـريقيا العـالميـة الأولــى"
يبدو أن عنوان المقال مُثيراً ولكني لا أظن أنه أكثر إثارة ًمن التصريحات الأخيرة  لمُرشح الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب الذي دعى إلى إعادة إستعمار أفريقيا لمئة عام وكأن أفريقيا قارة بلا قادة وبلا شعب وبلا هوية بل وبلا وجود،  توقفت كثيراً قبل أن أفكر في سبب إطلاق مثل تلك التصريحات وفي هذا التوقيت بالذات ، وتصادف وجودي في إحدى العواصم الأفريقية ( أكرا ) ولمستُ مدى إستياء قطاع كبير من النخبة الأفريقية المُثقفة لمثل تلك التصريحات، وشهدتُ مدى الحنق والغضب حتى في صفحات الجرائد الرسمية الأفريقية الصادرة عشية إطلاق تلك التصريحات التي إعتبرها القادة الأفارقة "غير مسؤولة "، وقد طالت تلك التصريحات " الغير مسؤولة" العرب والمسلمين قبل الأفارقة، وصحيح أن ردة الفعل الإيجابية التي إتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة من جراء تلك التصريحات بإغلاق مجموعة ترامب وتعليق أعمالها في دولة الإمارات تعتبر خطوة جادة لوضع حد لتلك الشزوفرينيا السياسية في التعامل مع الأخر إلا أن ما يلوحُ بالأفق يُنذر بما هو أسوأ للعرب وللأفارقة وللمسلمين.
يرى الساسه الأمريكيون أن المشروع الأمريكي لعالم أحادي القطب لابد له من البحث عن أيديولوجية ثورية تملك طاقة إعادة إنتاج الحراك الأمريكي داخلياً وخارجياً، فهناك مُحددان يُشكلان المَعلم الأساسي للمُجتمع الأمريكي، الأول أنه مُجتمع مُهاجرين وبالتالي فهو مُجتمع يعيش حالة قلق وغموض الهوية بين هوية البلد الأم وبلد المهجر، والثاني الفلسفة الليبرالية المادية سواء كانت أوروبية المنشأ أم أمريكية المنشأ إلا أنها أوجدت حالة من السطحية في الهوية فلم يجد المهاجرون للولايات المتحدة إلى اليوم قاسماً مُشتركاً يتجاوز المنحى المادي المُشترك بين جميع البشر، وظهر هذا المُشترك المادي في مفهوم الحرية المؤطرة بالقانون الذي لا يحمي المُغفلين بدون قيم وبعيداً عن الأخلاق حينما يُريد ، فوجدت السياسة الأمريكية في أفكار الفيلسوف الألماني ( ليو شتراوس) إعادة لتثبيت موقعها تاريخياً وسياسياً ، فشتراوس كان ناشطاً في تيار الإصلاح الصهيوني وتأثر بالوجودية والعدمية ، كما كان لعامل الهجرة والتغرب هرباً من الإضطهاد الذي تعرض له اليهود في ألمانيا على يد هتلر الأثر الأكبر في أفكار شتراوس الذي يؤكد ويوصي على إتباع أسلوب الإزداوجية في الخطاب خاصة في العمل السياسي ، فالخطاب المزدوج من وجهة نظر شتراوس سيكون مُكثفاً وبالتالي ما يبدو هراءاً للأغلبية من الجمهور هو في الحقيقة يُمثل معاني سامية لأولئك الساسة " أولي الأمر" ، كما كان ينصح شتراوس جمهوره بأن لا يكتبوا إلا بالإنكليزية الملتوية الغامضة في التعبير، وهكذا تداخلت الذاتية مع الموضوعية في تشكيل مبادىء عمل المُحافظين الجدد في الولايات المتحدة الذين يشكلون اليوم قوة ضغط فاعلة ترى أن أكبر خطر على الولايات المتحدة لا يتأتى من تراجعها أمام الأعداء فحسب ولكن من خلال فشلها في الإيمان بفوقيتها وإتجهوا إلى تطبيقها في بناء القرن الواحد والعشرين.
رغم يقيني أن أفريقيا " جنوب الصحراء" تعيش منذ مؤتمر برلين أوما يسمى "بمؤتمر الكونغو" 1884-1885 الذي نظم الإستعمار الأوروبي والتجارة في أفريقيا إلى اليوم حالة أشبه بحرب عالمية جعلت الميدان الأفريقي وكأنه شأن أوروبي خالص وإستنزفت وما زالت تستنزف كل ما هو قيم في تلك القارة ، إلا أن تلك الحرب بقت مُستترة خلف إستقلال " شكلي "لمعظم الدول الأفريقية سرعان ما سُمع دوي صوتها بعد أن شهدت أفريقيا مداً أمريكياً واسعاً وسريعاً بدأ في عام 1991 وضمن بقاءه للقرن الواحد والعشرين بإطلاق مشروع القرن الأفريقي الكبير وتمديد قانون النمو والفرص في أفريقيا وتدشين المجلس الإستشاري الأفريقي وتعزيز قاعدة أفريكوم ، وشهدت فترة تسعينيات القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين تزايداً في نشوب النزاعات داخل الدول الأفريقية (جنوب الصحراء) ، فأفقياً نشبت نزاعات بين مختلف الكتل العرقية والثقافية داخل الأراضي القومية للدولة الواحدة وتبين ذلك في صراع الهوتو والتوتسي في روندا ، ورأسياً بين جماعات تشعر بالإقصاء والتهميش من السلطة المركزية وتبين ذلك من تجارب تمرد مجموعة "التواريج" في منطقة الساحل ، والنزاعات في حوض نهر مانو وجمهورية الكونغو الديموقراطية، والعديد من تلك النزاعات نشبت كحركات داخلية أو حروب أهلية، إنتشرت بعد ذلك بقصد أو بدون قصد إلى البلدان المجاورة أو إنتهى أمرها بنوع من التدخل أو التواطؤ من الدول المجاورة والقوميات العرقية عبر الحدود الدولية، وهنا بدأت الإدارة الأمريكية في العمل على منع  بعض الصراعات دون غيرها وعلى عكس عادتها وذلك بسبب  قربها من مناطق إستراتيجية لحقول النفط ، ووفقاً لهذه الرؤية شهدنا توقف صراعات مُعقدة ظلت مشتعلة لعقوداً طويلة منها الصراع بين أنغولا وحركة يونيتا في ابريل 2002 ، والسبب في تلك المبادرة الأمريكية هو نفط أنغولا الذي أصبح يمثل أهمية كبرى للإدارة الأمريكية، كما شهدنا إنفصال جنوب السودان 2011 عن شمال السودان وبرعاية أمريكية والسبب في ذلك الموارد الحيوية التي يتمتع بها جنوب السودان ، فالولايات المتحدة لم تكن ترى في أفريقيا جنوب الصحراء مصلحة إستراتيجية إلا بعد عام ١٩٩١وسقوط الإتحاد السوفيتي وظهور التنظيمات الإرهابية المتشددة والتي لها ولاءات خارجيه، أضف الى ذلك الإتجاه الأمريكي للنفط الأفريقي الذي لا يحتاج لسياسه نقديه موحده قد تضر بالمصالح الأمريكية وقربه الجغرافي من السواحل الشرقية للولايات المتحدة وعدم حاجته للتكرير لإنخفاض نسبة الكبريت فيه، كل تلك الأسباب كانت كفيله بإطلاق مشروع القرن الأفريقي الكبير والمجلس الإستشاري الأفريقي ومواققة الكونغرس الامريكي على تمديد قانون النمو والفرص في افريقيا لمدة عشر سنوات قادمة .
كوننا مواطنين خليجيين واعين بالتوقيت السياسي الذي نتحدث في إطاره ومُدركين تمام الإدراك لمحاذيره نؤكد أن العلم قادر على إحترام نفسه والترفع عن هوى السياسه ، فالولايات المتحدة بعد توصلت لإتفاق مع طهران خاص بمشروعها النووي، فمن المُرجح  إذن أن تتوصل لإتفاقية مع التنظيمات الإرهابيه مثل داعش في سوريا والعراق، وبوكو حرام في نيجيريا، والشباب المجاهدين في الصومال، وتوقيع أي إتفاق هو إعتراف ضمني بالطرف الأخر أو بمعنى أصح بقوة الطرف الأخر، وسنشهد قريباً نهاية زمن التعامل مع الإرهابيين في الخفاء ليظهر التعامل معهم في العلن وعلى مرأى ومسمع من الجميع مما يهدد الأمن القومي لدول الخليج العربي والدول العربية ، فإنتعاش سوق السلاح لابد أن يستمر ولا يهم بيد أي طرف يكون السلاح -الأضعف أو الأقوي، الشرعي أو المتمرد ، المهم أن لا يتوقف السوق، وستشهد أفريقيا جنوب الصحراء قريباً تحولات جذرية تكرس النواقص وتقتلع الإنتماء ،،،،،

تم نشر المقال في جريدة الفجر الإماراتية


أمــــينة الــعريمـــــــي
بـــــاحثة إمــــاراتــــية فـــي الــــشأن الأفـــريــقـــي








الاثنين، 14 مارس 2016

صور من لقائي مع المُفكر السياسي الدكتور منصور خالد/ وزير الخارجية الأسبق،وممثل هيئة اليونسكو ورئيس اللجنة الدولية للبيئة والتنمية





إلى من عرفتهُ قبل أن ألقاه، وأدركتُ عُمق ما في نفسه من مُثل وقيم ومبادىء وأخلاق تم إسقاطها من قاموس الحياة اليوم،إلى من أهداني دون أن يعرفني مُفتاح العلم والمعرفة وأوصاني دون أن يلقاني بالمُضي قُدماً مهما كانت الظروف،إلى من بحثتُ في مُخيلتي عن مثله فلم أجد فرحتُ أهرول في زوايا وطُرقات هذه الحياة لعلي أجدُ المسلك الذي سلكهُ فأحتذيه، إلى من أدركتهُ معنى وأمنتُ به قيمة،، إلى الدكتور والمُفكر السياسي منصور خالد، شكراً لمعرفتك وشكراً لوجودك في حياتي،،،،،
أمينــــــة العريمـــــي

14/3/2016






تشرفت بمقابلة السيد ممثل رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت،وحديث حول الهوية الأفريقية وكيف كانت سبباً في ويلات الحروب والتشرذم من جانب،والتعاون والتماسك والإصرار من جانب أخر،كان لقاءاً مُمتعاً ومُثيراً،وأجمل ما تبادرعلى مسامعي في تلك الجلسة الرائعه القول المأثور لرموز القارة الأفريقية " نحن أمة باقية ما بقت الحياة ، وخالدة ما بقى التاريخ "،،،،،
أمينة العريمي

12/3/2016