السبت، 26 ديسمبر 2015


(النيجر، من مملكة قانم– برونو إلى مملكة اليورانيوم)



النيجر ، كلمة مستمدة من نيغرو أي الأسود الزنجي ، وأول من أطلق ذلك الأسم هم الأسبان وتبعهم بعد ذلك سائر المستعمرين .

النيجر، أرض أقدم الممالك الأفريقية العريقة ( مملكة قاتم –برونو)، فبالرغم من أن المناقشات التاريخية لم تحسم بشكل قطعي عن أصول تلك المملكة إلا أن بعض الأبحاث العلمية الخاصة بالتاريخ الأفريقي القديم تؤكد أن تلك المملكة تكونت مع نزوح مجموعة من الأفراد إلى بحيرة تشاد عقب إنهيار الإمبراطورية الأشورية (600 ) عام قبل الميلاد، وهناك رأي يقول أن تلك الإمبراطورية تشكلت (700) قبل الميلاد من البدو الرحل أو ما يطلق عليهم ( الرُحل –التبو) والتبو هي لغة من لغات الصحراء يتحدث بها أهل شمال الصحراء دون جنوبها، والذين أجبروا على الرحيل بإتجاه الأراضي الخصبه حول بحيرة تشاد، أمتدت أراضي تلك الأمبراطورية من النيجر مروراً بنجيريا إلى شمال الكاميرون إلى تشاد ومنها إلى جنوب ليبيا ، وبحلول أواخر القرن الـ11، أسس حماي بن سلامنا سلالة سيفاوا الإسلامية والتي حكمت لمدة قاربت 771 سنة، مما يجعلها إحدى السلالات الأطول حكما وأمداً في تاريخ البشرية، واصل أحفاد سلالة سيفاوا والذين يطلق عليهم ( كانيمبيو/ kanembu) تأسيس إمبراطوريتهم وضمو إليهم إمبراطورية باولو بعد هزيمة ملك الزغاوه (ديقياهو/ duguwaوبعد دخول الإسلام إلى أفريقيا من خلال تجار شمال أفريقيا والبربر قاومت إمبراطورية قاتم البورنو الدين الجديد لصالح المعتقدات الأفريقية القديمه التي نشأؤوا عليها إلا أن إنتشار الإسلام تسبب في هزيمة تلك الأمبراطورية 1846، وفي أوائل القرن التاسع عشر زارت حملات الإستكشاف الإستعمارية النيجر بقيادة البريطاني ( مونغو بارك) الذي عرض خدماته على الجمعية الأفريقية لإكتشاف مجرى النيجر، ويرافقه الألماني (هاينريش بارت ) أحد أهم المؤرخين الألمان لتاريخ أفريقيا الحديث، وفي أواخر القرن التاسع عشر إستعمرت فرنسا تلك المنطقة وأصبحت النيجر جزءاً من أفريقيا الغربية الفرنسية، وعلى الرغم من المقاومه الشعبية ضد الإحتلال الفرنسي إلا أن باريس نجحت في تحويل النيجر إلى أقليم فرنسي له تمثيل نيابي في البرلمان الفرنسي، حتى جاء عام 1956 عندها قررت باريس إعطاء الأقاليم الخاضعه للحكم الفرنسي الحكم الذاتي والسماح لها بتكوين نواة لحكومات محلية ولكن تحت الوصاية الفرنسية ،وحصلت النيجر على إستقلالها 1960.

أفريقيا  لمن لا يعرفها لديها سجل حافل في مسلسل الإنقلابات فلقد شهدت منذ عام 1960 أكثر من 200 انقلاب عسكري نجح 45% منها في تغيير القيادة وهيكل الحكومة وبدلاً من معالجة الأسباب الجذرية لتسيس الجيوش بالإدارة الملائمة عالجت بعض الدول الأفريقية ذلك التهديد عبر إضعاف جيوشها وملئت فرق تدريب الضباط بالموالين وتلك الإجراءات تجعل الدولة عرضة للتهديدات المحلية والإقليمية وتزرع بذور الخلاف المدني – العسكري عبر الإهمال المؤسسي، ومن جانب أخر دعمت القوى الدولية أفريقيا لمواجهة التحديات الأمنية دون معالجة الجيوش الأفريقية وعلاقاتها بالقيادة السياسية المدنية بشكل كلي.

عرفت النيجر بعد الإستقلال حكم الحزب الواحد فتوالت الإنقلابات العسكرية وتمت الإطاحة بأول رئيس مدني بعد الإستقلال( هاماني ديوري) 1974 لأنه طالب باريس بزيادة حصة بلاده من اليورانيوم التي تستخرجه فرنسا عبر شركة اريفا الفرنسية، تولى بعد ذلك حكم البلاد رجال من المؤسسة العسكرية بعضهم تم إغتياله بعد الإنقلاب عليه مثل ( إبراهيم باري مايناسارا) 1999، وبعضهم تم الإنقلاب عليه وإبعاده عن الحياة السياسية حتى وفاته بسبب محاولته التفاوض مع شركة اريفا ورغبة الرئيس في منح تراخيص لشركات صينية وكندية واجنبيه للإستثمار في النيجر مثل ( تانجي مامادو) في عام 2010، تولى الحكم بعد ذلك المخاض السياسي المهندس في شركة ( أريفا النيجر) والعضو في الحزب الاشتراكي الديموقراطي النيجيري ( محمد يوسوفو ) في عام 2011 إلى يومنا هذا، ويبدو أن لذة السلطة أنست الرئيس ( يوسوفو ) معركة مواجهة المرض الطفولي المنتشر في الديمقراطيات الأفريقية الفتية، والمتمثل في عدم إستقراروهشاشة المؤسسات الديمقراطية، فإستيقظت نيامي في الثامن عشر من الشهر الجاري  بمحاولة مجموعة من الضباط العسكريين الإنقلاب على النظام منهم رئيس الأركان السابق الجنرال ( سليمان سالو ) واللفتنانت كولونيل ( دان هاوا ) الذي كان يقود قاعدة للقوات الجوية في نيامي وقام بمنع نقل عتاد عسكري من العاصمة نيامي إلى منطقة ديفا الجنوبية، إلا أن الرئيس يوسوفو نجح في إحباط ذلك الإنقلاب وإسترد زمام الأمور وقام بإعتقال المسؤولين عن محاولة الإنقلاب وتقديمهم لمحاكمه عسكرية ، كما أمر بإعتقال زعيم المعارضة ورئيس البرلمان السابق والمرشح الرئاسي القادم أمام الرئيس لعام 2016( هاما أمادو) الذي أكد أن النظام الحاكم في نيامي لا يستخدم إلا القمع مع المعارضة .

‏الجيش في النيجر يبرر إدارته لحكم البلاد وسيطرته التي توصف بالعنيفه على الشؤون المحلية بأنه أمام أخطار حقيقية تهدد كيانه بسبب قوة حركة النيجيرين للعدالة التي تنشط في شمال النيجر الغني باليورانيوم والذين يشتركون مع العصابات المسلحه على إختطاف الرهائن الغربيين وتسليمهم لتنظيم القاعده مقابل مبلغ مادي، وما زاد من شوكة تلك الحركة وجود منسق سياسي ومتحدث رسمي لها في اوروبا ( عيسى فيلتو) ، كما أنها تحظى بدعم من الحركات الإنفصاليه مثل ( تحالف 23مايو) الديموقراطي من أجل التغير في مالي،  في بلد يعاني من ضعف الوضع الإقتصادي ويحتل مرتبة متأخرة في سلم  مؤشر التنمية البشرية وأكثر من 63% من سكانه تحت خط الفقر تغذيهم صراعات إثنية باتت تمثل قنبلة موقوته لمستقبل النيجر برمته.

تحتل النيجر اليوم المرتبة الثانية عالمياً والأولى أفريقياً في إنتاج اليورانيوم،وتعمل شركة ( أريفا (AREVA) الفرنسية / أكبر شركة نووية في العالم وثاني منتج لليورانيوم في العالم ) على أستخراج اليورانيوم من منجم ( سومايير ، كوميناك)، وتأمل باريس اليوم على تشغيل منجم (إيمورارين) قبل عام  2020 ، والذي من المقدر أن ينتج  خمسة ألاف طن من اليورانيوم سنوياً وعلى مدى خمسة وثلاثون سنه قادمه، وتبلغ إستثمارات المنجم 2.1 مليار يورو، وتنتج اريفا ثلث اجمالي إنتاجها من اليورانيوم من منطقة أرليت الواقعة على بعد 60 كلم شمال ايمورارين، وأعلنت المجموعة النووية الفرنسية اريفا أنها قدمت 35 مليون يورو للنيجر لمساعدتها على توفير الأمن في مواقع اليورانيوم، فباريس تحتاج إلى علاقات دبلوماسية مستقرة بينها وبين نيامي لضمان أنشطتها وتأمين مستقبل إستثماراتها، وتبلغ حصيلة ما إستخرجته الشركات الفرنسية من يورانيوم النيجر منذ سنة 1971 إلى 2014 ما مجموعه (130 -140 آلف طن) تم إستخراجها من منجمي سوماييرو كوميناك،والنيجر التي تعد أحد أكبر منتجي اليورانيوم في العالم ولكنها أكثر دول العالم فقراً وبؤساً، إنتقدت على إستحياء تلك الشراكة التاريخية غير المتوازنة مع الشركة وطالبت بعائدات أكبر، فشركة أريفا لا تدفع لنيامي إلا 150 مليون يورو مقابل اليورانيوم ومئة مليون يورو على شكل ضرائب وهو ما يمثل 5.5% من اليورانيوم المنتج وفي ظل ذلك البخس تتصاعد الإحتجاجات الشعبية وتتوحد قوى المعارضة السلمية والمسلحة ضد النظام الحاكم بما يلحقه من ضرر بمصالح شعب النيجر.
تدفقت القوى الدولية على النيجر بسبب موارده الطبيعية وسهولة شروط الإستثمار، فنيامي تقدم للمستثمر الأجنبي كل التسهيلات والحقوق التي يتمتع بها المستثمر النيجري، إضافة إلى إعفائه من الضرائب لمدة خمس سنوات.
عندما أقبلت بكين إلى أفريقيا وضعت لها إستراتيجية محدده، بأن تقوم بمبادلة الموارد الطبيعية التي يحتاجها إقتصادها بتطوير البنى التحتية وإعطاء الأموال لتلك الدول، ورغم منافستها لشركة أريفا الفرنسية في النيجر لإستخراج اليورانيوم التي لم تنجح، إلا أنها نجحت ومن خلال شركة النفط الوطنية الصينية بتطوير حقل Agadem في النيجر، وإستخراج رخصة للإستثمار في مجال إنتاج النفط .
أما الولايات المتحدة  فتحاول أن تنتقل من مرحلة التعاون العسكري إلى مرحلة حضور مباشر في عمق القارة الافريقية لتحقيق أهدافها الإستراتيجية في الدول الافريقية الغنية بالموارد الطبيعية ، فإنفردت واشنطن بدول غرب افريقيا سياسياً وعسكرياً وقامت بتعزيز ذلك بمجموعة من المبادرات أهمها مبادرة الطاقة لأفريقيا ومن هنا يمكن فهم سياسة الولايات المتحدة بـتأسيس مجموعة من القواعد العسكرية والمبادرات الخاصة بمحاربة الإرهاب في غرب افريقيا مثل مبادرة (محطة الشراكة الإفريقية) المنبثقة عن قيادة الجيش الأمريكي في إفريقيا (الأفريكوم)، وتتلخص أهمية دول غرب افريقيا بالنسبة لواشنطن في الاتي:

·       تغطي دول غرب افريقيا 15% من الواردات الامريكية من النفط الخام، ومن المتوقع أن ترتفع تلك النسبة إلى 25% بنهاية عام 2015، ويتوقع الخبراء انه بحلول عام 2020 فإن الولايات المتحدة يمكن أن تحصد ربع نفطها من غرب افريقيا.

·     عززت واشنطن سيطرتها على النفط الأفريقي من خلال المجلس الإستشاري لأفريقيا الذي يقف وراء تضخم الإستثمارات الأمريكية في قطاع النفط في غرب أفريقيا، وأطلقت (واشنطن) مبادرة الطاقة لأفريقيا وتبعتها موافقة الكونغرس بتاريخ 30-6-2015 بتمديد قانون النمو والفرص في افريقيا (أغوا) لمدة عشر سنوات، فواشنطن تهدف إلى التقليل من إعتمادها على نفط الشرق الأوسط وإستبداله بالنفط الأفريقي بسبب قرب المسافة بين مناطق النفط في غرب أفريقيا ومصافي البترول على الساحل الشرقي للولايات المتحدة مما يوفر نفقات الشحن، كما أن النفط الأفريقي يتميز بإنخفاض نسبة الكبريت فيه مما يقلل تكلفة عملية التكرير، أضف الى ذلك عدم قدرة دول غرب أفريقيا على تبني سياسة نفطية موحدة لتمايزها العرقي والثقافي مقارنة بــ (الأوبك).
شعرت باريس بخطر القوى الدولية التي تنافسها في مستعمراتها السابقه فقامت بحرب وقائية ذكية تحت مسمى محاربة الإرهاب أوصلتها إلى تنفيذ عملية سيرفال في مالي وعملية برخان وتبع ذلك تعزيز وجودها العسكري  بقواعد عسكرية في ( ماداما) في شمال النيجر وأنجامينا  في ( تشاد)، وغاو وتساليبت في مالي ، ونيامي  في النيجر، أضف إلى ذلك أن شركة بولورا أفريقيا لوجيستكس التابعة لمجموعة بولور الفرنسية القابضة قامت بتدشين خط سكة حديد بطول 2500 كيلومتر يربط بين النيجر وبوركينافاسو وصولاً إلى ميناء أبيدجان.
خليجياً، وقع البنك الإسلامي للتنمية في المملكة العربية السعودية إتفاقية تمويل لدعم البرامج الوطنية الصحية في جمهوية النيجر بمبلغ 11.6 مليون يورو، ما يعادل نحو 13.2 مليون دولار أمريكي.، وقام وزير التخطيط النيجري أمادو بوبكر سيسي بتوقيع إتفاقية برنامج صكوك مع المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة للبنك الإسلامي للتنمية من أجل تقديم خدمات إستشارية لحكومة النيجر لإصدار صكوك بمبلغ 150 مليار فرنك أفريقي أي ما يعادل نحو 300 مليون دولار أمريكي على مدى خمس سنوات بهدف تمويل مشاريع تنموية في النيجر يذكر أن إجمالي التمويلات المعتمدة من مجموعة البنك الإسلامي للتنمية لصالح النيجر بلغت نحو 610 مليون دولار أمريكي شملت قطاعات الزراعة والتعليم والطاقة الكهربائية والصحة والصناعة والمناجم والطرق المالية الإسلامية، ومن جانب أخر أعلنت مجموعة المملكة للإستثمارات الفندقيه عن عزمها توسيع قاعدة إستثماراتها في النيجر لما تتمتع به الشركة من خبرة ادارية وفنية في هذا المجال.، أما دولة الامارات ومن خلال شركة Essar Projects Ltd  التي هي جزء من مجموعة Essaar Group قامت بإستثمار قيمته 1.98 مليار دولار في مشاريع الطرق والجسور والطاقة الحرارية، كما دشنت دولة الإمارات مشروع كهربائي في مدينة نيامي، أما دولة الكويت ومن خلال صندوق الكويت للتنمية  قدم دراسة للتنمية الريفية فى منطقة شايا بالنيجر ودراسة لتنمية الريفية المتكاملة بقيمة (240.000 الف دينار) .
حجم التبادل التجاري بين دول الخليج العربي والنيجر لا يزال ضعيفاً، لذلك لابد من دعم قطاعي الأعمال بين الجانبين ( الخليجي والنيجيري) للقيام بدور أكبر، لاسيما أن رجال الأعمال الخليجيين والشركات الخليجية لديهم من القدرات والخبرات ما يمكنهم من الإستفادة من الفرص الإستثمارية الكبيرة في مجال الإستثمار الزراعي وقطاع التعدين بالنيجر في حال توفرت البيئة الملائمة لذلك ووجدوا التسهيلات اللازمة.
يشكل نهر النيجر عصب الإقتصاد النيجري الذي يتركز على الزراعه، خاصة أن 90 في المائة من القوى العاملة في النيجر يعملون في الزراعة وتربية الماشية ، بينما يعمل 6 في المائة منهم في التجارة والصناعة و4 في المائة فقط في القطاع الحكومي،وفي سعي الحكومة الحثيث لمحاربة الفقر وزيادة مواردها قامت بإنشاء عدد من السدود الصغيرة في بعض المناطق الزراعية مما عزز صادرات النيجر من المنتجات الزراعية والماشية والتي أصبحت تغطي معظم إحتياجات غرب أفريقيا ،كما نجحت النيجر خلال الأربع سنوات الماضية من وضع برنامج لمعالجة الفقر، فقامت بتقديم بعض القروض البسيطة للفلاحين وتدريب الرعاة على الطرق السليمة لتربية الماشية والإستفادة منها بإعتبارها ثروة وطنية، إلا أن تلك البرامج شابتها بعض الجوانب السلبية مثل الإهمال وإنعدام المتابعه والإختلاسات المالية، وبالرغم من ذلك شهدت النيجر إرتفاعاً في معدلات النمو بلغت 15%، فوفرة الموارد الطبيعية في النيجر دفعت الكثير من الشركات الأوربية والآسيوية للعمل في نيامي، إضافة إلى تمتع الدولة بنوع من الإستقرار السياسي والأمني  وتشجيع الإستثمارات الأجنبية، كما تقدم الدولة للمستثمر الأجنبي كل التسهيلات والحقوق التي يتمتع بها المستثمر النيجري، إضافة إلى إعفائه من الضرائب لمدة خمس سنوات، فتعدد مجالات الإستثمار يعطي المستثمر الأجنبي فرصة للإختيار فهناك فرص للإستثمار في المواد الغذائية والاتصالات والطيران والإسكان الذي يواجه نقصا حادا، إضافة إلى الثروة الحيوانية ومنتجاتها، كما أن الإتحاد النقدي والإقتصادي لدول غرب إفريقيا يقدم للمُستثمر مزيداً من الفرص والمميزات التي من شأنها أن تعمل على زيادة تشجيع بعض المستثمرين الذين يرون أن هناك بعض المعوقات التي تضعف رغبة البعض بالإستثمار في النيجر، فبُعد النيجر عن شواطىء المحيط الأطلسي وعدم إمتلاك النيجر لأي ميناء بحري، وإنعزال مدنها الداخلية بسبب الطرق الوعرة وغير المعبدة ، هو ما يجعل الإنتقال بين هذه المدن أمراً صعبا، أضف إلى ذلك إرتفاع تكاليف الطاقة بسبب إستيراد الدولة لها من نيجيريا،إلا أن المستثمرين الذين نجحت إستثماراتهم في نيامي فيؤكدون أن النيجر بينها وبين جيرانها إتفاقيات خاصة، فالنيجر تستقبل إيراداتها وترسل صادراتها عبر بعض الموانئ في بنين، ونيجيريا، وبوركينا فاسو، كما أن إمدادات الطاقة منتظمة، وفيما يخص الطرق الداخلية فنيامي تعمل على بناء البنى التحتية بصورة جادة
ما يؤرق النيجر اليوم هو تصاعد موجة الإحتقان والتوتر بين المسلمين والمسيحين، في ذلك البلد الذي تبلغ نسبة المسلمين فيه أكثر من 90% ، فلقد تعرضت أكثر من خمسة واربعون كنيسه وفنادق وحانات ومدارس مسيحية للنهب ثم الإحراق في العاصمة نيامي وفي مدينة زيندر ثاني أكبر المدن في النيجر، على أثر ما تم نشره في الصحيفة الفرنسية شارلي ايبدو، وأجتمع لأول مره الأنجيليون والكاثوليك على طاولة واحده لمناقشة ذلك الأمر، وأكد بوريما كيومسو رئيس إتحاد الكنائس والإرساليات الإنجيلية في النيجر، أن بعض المتطرفين الإسلاميين لا ينظرون بعين الرضى إلى إنتشار أماكن العبادة المسيحية ، كما أن وجود شبان نيجريين في صفوف جماعة بوكو حرام الاسلامية النيجيرية المسلحة والتي تخوص حرباً ضد نيامي، تؤكد مدى تمدد الإسلام المتطرف في البلاد،  ولترسيخ أسس التعايش السلمي في نيامي أطلقت الولايات المتحدة مشروع ( الحوار بين الديانتين ) بتمويل من الإتحاد الأوروبي وبقيادة منظمة ( كير انترناشونال الأمريكية / care international )

نظراً لأن المياه أكثر مجالات البنية التحتية الأفريقية بحاجه للإستثمار فيمكن لدول مجلس التعاون الإستثمار في هذا القطاع خاصة أن هناك شركة إماراتية وحيدة تعمل في هذا القطاع ، كما أن الخدمات المصرفية تعتبر من القطاعات الغير مُستغله فعلياً وبالتالي يمكن إستخدام تطبيقات تقنية جديدة عبر الأجهزة المتنقلة لسد الفجوة التي تعانيها دول غرب أفريقيا في مجال الخدمات المصرفية.

ما يمكن أن تعمله دول مجلس التعاون الخليجي

  • الإقتصاد الخليجي إقتصاد مرن ويتمتع بميزة تنافسية وهي عامل القرب الجغرافي مقارنة بالصين فهذا يمكن أن يخلق نمطاً من الفرص والشراكات والمنفعة المتبادلة.
  • يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي المشاركة في إجتماعات الإتحاد الإقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا (اوموا) الذي إختار شعار (القطاع الخاص محرك التنمية الإقتصادية الإقليمية).
  • أعمال القمة العربية الأفريقية يمكن أن تكون نواة لتفعيل التعاون بين الجانبين مع تحييد الإعتبارات السياسية خاصة بعد إتهام الافارقة للعرب بتصدير خلافاتهم إلى الاجتماعات الافريقية العربية أو حتى الاجتماعات الافريقية الافريقية.
  • نظراً لوفرة الثروات المعدنية في النيجر والنمو السريع لقطاع الصناعات التحويلية في دول الحليج فيمكن أن تتحول النيجر  ودول غرب افريقيا الى مزود رئيسي للمعادن التي تحتاج اليها الصناعات الخليجية بما في ذلك الألمنيوم واليورانيوم لتشغيل محطات الطاقة النووية السلمية في منطقة الخليج.
  • دعم قرار مجلس الأمن (القرار 2018 في أكتوبر/ 2011، والقرار 2039 في فبراير/ 2012) الخاص بمكافحة القرصنة في غرب افريقيا خاصة أن ضمان الأمن على طول السواحل الغربية الافريقية أمراً ذا أولوية للقوى الإقليمية والدولية التي لها مصالح اقتصادية في غرب افريقيا.
  • دعم المنتديات الاستثمارية الخليجية الافريقية مثل (القمة العربية الافريقية) و(المنتدى العالمي الافريقي) (منتدى الاستثمار لدول غرب افريقيا) الذي تنظمه امارة دبي.
  • دعم دور الأزهر الشريف في دول أفريقيا جنوب الصحراء لتقريب وجهات النظر 

تم نشر المقال في جريدة الفجر الإماراتية على الرابط التالي :



أمــــــينة الـــــعريـــــمي

باحثــة إمــــاراتيـة فــــي الــــشأن الأفــريــــقي

Afrogulfrelations_21@outlook.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق