الأربعاء، 27 أبريل 2016



صورة لجبهة شرق افريقيا في الصومال والتابعة لتنظيم الدولة " داعش"
الصومال، بين تقسيمها وترهيبها
تقول الحكمة الأفريقية القديمة " صوت البوم مشؤوم، لأنه يصوت حين لا تصوِّت الطيور الأخرى".
تبدو تلك الحكمة الأفريقية القديمة في محلها ونحن نشهد ولادة ما يسمى بــ ( جبهة شرق أفريقيا ) التابعة لتنظيم الدولة "داعش" في مملكة النبط القديمة (الصومال)، وكأن أرض الألهة والرمح والأبل (الصومال) موعودة بسعير مُقيم وجد له في أرضها أرضية خصبة ومناسبه ليقضي على كل بادرة للحياة في تلك الأرض التي ما زالت تصارع الحياة لإنتزاع حقها من التاريخ والإقتصاد والسياسة
لم أتفاجىء شخصياً بالمولود الجديد "جبهة شرق أفريقيا" فالظروف السياسية والتاريخية والإقتصادية التي تعصف بالصومال منذ عام 1991 تنبىء بما هو أخطر من تناسل التنظيمات الأرهابية، خاصة أن الدول المجاورة للصومال تغزل نسيجها لإبقاء الوضع الصومالي على ما هو عليه، وإن كان هناك ما هو أسوء فسيتم غزله وسيفرض على الصومال إرتداؤه.
تبدو الدول المجاوره للصومال (أثيوبيا ، جيبوتي ، كينيا ) داعمه لما يحدث في مملكة النبط القديمة من بوادر التقسيم ومطالبة بعض الأقاليم الصومالية بالإنفصال والإستقلال الذاتي، إلى تناسل التنظيمات الإرهابية كحركة الشباب المجاهدين وجبهة شرق أفريقيا مؤخراً، ففيما يتعلق بتقسيم الصومال، فأثيوبيا تُعتبر من أكثر دول القرن الافريقي الداعمه لتقسيم الصومال، لعدم إمتلاكها لأي منفذ بحري بعد إستقلال إريتيريا 1993، وإرتفاع عدد سكان أثيوبيا من جهة وضعف الطاقة الإستيعابية لميناء جيبوتي لحركة صادرات وواردات دولتين من جهة أخرى، جعلت أديس أبابا تُفكر في اللجوء إلى موانىء الإقاليم الصومالية شبه المستقلة ( بونتلاند، أرض الصومال )، فأثيوبيا ترغب في وجود أكثر من بديل للوصول إلى المياه، ومن الجدير بالذكر أن وزير الشؤون الخارجية لأرض الصومال ( الدكتور / محمد عبدالله عمر) صرح بتاريخ 22-8-2011 أن هناك إتفاق ثلاثي بين ( الصين / أرض الصومال/ أثيوبيا) يستهدف توسيع ميناء بربره، وتشييد الطريق الذي يربط بين أرض الصومال وأثيوبيا (من العاصمة هيرجيسا حتى إقليم أوغادين الأثيوبي) ووجود الصين في هذا الإتفاق يمهد للإعتراف الصيني بأرض الصومال كدولة مستقلة، أما جيبوتي فترى أن موانىء الإقاليم الصومالية منافسة لها، ومع قيام حكومة أرض الصومال بتصدير المواشي الى دول الخليج العربي عبر ميناء بربرة الدولي تقدمت جيبوتي بإقتراح أن يتم التصديرعبر أراضيها كونها دولة مُستقلة معترف بها دوليا ًعلى عكس إقليم أرض الصومال في محاولة لعرقلة تطور إقتصاد إقليم أرض الصومال، وعندها جاء الرد من (هيرجيسا) بعقد مؤتمر صحفي ترأسه حينذاك وزير تنمية الثروة الحيوانية في أرض الصومال (إدريس إبراهيم عبدي) حذر فيه مواطنيه من إستخدام الموانىء الجيبوتية وإلا سيتعرضون للمسائلة القانونية وسيواجهون تهمة تخريب الإقتصاد، أما كينيا، فترى إن إقامة منطقة عازلة بطول 100 كلم ( إقليم جوبلاند) داخل الأراضي الصومالية المُتاخمة للحدود الكينية وإحتلالها سيساعد نيروبي على الإستفادة من خيرات الإقليم وصرفها لمصالحها الإقتصادية ، والسيطرة الكاملة على ميناء( كيسمايو) الذي يعتبر قاعدة لتموين حركة الشباب ومركزاً للإتصالات والمراقبة البحرية، فضلاً عن فتح ممر بحري أمن لعمليات ضد جنوب الصومال تستهدف الحركة ووجودها في الصومال، فميناء (كيسمايو) يشكل شريان الحياة لحركة الشباب المجاهدين، ويوفر لكينيا حلقة إتصال خارج الصومال وهذا هو الهدف الإستراتيجي المباشر للهجوم العسكري الكيني على الصومال، من ناحية أخرى نجد أن القوى الدوليه  ترى أن وجود النفط في إقليمي ( أرض الصومال ) و ( بونتلاند) يدعم توجهها الإنفصالي كما أن الإعتراف بأرض الصومال وبونتلاند كدول مُستقلة سيساعدها  على التخلص من أزمة جنوب الصومال، أضف إلى ذلك أن الموقع الإستراتيجي للإقليميين وإرتباطهما بأمن البحر الأحمر جعل أغلب الدول تتعاون مع إدارات تلك الأقاليم .
مخاطر تقسيم الصومال
·       عدم الإستقرار السياسي والتحديات الأمنية الكامنه في الصومال من المرجح أن يمنعا الجدوى والربحية للمشاريع الإستثمارية كما يمكن أن يسببا إرتداداً للتحسينات التي جاءت بشق الأنفس للحكومة الصومالية .
·       الإقاليم الفيدرالية ستدخل في إتفاقيات متضاربة لإستخراج النفط مع الشركات الخاصة فالطبيعة التنظيمية المجهولة لتلك الموارد قد أثبتت بالفعل بأنها إشكالية في المناطق المتمتعه بحكم شبه ذاتي مثل ( أرض الصومال) و( بونتلاند) وهذا ما فعلته تلك الحكومات الذاتية عندما منحت تراخيص خاصة بها دون مباركة الحكومة المركزية ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الإضطراب والصراع حول الحقول المربحة وتوزيع العائدات.
·       الصومال ليست مستعدة لتطوير النفط رغم الممرات البحرية الملاحية والثروات الغير المستغلة والتي تشير بعض المصادر أنها تقدر بــ ( 110) مليارات برميل، ولا غرابة أن تكون شركات النفط متعددة الجنسيات مفتونه ولكن المستثمرين سيكونون من الحكمة أن يفكروا مرتين .
·       شركات النفط الاجنبية ستواجه درجة عالية من عدم الإستقرار السياسي كما أن الشروط القانونية والدستورية في الصومال غامضة في تحديد من يمكن أن يتفاوض على عقود مع شركات النفط .
ولكن ما الذي يهدد إقليمي  بونتلاند وأرض الصومال ؟
·       التنافس بين (بونتلاند) و ( أرض الصومال) على منطقة ( سول و سناغ) قد تؤدي إلى صراع مفتوح يهدد إستقرار وأمن الإقليمين وبما أن الإقليمين غيرمعترف بهما لذلك فهما خاضعين لحظر الأمم المتحدة على بيع السلاح للصومال حيث تحتاج الى إذن من لجنة العقوبات قبل إستيراد معدات عسكرية أو إجراء تدريبات عسكرية .
·       ما يهدد إقليم أرض الصومال ضعف مؤسسات الحكم لضعف الدعم الدولي بسبب عدم الإعتراف الدولي الذي يحرم السلطات في أرض الصومال من الحصول على دعم المؤسسات السياسية والاقتصادية الدولية .
·       وجود المنظمة السياسية المسماه ( خاتومو) وهي منظمة سياسية تتبع عشيرة ( دولبهانتي) التي تسعى الى الإنفصال عن إقليم أرض الصومال وتعاني من إنقسامات ما بين موالين ( لبونتلاند ) و ( أرض الصومال ) و ( منظمة خاتومو) .
·       أنشطة حركة الشباب الصومالية التي نجحت في إغتيال نائب منطقة بونتلاند سعيد حسين نور في مدينة غالكايو، ويُعد نور ثاني نائب عن بونتلاند يقتل بأيدي حركة الشباب.
جاءت قضية تقسيم الصومال التي يعاني منها الواقع الصومالي مناسبة ليعزز تنظيم الدولة "داعش" وجوده في الصومال ويضمن أنه سيسير بخطى ثابته لن تتزعزع ما دام صوته المشؤوم يصدح في أرض لا يُسمع فيها إلا صوت البوم.
هناك إحتمالان أرى بأنهما يقفان وراء "جبهة شرق أفريقيا" التي ظهرت مؤخراً في الصومال
الأول، قد تكون هذا الجبهة جزء من حركة الشباب المجاهدين، صحيح أن حركة الشباب لم تُبايع تنظيم الدولة ولكن لا يمنع أن تشكل فصيلاً تابع لها في السر ولكن ضدها في العلن لكسب مزيد من الأوراق في تلك المنطقة، والثاني، لو فرضنا أن هذا التنظيم الجديد غير تابع سراً لحركة الشباب المجاهدين إلا أنه ببيعته لتنظيم الدولة "داعش" سيثبت قوته على الأرض قريباً خاصة أنه يتفوق على حركة الشباب المجاهدين تقنياً وتسليحاً ومادياً وقد يقود ذلك لإنضمام جماعة الشباب المُجاهدين لهم غداً
السيناريوهات المحتملة :-
السيناريو الأول: مع توالد التنظيمات الإرهابية في الصومال قد تتدخل بعض القوى الإقليمية وحلفاءها من المُعارضين لبناء سد النهضة في دعم هذا التنظيم الإرهابي الجديد لإزعاج القيادة الاثيوبية مما ينبىء بسيناريو مُخيف قد يعصف بكل خطط التنمية التي يترقبها القرن الافريقي ودوله من سد النهضة، رغم أنها لن تملك أن توقفه، خاصة أن سد النهضة سيعمل بشكل كامل خلال عام من الان، من ناحية أخرى قد تستعمل بعض القوى الأقليمية تلك التنظيمات الإرهابية لقض مضجع أديس ابابا من خلال ضرب مصالحها في الموانىء الصومالية مثل ميناء بربرة في إقليم صومالاند وفي ميناء بوصاصو في إقليم بونتلاند، وحتى إقليم أوجادين الذي تحتله أثيوبيا منذ القدم.
السيناريو الثاني : قد تسبق (أثيوبيا) بعض القوى الإقليمية في التعامل مع تلك التنظيمات الإرهابية وإستخدامها بما يحقق مصالحها خاصة أن أديس أبابا تعتبرالقوة الفاعلة في القرن الأفريقي ويمكن أن تقدم لمثل تلك التنظيمات ضمانات حقيقية تضمن بقاءها في الساحة الصومالية كقوة فاعلة ومُسيطرة.
من المُرجح أن تمُر منطقة القرن الأفريقي بمرحلة مفصلية، وقد نشهد توالد للتنظيمات الإرهابية حتى في تلك الدول المُستقرة سياسياً في القرن الأفريقي مثل ( جيبوتي )( أريتيريا )، وفي ظل ذلك المشهد ستعود القرصنة في السواحل الشرقية للصومال بشكل أقوى مما كانت عليه سابقاً وقد تمتد لعموم الموانىء الأفريقية الأخرى المُطلة على المحيط الهندي، ومن البديهي حينها أن تتتعاون المُنظمات الإرهابية التابعة لتنظيم الدولة مثل بوكو حرام وغيرها من التنظيمات في دول غرب أفريقيا مع تلك المتواجدة في شرق أفريقيا مما ينبىء على توحدها لتشكل بذلك ذراع قوي لتنظيم الدولة في أفريقيا والذي سيُمارس كافة قوته وأذرعه لتغيير الموازين على الأرض وسيحظى بدعم دولي مُستتر ما دام لم يتعرض لمصالح القوى الدولية التي ترغب بتواجده في تلك المناطق التي تشهد صراعات مُتلاحقة لتحريكه في الوقت المُناسب، كما يمكنها إستخدامه مُستقبلاً في مناطق يُراد لها أن تنال نصيباً من ويلات الصراع.


 تم نشر الدراسة السابقة في مركز مقديشو للبحوث والدراسات الإستراتيجية على الرابط التالي :


تم نشر الدراسة في جريدة الفجر الإماراتية على الرابط التالي:


كما تم نشر الدراسة في مجمع الأفارقة تحت عنوان جبهة شرق افريقيا”هل ستساهم في تفاقم الوضع في الصومال؟على الرابط التالي:-

تم نشر الدراسة في الحصيلة السياسية في دولة الكويت على الرابط التالي :

أمــــــينة الـــــعريــــمي
بـــاحثة إمــــاراتــــية فـــي الـــشأن الأفـــريـــقي

Afrogulfrelations_21@outlook.com

الأحد، 10 أبريل 2016







إيران " تاجكو" في أفريقيا
يقول المثل الأفريقي القديم " ما دامت النمور لا تمتلك مؤرخيها ، فإن حكايات الصيد ستظل تُمجد الصيادين".
بعد أن أعلنت السلطات الأمنية الغامبية في أواخر 2015 القبض على شحنة أسلحة إيرانية تحتوي على صواريخ من عيار 107 ملم مُصممة لمهاجمة أهداف ثابتة والتي تستخدمها الجيوش لدعم وحدات المشاة في طريقها إلى إحدى الدول الأفريقية (نيجيريا)، أقدمت الحكومة الغامبية برئاسة الرئيس يحيي جامع على طرد الدبلوماسيين الإيرانيين من أراضيها، وأعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وإلغاء جميع المشاريع المُبرمه بين بانجول وطهران، بعد إتهام غامبيا لإيران بمزوالتها أنشطة تخريبية على أراضيها،وتزامن ذلك بطرد مجموعة من رجال الأعمال الغامبيين "من أصول لبنانية " بعد إن إتهمتهم بانجول بممارسات تجارية غير مقبوله أضرت بالإقتصاد الغامبي وتشغيل شبكة أعمال أفريقية في عدد من الدول المجاورة مثل أنغولا والكونغو الديموقراطية والسيراليون لصالح طهران والتنظيمات التي تدعمها، وأعطتهم مهلة لمدة ثلاثون يوماً لإغلاق جميع شركاتهم المحلية التي إعتبرتها بانجول واجهة لطهران في أفريقيا، إلا أن تقرير وزارة الخزانة الأمريكية جاء مُؤخراً ليؤكد عن كشفه لتفاصيل شبكة التمويل الأولى لإيران في أفريقيا " جنوب الصحراء" والتي أطلق عليها " شبكة /Tajco"، والتي قامت بتبيض أموال لصالح الجمهورية الإيرانية والتنظيمات الإرهابية التي تتلقى دعماً أمنياً ومادياً "لوجستيا" من طهران.
نجحت شبكة " تاجكو" في تأسيس شركات تعمل في مجال الإستثمارات العقارية ( بناء مساكن ، فنادق، مجمعات تجارية ومصانع للمواد الغذائية ) مثلAfrosfran ، Afribelg، Golfrate، في بعض الدول الأفريقية " جنوب الصحراء" مثل: أنغولا، غامبيا ، الكونغو الديموقراطية، والسيراليون، وجزر فيرجن البريطانية، وسنأتي على ذكرها بالتفصيل.
شهدت كينشاسا عاصمة الزعيم الروحي للكونغو الديموقراطية " باتريس لومومبا" نشاطاً إيرانياً غير مسبوق بدءاً بتأسيس مدارس دار الهدي والجمعية الإسلامية لأهل البيت، والإيخاء الإسلامي، ومسجد الرسول الأعظم، والمؤسسة الخيرية للبحوث الإسلامية والرعاية الإجتماعية للمسلمين الجدد والتي حملت رمز (I.R.W.F.A) في مدينة كيكويت الكونغولية والتي أعلنت على لسان رئيسها العام السيد ( دانغاما جيري سليمان ) أنها تُمارس دورها في " التبليغ المذهبي"، وإنتهاءاً بتأسيس شركة "Ovlas وشركة "الكونغو فوتور" والتي تبدو ظاهرياً أنها شركة للمُنتجات الغذائية، إلا أنها في واقع الحال شركة لتجارة الألماس، أو ما يُعرف بـ"ماس الحروب"، والمقصود بـ"ماس الحروب" أي المُستخرج من مناطق النزاعات، ومن الجدير بالذكر أن دولة بوروندي والتي لا تنتج الذهب، والماس، والرصاص، والكوبالت قامت بتصدير هذه المعادن جميعها وفي وقت واحد بالتزامن مع وجود قواتها في الأجزاء الغربية لجمهورية الكونغو الديموقراطية ، الكونغو-كينشاسا ما زالت إلى اليوم منجماً للثروات الطبيعية ولكنها تعيش في دوامة من الإستغلال والإنتهاك الغير قانوني للثروات الطبيعية بصورة تستدعي دق جرس الإنذار، من المُفارقات المؤلمة إنني أثناء سفري من جنوب إفريقيا ( بريتوريا) إلى روندا (كيغالي) توقفت في مقاطعة باندوندو الكونغولية وبالتحديد في مدينة كيكويت وأصطحبني أحد الأصدقاء إلى ندوة تتحدث عن تاريخ شركة “De Beers في أفريقيا "جنوب الصحراء" والذي يرجع لعام1881، والمستحوذة على سوق الألماس العالمي، وخرجت من تلك الندوة لا أتذكر شيئاً إلا ما قاله أحد المتواجدين في القاعه " أفريقيا جنوب الصحراء واقعة تحت وطأة ما يسمى مصلحة (win-win) المُربحة لجميع الأطراف التي تتنافس على خيراتها ما عدا الأطراف الوطنية وهذا ما كان يُحاربه رموز أفريقيا ودفعوا حياتهم ثمناً لها .
 أما في أنغولا ( لوندا ) فتم تأسيس شركة ((Golfrate المملوكة بالكامل لشركة Ovlas  التجارية، والتي تعتبر جزء من العمليات الرئيسية لشبكة "تاجكو"، أما في غامبيا فتم تأسيس أكبر مبنى تجاري (Kairaba) التابع لشبكة "تاجكو" ويضم فندق وأسواق تجارية ساهمت -كما تقول -بتوفير الكثير من فرص العمل لمئات الغامبيين مما ساعد في خفض البطالة، ومن الجدير بالذكر أن ( تاجكو) تعتبر أهم مستوردي الأرز والدقيق والسلع الأساسية في بانجول (غامبيا)، والغريب أنه بعد أن أعلنت السلطات الغامبية القبض على أفراد شبكة تاجكو أصدر الرئيس  الغامبي ( يحيي جامع) عفواً رئاسياً عن أحد أفراد تلك الشبكة، وتم إنهاء تلك القضية وحفظها في دلالة واضحة على حجم الوجود والتأثير الإيراني في تلك المنطقة البعيدة عن الإهتمام العربي والخليجي، أما في أنغولا، فقد قررت الحكومة الأنغولية إيقاف نشاط الشركات التابعة لشبكة " تاجكو" بسبب الإضرار بالإقتصاد الأنغولي، ومساعدة تنظيمات إرهابية، وحاولت طهران عن طريق رجال الأعمال الذين أوفدتهم إلى لوندا للتفاوض مع الحكومة الأنغولية للوصول إلى إتفاق كالشراكة مثلاً، ولكن السلطات الأمنية في لوندا لم تسمح بذلك ، ومن الجدير بالذكر أن أنغولا أعلنت أن هناك شركات على أراضيها متورطة بالشراكة مع شبكة تاجكو مثل شركة (Arosfran) والتي  قامت السلطات الأمنية الأنغولية بترحيل جميع العاملين فيها بسبب وضعهم الغير القانوني، وممارستهم لعمليات غسيل الأموال والإرهاب لصالح طهران، وأصدر القضاء الأنغولي حكمه بحظر دخولهم للأراضي الأنغولية لمدة 20 عاماً، وأعلن بنك الإستثمار الأفريقي أنه منع حسابات ثلاث شركات وهي : Afrosfran  ، و Afribelg، و، Golfrate، التابعه لشركة (تاجكو /Tajco )، بإعتبارها جهات مانحة لتنظيمات إرهابية.
بدت شبكة  " تاجكو " بعد كشفها عبارة عن شبكة متعددة الجنسيات ، تقوم بضخ ملايين الدولارات لتضمن معاقل جغرافية وإستراتيجية للجمهورية الإيرانية ومن تقوم بدعمه من تنظيمات وميلشيات سواء في أفريقيا أو في مكان أخر من هذا العالم ، كانت تلك الشبكة تسمى في أفريقيا  بــ " الشبكة المالية " لطهران ومن تدعمه من تنظيمات حيث إنها تقوم بجمع التبرعات لتقديم الدعم للتنظيمات والأنشطة الإيرانية ليس فقط في القارة السمراء بل إمتد نشاط تلك الشبكة في أسيا فعلى سبيل المثال تم تأسيس  مدينة للألعاب المائية مؤخراً في محافظة النجف الأشرف العراقية بحضور محافظ النجف ( عدنان الزرفي)، كما كانت تعمل تلك الشبكة بإعتبارها الكيان الرئيسي لشراء وتطوير العقارات نيابة عن طهران وتحت إسم (TAJCO LLCإلا أن ما يُقلق أن تلك الأموال المُتولدة في هذه الإقتصادات الضعيفة وغير المُنظمة في بعض الدول الأفريقية " جنوب الصحراء" في كثير من الأحيان يمكن أن تنجح في دعم المنظمات الإرهابية في أفريقيا ، مثل بوكو حرام في نيجيريا، وحركة الشباب المُجاهدين في الصومال مما سوف يسهل ضرب المصالح الخليجية والعربية في أفريقيا "جنوب الصحراء"، خاصة أن طهران تُفضل تحقيق مصالحها الإستراتيجية حتى لو تعارضت مع أيدلوجيتها الدينية والطائفية ولنا في موقفها مع أذربيجان " المسلمة والتي تشارك طهران في مذهبها" والتي كانت في حالة حرب مع أرمينيا عبرة حسنة.
نجحت طهران في تعويض تهميشها بالتنسيق مع دول الساحة الأفريقية،وبعد التوقيع على الإتفاق النووي تضاعف إصرارطهران على نقل معركتها إلى اليمن والبحرالأحمر،مما يؤكد أن التوجهات الإيرانية الإقتصادية ستكون عامل ثابت،وستوسع إيران نفوذها في أفريقيا وستجد الدول الأفريقية مُبرراً لتطويرعلاقتها مع إيران بعد أن تم وضع حد للعراقيل التي كانت تقيد طهران في أفريقيا في ظل غياب مشروع ورؤية خليجية عربية إستراتيجية واضحة.
 تم نشر المقال في جريدة الفجر الإماراتية على الرابط التالي :
وتم نشر المقال في جريدة الحصيلة الكويتية على الرابط التالي :

أمــــينة الــعريمــــي
بـــــاحثة إمــــاراتــــية فـــي الــــشأن الأفـــريــقـــي