الصـــــومال " كــــويت أفـــــريقيـــا "
الصومال ،، مملكة النبط القديمة وأرض الرمح والأبل ، أرض الألهة والعطور ومركز الإشعاع الفكري لشرق آفريقيا منذ أكثر من أربعة آلاف سنه قبل الميلاد، أرض الزعيم الخالد (أحمد جري) الذي يرجع الفضل إليه في نشر الإسلام من الصومال حتى بلاد النوبه في القرن السادس عشر الميلادي.
قصدت الصومال لأول مره عام 2011 في رحلة علمية بدأت من أبيدجان في ساحل العاج وإنتهت إلى العاصمة الصومالية مقديشو، وما بين العاصمتين الأفريقيتين وجدت أن مفهوم السلم ظل مفهوماً مُحيراً طوال تاريخ أفريقيا بعد الحقبة الإستعمارية ، وثبت أن السلم والتنمية أصعب وأعقد في تحقيقهما مما تنبأ به المتفائلون الأفارقة في الحقبة التي تلت الإستقلال مباشرة وذلك لعدد من العوامل المحلية والخارجية تمثلت أمامي وأنا أتجول في أرض الرمح والأبل أحاول فهمها وفهم ما ألم بها من خلال عيون أبناءها الذين ما أنكفأوا على أنفسهم لحظه حتى فوجئوا بمن يرهبهم ويهجرهم ويتربص بهم، فبعد الإستقلال خرجت الصومال بعدها للعالم بصراعات اختلط فيها السياسي بالقبلي بالإقتصادي وشهدت الصومال وجود إدارات إقليمية إنفصاليه يضعف إرتباطها بالحكومة الإتحادية ولا تسيطر بالمطلق على الأراضي التي يدعون تمثيلهم لها إلا أن الموقع الإستراتيجي لتلك الأقاليم وتمتعها بالأمن والإستقرار والتحول الديموقراطي وإحتوائها على مخزون نفطي مع ظهور قوى إسلامية جهادية دفع القوى الدولية والإقليمية على إذكاء الصراع الصومالي الصومالي، حتى جاء ما يسمى بــــ ( إتحاد المحاكم الإسلامية) الذي نجح في بسط سيطرته على الأراضي الصومالية لمدة ستة أشهر إلا أن المحاولات الإقليمية والدولية نجحت في إنهاء حكم المحاكم الإسلامية بحجة محاربة الإرهاب، وبعد هزيمة إتحاد المحاكم الإسلامية جاءت حركة (الشباب المجاهدين) الصومالية التي كانت الذراع العسكري لإتحاد المحاكم الإسلامية لتبدأ الصومال فصل جديد يعبر عن غياب السياسة بمفهومها التوافقي مقابل إعلاء المصالح الخاصة والفئوية فإنتشر الفساد والفقر ولغة السلاح والتشرد .
بدأت القوى الدولية تتصارع في أرض الصومال بعد أن أعلن البنك الدولي أن الصومال ستكون من الدول المرشحة في ريادة إنتاج النفط ، ولا عجب إذن أن نرى على شاشات التلفاز حرص بريطانيا على تولى زمام المبادرة لمقاربة الشأن الصومالي في مؤتمري لندن حول الصومال من فبراير 2012 إلى مايو 2013، ودخول تركيا بقافلة إستثمارات قُدرت بالمليارات لبلد لن يستطيع سداد ما يضخُ فيه من أموال ، وقبل تقرير البنك الدولي بأكثر من تسعين عاماً وبالتحديد عام 1916 أصدرت سلطة الحماية البريطانية تقريرها الأول (Report on the daga Shabel oil field) وخرج ذلك التقرير بنتيجة واحدة مفادها أن الإحتياطات المتوقعه في الأراضي الصومالية بلغت مائة مليار برميل من النفط وبذلك تكون الصومال قد تساوت مع دولة الكويت من حيث إحتياطاتها وأستحقت أن يطلق عليها ( كويت أفريقيا )، ومنذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا تشهد أرض الزعيم ( احمد جري) صراعاً دولياً يرقى لمستوى الحرب الباردة بين جميع الأطراف.
التنافس الدولي في الصومال
أبرمت شركة (JACKA RESOURCES) الإسترالية إتفاقاً مع (PETROLEUM LIMITED) على أن تحصل على نسبة (50%) من إمتياز النفط في أرض الصومال وأكدت الشركة الإسترالية أن منطقة (هبرقرحجس) شبيهة جيولوجياً لأحواض أوغندا واليمن التي أكتشف فيها إحتياطيات من النفط والغاز الطبيعي، من جانب أخر بدأت شركة (PETRO QUEST AFRICA) التابعة لشركة الإستكشاف الأمريكية (LIBERTY PETROLEUM) بعقد للحصول على قطاع من حكومة أرض الصومال ( غالمودوغ) ويبدو أن إمتياز شركة ليبرتي تتداخل مع قطاع تزعم شركة (SHELL) الهولندية البريطانية أنها صاحبة الإمتياز فيه في رسالة حصرية وجهتها شركة شل بتاريخ 24-4-2013 تطالب فيه من السلطات الصومالية أن تؤمن حقوقها الحصرية في هذا القطاع، وأعلن تحالف شركات (HORN OIL ) و(AFRICA OIL CORP) و ( RED EMPEROR COMPANY ) بأعمال حفر لبئرين بتروليين في منطقة ( نوغال) و( طرور) في الإقليم الشمال الشرقي للصومال،كما تم الإعلان عن تقاسم أمريكي كندي في إنتاج النفط في ذات الإقليم بين شركتي ) CANMEX) و (RANGE RESOURCES)،كما أعدت شركة الإستشارات الأمنية البريطانية ( أسابي ) للمخاطر مخطط وحدة حماية النفط في أرض الصومال (OPU) عام 2013 والتي تتعاقد معها جميع شركات النفط العاملة في أرض الصومال وتتراوح تكلفتها من 20 إلى 25 مليون دولار سنويا،ً إلا أن ما يواجه هذه الوحدة غياب قانون ينظم نشاطها مما يؤهلها لتكون قوة شبه عسكرية فأي خدمات أمنيه جديدة خارج إطار أجهزه الشرطة والجيش والإحتجاز يجب أن يقرها البرلمان.
النشاط الإستثماري الخليجي في الصومال
خليجياً ،وقعت شركة (P&O)( Peninsular and Oriental Steam Navigation Company) المملوكة لإمارة دبي مذكرات تفاهم لتطوير ميناء بربرة الدولي في مارس 2015، كما قادت دولة الامارات مبادرة المصالحة بين الأطراف الصومالية التي تمثلت بــ (ميثاق دبي) للمصالحة الصومالية الذي جاء تأكيداً لمحادثات لندن وإسطنبول لتعزيز المصالحة بين الأطراف الصومالية، ويعد هذا الميثاق الإتفاق الأول من نوعه بين الحكومة الصومالية وحكومة أرض الصومال منذ أكثر من 21 عاماً، وأكد معالي الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشئون الخارجية وقوف دولة الامارات مع الأخوة في الصومال وأضاف أن توقيع القيادات الصومالية هذا الميثاق يؤكد أن شعب الصومال هو شعب واحد يتواصل ضمن أطر حضارية تمثله، إلا أن نتائج تلك المبادرة يبدو أنها لم تؤتي أكلها بعد إعلان فوز ( أحمد مادوبي ) زعيم ميلشيا (رأس كامبوني) رئيساً لإقليم (جوبالاند) الجنوبي بتاريخ 15/8/2015 والذي يدين بالولاء لكينيا وبذلك تكون الصومال تقسمت إلى ثلاثة أقاليم رئيسة تطالب أثنان منها بالحكم الذاتي أما الثالث فيطالب بالإستقلال الكامل ويشهد توافد ممثلين من القوى الدولية رغم عدم إعتراف المجتمع الدولي به.
نجحت شركة غاز رأس الخيمة،و(DNO) النرويجية الاماراتية في الحصول على عقد بدء العمل في الصومال، أما المملكة المملكة العربية السعودية فقد قدرت الإستثمارات السعودية في الصومال بحوالي 40 مليون ريال ، كما ساهمت المملكة بوجه خاص في إرتفاع الصادرات الصومالية المطرد على مدى السنوات الست الماضية، في أعقاب خطوة لرفع حظر دام تسع سنوات على إستيراد الماشية من الصومال درءاً لإنتشار حمى الوادي المتصدع، وتشكل الثروة الحيوانية الدعامة الأساسية للإقتصاد الصومالي، إذ تساهم بنحو 40 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، أما الإستثمارت الكويتية في الصومال فإقتصرت على محطة الكهرباء وملحقاتها في مقديشو، ومشروع زيادة الطاقة الكهربائية في مقديشو وضواحيها ، أما دولة قطر فقد أبرمت إتفاقية مع جمهورية الصومال لتنظيم إستقدام العمالة الصومالية للعمل في دولة قطر، أضف إلى ذلك وجود لجنه قطرية صومالية تم تشكيلها مؤخراً لدعم الصحه والتعليم في الصومال، وبالرغم من أن هناك سبع دول عربية أعادت فتح سفاراتها في الصومال على مدى السنوات الماضية وجميعها يعمل في مقرات مؤقتة بإستثناء سفارة دولة الامارات العربية المتحدة التي عملت على بناء مقر لها بمقديشو، ورغم ذلك ما زال الدور العربي لم يرق بعد إلى مستوى تطلعات الصوماليين.
ولتعزيز دور خليجي في الصومال لابد من التفريق بين الموقف السياسي الخليجي الداعم لوحدة الأراضي الصومالية وبين المصالح الخليجية المتواجدة في الأقاليم شبه المستقلة فلابد من مضاغفة الفرص الإستثمارية الخليجية في الأقاليم الصومالية خاصة أنها تشهد أمن وإستقرار، والإبتعاد عن إشكالية السياسي والإنساني في قضية المساعدات والعون الأهلي وتعزيز مد يد العون لشعب الصومال والأقاليم المطالبه بالحكم الذاتي لأن ذلك لا يعني بالضرورة الإعتراف بإستقلال تلك الأقاليم ، وإقناع الحكومة الصومالية بتبني منظور لتسوية الصراعات يمكن من خلاله إسترداد الدولة ونبذ المنظور الفوقي الذي أطغى مصلحة الدول الداعمة والقوى الإقليمية على مصلحة التسوية الصومالية مما أدى إلى فشلها ، وتبني إستراتيجية أكثرتماسكاً تشمل قطع تمويل حركة الشباب التي تمكنها من تجنيد المزيد من الأنصار،ومعالجة المظالم وإنتهاكات حقوق الإنسان الصومالي والفساد، وإيجاد حل سياسي جامع يؤكد على قيم الحوار والمشاركة لجميع الفاعلين دون إقصاء أو تمييز، وإبراز أهمية دور المبادرات الداخلية بعيداً عن تجاذبات المصالح الإقليمية والدولية التي تكرس وضعية عدم الإستقرار في الصومال.
تم نشر المقال في مركز مقديشو للبحوث والدراسات على الرابط التالي :
وتم نشره في المركز الافريقي للدراسات على الرابط التالي :
أمـــــينة الــــعريــــمي
بــــاحــــثة إمـــاراتيــــة فـــي الــــشأن الأفــــريـــقي
Afrogulfrelations_21@outlook.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق