الاثنين، 27 يونيو 2016


الصومال والجدار الكيني "العازل"


لا أعلم ما سر الشعور الذي ينتابُني كلما حزمت حقائبي وإتجهت رحلتي إلى قارة المٌستقبل "أفريقيا" ، ذلك الشعور الذي دائماً ما ينتصر لي ويقتل كل هاجس قَلق يحاول أن يغتال إقدامي وحرصي على معرفة وكتابة ما يجري في أفريقيا على عواهنه وحقيقته من غير تزوير، والذي لا تنقله لنا وكالات الإعلام الغربية ، أو بمعنى أصح لا ترغب القوى الإستعمارية القديمة بكشفه للأفارقة فما بالك للعالم.
أثناء زيارتي الأخيرة إلى روندا تناقلت وسائل الإعلام في كيغالي خبر مقتل الناشطة الإجتماعية الصومالية ورئيسة منظمة المرأة بمحافظة مدغ الصومالية السيدة " طدي يوسف أدن" ، وتصدر الخبر الصفحات الأولى في الجرائد الرسمية التابعة للحكومة الرواندية ، وتم تنظيم حوار سياسي في مركز الأبحاث الراوندي الذي تشرفت بزيارته وحضور ذلك الحوار الثري حول التوترات السياسية في منطقة القرن الأفريقي ، شارك فيه مجموعة من المُثقفين والأكاديمين الذين تزخر بهم سنغافورة أفريقيا "روندا" ، خاصة أن روندا اليوم أصبحت مثالاً دولياً بعد نجاحها في تحقيق مكاناً متقدماً لمُشاركة المرأة في الحياة السياسية حيث تُمثل النساء في البرلمان الراوندي 60 % وهو أعلى معدل في العالم اليوم ، وبالتالي لا غرابة أن تنتفض كيغالي لخبر موت الناشطة الصومالية السيدة " طدي" وتنظم ذلك الحوار، فروندا تؤمن بدور المرأة الإجتماعي والسياسي في تغيير مُجتمعات أفريقيا جنوب الصحراء.
ألمني حقيقة خبر مقتل السيدة طدي "رحمها الله" رغم معرفتي ودراستي المُسبقة للتوترات السياسية والإجتماعية التي تعاني منها الصومال منذ عام 1991 ، وهذا الوضع الدامي الذي يرزح تحته الشعب الصومالي بتواطىء إقليمي ودولي لا غرابة إن أنتج لغة الدم والإرهاب والتشرد.
ما إن غادرت العاصمة الرواندية "كيغالي" مُتجهة إلى جمهورية السودان حتى تبادر إلى مسامعي خبر إعتزام نيروبي لبناء جدار عازل يفصل بينها وبين الأراضي الصومالية ، وفي تلك اللحظة إستحضرني المثل الأفريقي الهوساوي الذي يقول " مياه إطفاء الحريق ليست بالضرورة أن تكون نظيفه".
إعتزام  كينيا اليوم بناء جدار عازل بينها وبين الصومال وكأن نيروبي تريد القول بأنها تخشى على نفسها من حالة عدم الإستقرار السياسي في الصومال ، والذي ينعكس بشكل أو بأخر على أراضيها ، مُتناسية أنها شريكة أساسية في إشعال الحريق الصومالي وتثبيت ودعم حالة التشرد والفوضى السياسية التي تعيشها الصومال منذ عام ١٩٩١ إلى اليوم ، فإقليم إنفدي الصومالي الذي تحتله نيروبي لن يتوقف عن معارضته للحكومة الكينية ولن يضره بناء الجدار العازل المُزمع بناءه ، فأغلبية سكانه هم من الصوماليون الراغبين بالعودة إلى البلد الأم " الصومال"، كما أن الصوماليون في الإقليم المُحتل "إنفدي" لا يختلفون عن الصوماليون في الصومال الأم، أو حتى عن الصوماليون في إقليم أوجادين الصومالي الذي تحتله أثيوبيا ، فهم يتحدثون بنفس اللغه وينتمون لنفس العشيرة ، أضف إلى ذلك أن الصوماليون تربطهم جميعاً رابطة الإسلام، فهم في المُجمل صوفيون في مذهبهم ، وحتى الإختلافات في اللهجة لا تتفق مع الحدود المُصطنعة المفروضة عليهم سواء من "نيروبي" أو شريكتها في الحريق الصومالي "أديس أبابا" ، وهذا ما تدركه التنظيمات الإرهابيه مثل حركة الشباب المُجاهدين ، وهو بالذات ما تستخدمه تلك التنظيمات في إستقطاب الشباب الصومالي وتجنيده في تلك الميلشيات المُسلحه والتي سيزداد نشاطها في منطقة القرن الأفريقي بعد الإعلان عن تأسيس جبهة شرق أفريقيا التابعة لتنظيم الدولة "داعش"، وبالتالي لا أعتقد أن نيروبي ستكون في مأمن من هجمات إرهابيه مُستقبليه ستشهدها أراضيها لا محالة بعد بناء الجدار المُراد بناءه هذا من جانب ، ومن جانب أخر لا أتصور أن دعم نيروبي لإقليم جوبلاند وزعيمه أحمد مادوبي أو كما يسمى في شرق أفريقيا ( رجل كينيا في الصومال ) سيتوقف حتى بعد بناء الجدار العازل ، فنيروبي ترى أن إقامة منطقة عازله بطول ١٠٠كم داخل الأراضي الصومالية المُتاخمة للحدود الكينية سيساعد كينيا على الإستفادة من خيرات إقليم جوبلاند ، كما أن ميناء كيسمايو الصومالي تراه نيروبي ممر بحري أمن يوفر لكينيا حلقة إتصال خارج الصومال، وهذا هو الهدف الإستراتيجي المُباشر لأي هجوم عسكري قامت وستقوم به القوات المُسلحه الكينية.
الغريب أن دول مجلس التعاون الخليجي رغم حرصها على وحدة الأراضي الصومالية والعمل على منع تقسيم الصومال بدليل مؤتمر المصالحة الصومالية أو ما يسمى (ميثاق دبي 2012) ، وإحتضان الصومال للعديد من المصالح الخليجية ، فقد قدرت الإستثمارات السعودية في الصومال بحوالي 40 مليون ريال ، كما ساهمت المملكة بوجه خاص في إرتفاع الصادرات الصومالية، أما الإستثمارت الكويتية في الصومال انحصرت على تدشين محطات الكهرباء وملحقاتها في مقديشو، ومشروعات لزيادة الطاقة الكهربائية في مقديشو وضواحيها ، ومساهمة دولة قطر بتفعيل إتفاقية مع جمهورية الصومال لتنظيم إستقدام العمالة الصومالية للعمل في دولة قطر، وتدشين لجنه قطرية صومالية تم تشكيلها مؤخراً لدعم الصحه والتعليم في الصومال، إلا أننا لم نشهد أي تعليق سياسي خليجي على ما يجري وسيجري في الصومال.
من المرجح أن تدعم أديس أبابا وجيبوتي المشروع الكيني المزمع بناءه على الحدود الصومالية، خاصة أن هناك مصلحة مُشتركة تربط دول الجوار الصومالي ليست بالتأكيد في مصلحة مقديشو ، وستشهد العلاقات الكينية الأثيوبية في الوقت القادم تطوراً إيجابياً من خلال حرص أثيوبيا على إقناع نيروبي للوصول إلى حل يمنع تطور نشاط المُعارضة الكينية التي يقودها رئيس الوزراء الكيني الأسبق " أريلا أودينغا" مما يؤثر على الوضع السياسي للبلاد ، رغم يقين أديس أبابا بأنه لن يصل إلى رئاسة كينيا من يحقق حلم الصوماليون في إسترجاع إقليم " إنفدي" وهذا ما يُطمئن الساسه في أثيوبيا ، وبالتالي حرص أديس أبابا على التعاون مع كينيا منعاً لتفاقم الأوضاع في نيروبي أو حتى على الجبهة الأثيوبية الأريتيرية مؤخراً يأتي من باب حرصها على إكتمال ملف سد النهضة بهدوء وبعيداً عن التوترات سواء في الداخل الأثيوبي أو في دول الحوض التي تترقب إكتمال سد النهضة المُرتبط بتنميتها ونهضتها بفارغ الصبر.

 تم نشر المقال في مركز مقديشو للبحوث والدراسات يمكن زيارة الرابط التالي :-
http://cutt.us/OjvlX


تم نشر المقال في مركز مجمع الأفارقة في جمهورية مصر العربية على الرابط التالي:-


تم نشر المقال في دولة الإمارات العربية المتحدة

أمــــينة الــعريمـــــي
بـــــاحثة إمــــاراتــــية فـــي الــــشأن الأفـــريــقـــي

الأحد، 19 يونيو 2016



"كيمبرلي وجمهورية ما وراء التاريخ"
أفريقيا الوسطى، أو المنطقة اللا تاريخية كما تسميها النخبة الأفريقية المُثقفة ، تلك الدولة التي قال عنها "روبرت كورنفان" مؤرخ أفريقيا بلا منازع أنها منطقة أتية من وراء التاريخ بسبب صعوبة معرفة التاريخ  القديم والحقيقي لوجودها ، وأحتضانها لأقدم القبائل الأفريقية المعروفة بإسم " الجبايا " و " الماندجية " في العصر الباليوثي "الحجري".
سأعود بذاكرتي قليلاً إلى الوراء لأتذكر أول رحلة أخذتني إليها قدماي إلى جمهورية ما وراء التاريخ " أفريقيا الوسطى"، لم أكن حينها أعلم عن تلك الدولة إلا أسمها فقط ، وما إن تجولت في أغلب قراها، وأستمتعت بطبيعتها السهلية، وغاباتها الكثيفه التي تكثر في المناطق الجنوبية للبلاد، حتى بدأت أقرء ملامح سكانها البُسطاء كثيرو العمل قليلو الحديث ، وتوالت على مسامعي أحاديثهم المُقتضبه الجميلة والعميقه الأتية من عبق التاريخ لأدرك بعدها أن شعب جمهورية أفريقيا الوسطى شعب عريق، بل وموغل في العراقة، وموسم بالحضارة، ومجبولاٌ بالكرامة ، التي نزاعتهم عليها القوى الإستعمارية وما زالت لإجبارهم على نسيانها فنسوا أنفسهم وبلادهم ولم ينسوها.
أخذني الدليل الأفريقي إلى منطقة بونغو المعروفة بإنتاجها للماس والتي تنشط فيها القطاعات المنجمية الأكبر مردودية للبلاد ، بدت لي منطقة بونغو منطقة معزولة عن المناطق الأخرى ، وأجمل ما فيها إختراق نهر بونغو لأراضي تلك المنطقة الهامة لإقتصاد الدولة الذي لم ينتعش مع إنتاج كل تلك الكميات من الألماس يومياً ، فبعد التوترات السياسية التي عصفت بأفريقيا الوسطى خضعت بانغي لحظر دولي على إنتاجها من الألماس والأحجار الكريمة ويندرج ذلك الحظر ضمن إتفاقية مجموعة كيمبرلي المعروفة إختصاراً بـــ (KP) والتي أسستها الأمم المتحدة عام 2003 بهدف وقف الإتجار فيما يعرف بإسم ألماس الدم الذي لم يتوقف إلى الأن، وتعد هذه المجموعة الوحيدة في العالم ذات التمثيل الثلاثي الذي يضم الحكومة، وقطاع الألماس، والمجتمع المدني.
برزت تلك الإتفاقية الدولية نتيجة للغضب العالمي من الحروب الدائرة في دول مثل ليبيريا وسيراليون والكونغو الديموقراطية والتي تمول من عائدات الماس وتذهب لصالح الميلشيات المُسلحة، ويقوم عمل إتفاقية كيمبرلي على تغيير الطريقة التقليدية للتحقق من مصادر الألماس وآليات تجارته، إذ يمكنه إصدار شهادات عالمية خاصة بصناعة الألماس عن طريق تقنية "بلوك تشين"، ومن الجدير بالذكر أن تقنية "البلوك تشين" يتوقع أن تصل قيمتها السوقية إلى 290 مليار دولار بحلول عام 2019 وذلك في نقل الخدمات الذكية إلى مستويات جديدة من كفاءة التكلفة والسرعة والفاعلية.
الغريب إنني عندما كنت في أفريقيا الوسطى كان الإعلام الغربي يؤكد أن ميلشيات السليكا قد سيطرت على مناجم الماس وتقوم بإستغلاله لصالحها، ولكن أكد لي الدليل الأفريقي الذي كان يرافقني في تلك الرحلة أنه لو كانت السليكا تُسيطر على قطاع المناجم لما إستطعنا اليوم الوصول إلى منطقتي "بونغو"  و "موكا" التي تتواجد فيها كمية كبيرة من الحجر الرملي الذي يُعتبر خزان لجميع ألماس أفريقيا الوسطى ، وما يؤكد ذلك أنه عندما قامت القناة الفرنسية بمقابلة رئيس المناجم في افريقيا الوسطى السيد " فارناند نانيبي" في يونيو 2014 أكد ذلك، ولكنه أضاف بأن بعد إستخراج الماس من المناجم يُنقل إلى منطقة "بريا" في شرق أفريقيا الوسطى والتي تسيطر عليها مجموعات مختلفة من الميلشيات المُتناحره لذا ينتظر تجار الماس حلول الليل حتى يتسللوا إلى "بريا" ومنها إلى مكاتب شراء الماس.
مضى عام 2013 على تجار الماس في أفريقيا الوسطى  بشكل كارثي فقد كان الماس يُخزن في أماكن سرية لحين رفع الحظر الدولي عن بانغي ولا يُهرب إلا بكميات قليلة ، وها هي أفريقيا الوسطى تتنفس الصعداء بعد قرار رفع الحظر الجزئي عنها في ختام إجتماع مجموعة كيمبرلي في لواندا أواخر عام 2015 والذي تم تنفيذه مُؤخراً، فالرقابة على قطاع الألماس هو مسؤولية مُشتركة بين الجمارك في أي دولة وبين مكتب منظمة كيمبرلي، حيث يتم إيفاد فرق متخصصة من قبل المنظمة لدراسة ومراقبة إلتزام الدول بالقواعد المحددة، وفي حال عدم التنقيذ يتخذ قرار بشأن تلك الدولة مثل سحب العضوية وهذا ما يعود بالضرر الإقتصادي للدولة.
حصلت جمهورية لبنان ودولة الإمارات العربية المتحدة على عضوية في مجموعة كيمبرلي، وتسلمت دولة الإمارات رئاسة مجموعة كيمبرلي لعام 2016 حيث إرتفعت حجم تجارة الألماس في دولة الإمارات من 5 ملايين دولار في عام 2003، إلى ما يزيد عن 35 مليار دولار أميركي في عام 2014/2015، وتعتبر دولة الإمارات مقراً لما يزيد عن 450 شركة إقليمية ودولية للألماس والأحجار الكريمة، أضف إلى ذلك أن بورصة دبي للألماس هي البورصة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، التي تتمتع بعضوية الإتحاد العالمي لبورصات الألماس، فدولة الإمارات تهدف إلى تنويع إقتصادها الوطني بعيداً عن العائدات النفطية، لتعزيز البنية التحتية الداعمة لنمو مختلف القطاعات الإقتصادية غير النفطية، مما ساهم في تعزيز النشاط في قطاعات الخدمات المالية والنقل والسياحة والصناعة والتجارة، وبلغت مُساهمة القطاعات غير النفطية بالدولة نحو 70% مقابل نحو 30% لقطاع النفط ، مما ساهم في تقليل أثر التراجع الحالي لأسعار النفط ، فدولة الإمارات تواصل جهودها لخفض مساهمة قطاع النفط خلال الفترة المقبلة ليصل إلى أقل من 20% بحلول عام 2021،  وقد وضعت دولة الإمارات رؤية لإدخال الإبتكار كأداة رئيسية في تنويع مصادر الإقتصاد والوصول إلى التنمية المُستدامة.
ما يثير القلق اليوم هو كثرة الحديث عن فشل حقيقي يُحدق بمجموعة كيمبرلي ، فقد أعلنت منظمة غوبال ويتنسس / Global Witness ( إنسحبت من مجموعة كيمبرلي) أن مجموعة كيمبرلي تتجه نحو الفشل فقوانينها التي تم الإتفاق عليها عام 2003 لا تُطبق بشكل مُلائم، ويتم تهريب الألماس الداعم لميلشيات مُسلحة في دول أفريقية كثيرة مثل ساحل العاج وزيمبابوي ، خاصة بعد وقوع مجزرة حقول مارانجي في زيمبابوي حينها أعلن الإتحاد العالمي لبورصات الماس بحضر شراء أو بيع الماس من هراري، إلا أن مجموعة كيمبرلي كان لها رأي أخر مما أثار الشكوك حول مصداقية تطبيقها للقانون، كما أن مراقبة تجارة الألماس في مناطق النزاعات أمر صعب لأن الالماس الخام يمكن تهريبه بسهولة، كما أن قوانين كيمبرلي يمكن خرقها بسهولة بإعطاء مصادر مختلفة للألماس، وليس مُطالباً الإفصاح عن البلد الذي تم إستخراج الماس منه عندما يُسجل في أي دولة، وبالتالي يمكن تسريب الألماس القادم من أماكن النزاعات والحروب إلى الأسواق العالمية ، فعلى سبيل المثال، المكتب الوطني للألماس في مدينة أنفيغ البلجيكية يستقبل مجموعات ضخمه من الماس القادمة من جميع دول العالم بقيمة 150 مليون يورو يومياً وتخضع عملية الفحص لقوانين صارمة إلا أن مزج قطع الماس القادم من البرازيل مع قطع الماس القادم من أفريقيا الوسطى خلال الحرب الأهلية في بانغي يجعل من الصعب تمييزه وتحديد مصادره بدقه، علماً بأن بلجيكا تمتلك ثمانون بالمئة من تجارة الألماس في العالم ولكن مصادرذلك الماس تبقى مشبوهه.
ماس الدم المُستخرج من مناطق النزاعات في جميع دول العالم لن يتوقف ما دامت هناك حكومات عاجزة عن فرض سيطرتها على مناطق إنتاج الماس، وما دامت هناك قوى دولية يرتبط بقائها ببقاء الحروب، وما دامت هناك أسواق يرتبط مصيرها بمصير إقتصادها الوطني، وما دام هناك بشر يتزينون بالحُلي ولا يعرفون كم من الجثث التي تم قبرها في تلك المناجم ولا عزاء لها.

 تم نشر الدراسة العلمية السابقة في مجمع الأفارقة "جمهورية مصر العربية" على الرابط التالي:

أمــــينة الــعريمـــــي
بـــــاحثة إمــــاراتــــية فـــي الــــشأن الأفـــريــقـــي




الجمعة، 27 مايو 2016


صورة مباشرة من القمة الأمنية الأخيرة في أبوجا ( نيجيريا )
القمة الأمنية في أبوجا ما لها وما عليها
القوة المؤثرة في أفريقيا ، والعضو المؤسس للإتحاد الأفريقي، والحامل للواء المجموعة الإقتصادية لدول غرب أفريقيا "الإيكواس" وباقي المنظمات العسكرية، يرجع لها الفصل في تأسيس الممالك والأمبراطوريات الأفريقية قديماً، وعملاق أفريقيا الذي يترقب العالم نهوضه حديثاً ، أحد أهم الأعضاء في المجموعة الإقتصادية القادمة بقوة والتي أطلق عليها مجموعة "النعناع/MINT" ، وهي عبارة عن تكتل إقتصادي يضم : المكسيك ، أندونيسيا، نيجيريا، تركيا، وتم إختصار إسمه من قبل شركة Goldman Sachs(1) إلى "MINT" جامعاً الأحرف الأولى لتلك الدول باللغة الانكليزية، واللاعب الرئيسي لصناعة النفط العالمية منذ عام 1970، وعضو منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، "نيـــــجـــــيريـــا"(2)
تمزق هدوء غابة مادوايا النيجيرية التي يكاد الطريق إليها والتجول فيها ومعرفة أسرارها يصتصعب على القوات المسلحة النيجيرية ناهيك عن المواطن النيجيري ، وشهدت  طرقات تلك الغابة الموحشة أهم عملية إعتقال قادها الجيش النيجيري أمس بالتعاون مع القوات المسلحة الكاميرونية وأسفرت بالقبض على أحد أهم الكوادر في جماعة بوكو حرام التابعة لتنظيم الدولة "داعش" ، وما هي إلا ساعات حتى ضجت العاصمة النيجيرية أبوجا بتوالي الوفود الفرنسية ، البريطانية ، والأمريكية ، ووفد من دول الجوار النيجيري ( بنين، تشاد، النيجر، الكاميرون) تصحبهم وكالات الأنباء الأفريقية والعالمية  لعقد القمة  الأمنية  التي أطلق عليها " قمة أمنية لمواجهة خطر بوكو حرام"، برئاسة الرئيس النيجيري محمدو بوهاري، ولا عجب هنا من التسابق الذي شهدته وكالات الأنباء على العاصمة أبوجا لضمان أمن المصالح الممتدة من نيجيريا إلى عموم القارة الأفريقية بين الرئيس الفرنسي فرانسو اولاند، ومساعد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ووزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند الذي منعته مدريد من التحليق فوق أراضيها مما أضطره للتحليق فوق لشبونه، وتعد تلك الحادثة هي الثانية في أقل من أسبوع بعد قيام خفر الحدود والسواحل الأسباني بإعتراض غواصة نووية أمريكية ومنعها من دخول المياة الإقليمية لمستعمرة جبل طارق مما أثار حفيظة المملكة المتحدة، وتلك السياسة التي إنتهجتها مدريد منذ عام 1989 بمنع جميع الطائرات العسكرية البريطانية من التحليق في مجالها الجوي أو الهبوط في مطاراتها ما هي إلا جزء من الإحتجاج السياسي على إحتفاظ بريطانيا بمستعمرة جبل طارق التي تعتبرها مدريد جزءاً من الأراضي الأسبانية .
الغريب في تلك القمة أنها لم تشهد مشاركة أي وفد خليجي يمثل المصالح الخليجية في نيجيريا أو حتى في دول غرب أفريقيا فالمصالح الخليجية في نيجيريا تنوعت ما بين تجارة غير نفطية وصادرات وإعادة الصادرات بين لاجوس ودول مجلس التعاون الخليجي، أضف إلى ذلك إحتضان نيجيريا لإستثمارات خليجية تمثلت في قطاع الإتصالات والبنى التحتية، وصندوق تنمية غرب افريقيا وهو صندوق سعودي يمارس نشاطة في غرب افريقيا، كما أن دول الخليج العربي أحد أهم الفاعلين في مشروع مكافحة القرصنة في خليج غينيا وذلك من خلال إهتمامها بعقد مؤتمرات سنوية لمكافحة القرصنة مثل مؤتمر دولة الامارات العربية المتحدة لمكافحة القرصنة الذي تنظمه وزارة الخارجية الاماراتية بالشراكة مع موانئ دبي العالمية والذي يتناول القرصنة في منطقة غرب افريقيا.
تكاد تكون الرؤى الغربية للقمة الأمنية في أبوجا متطابقة وإن كانت في حقيقة الأمر متنافسه ، فترى باريس ضرورة الإحتفاظ بالثروات الحيوية الأفريقية ( النفط، اليورانيوم، والبوكسيت ، وغيرها) لتبقى ضمن الموارد الإحتياطية المستقبلية  للخزينة الفرنسية ، وهذا ما يدفع فرنسا للإحتفاظ بقوة عسكرية فرنسية في غرب أفريقيا مهمتها الإنتقال من دولة أفريقية إلى أخرى لتثبيت حكم سياسي مُتعهد بحماية المصالح الفرنسية المتمثلة في شركة ( أريفا / AREVA ، الفرنسية، أكبر شركة نووية في العالم، وثاني منتج لليورانيوم في العالم) أو إسقاط حكم سياسي قد تغريه السلطه بتحقيق طموحه الوطني والتخلص من سياسة win-win)  ) المُربحة لجميع الأطراف ما عدا الأطراف الوطنية الأفريقية.
أما الولايات المتحدة الأمريكية، فلقد إنفردت واشنطن بدول غرب افريقيا سياسياً وعسكرياً وقامت بتعزيز ذلك بمجموعة من المبادرات أهمها مبادرة الطاقة لأفريقيا ومن هنا يمكن فهم سياسة الولايات المتحدة بـتأسيس مجموعة من القواعد العسكرية والمبادرات الخاصة بمحاربة الإرهاب في غرب افريقيا مثل مبادرة (محطة الشراكة الإفريقية) المنبثقة عن قيادة الجيش الأمريكي في إفريقيا (الأفريكوم)، وتتلخص أهمية دول غرب افريقيا بالنسبة لواشنطن في الاتي:
·       تغطي دول غرب افريقيا 15% من الواردات الامريكية من النفط الخام، ومن المتوقع أن ترتفع تلك النسبة إلى 25% بنهاية عام 2015، ويتوقع الخبراء انه بحلول عام 2020 فإن الولايات المتحدة يمكن أن تحصد ربع نفطها من غرب افريقيا.
·       عززت واشنطن سيطرتها على النفط الافريقي من خلال المجلس الإستشاري لأفريقيا الذي يقف وراء تضخم الإستثمارات الأمريكية في قطاع النفط في غرب أفريقيا، كما أطلقت واشنطن مبادرة الطاقة لأفريقيا، وتبعتها موافقة الكونغرس بتاريخ 30-6-2015 بتمديد قانون النمو والفرص في افريقيا (أغوا) لمدة عشر سنوات، وتهدف واشنطن إلى التقليل من إعتمادها على نفط الشرق الأوسط وإستبداله بالنفط الأفريقي بسبب قرب المسافة بين مناطق النفط في غرب افريقيا ومصافي البترول على الساحل الشرقي للولايات المتحدة مما يوفر نفقات الشحن، كما أن النفط الأفريقي يتميز بإنخفاض نسبة الكبريت فيه مما يقلل تكلفة عملية التكرير، أضف الى ذلك عدم قدرة دول غرب افريقيا على تبني سياسة نفطية موحدة لتمايزها العرقي والثقافي.
أما المملكة المتحدة فترى في نيجيريا مستعمرتها السابقة، وعضو في رابطة الكومنولث وهناك تعاون أمني عسكري بين الطرفين، أضف إلى ذلك أن شركة شل البريطانية تعتبر من أوائل الشركات العاملة في دلتا النيجر حيث الأبار النفطية النيجيرية ، وتعتمد بريطانيا على أكثر من 10% من البترول النيجيري، وبالتالي فأبوجا تعتبر إمتدادا للمصالح الإقتصادية البريطانية، وترى لندن بإمكانية إقتسام تلك الغنائم التي تعج بها الأراضي النيجيريه مع باقي القوى الدولية المتنافسة، ومن ناحية أخرى ترى المملكة المتحدة أن نيجيريا  تواجه صراعاً بين الكنيستين ( البروستانتية ) و( الكاثوليكية)، فبالرغم من النسب المتقاربة بين البروتستانت والكاثوليك إلا أن بريطانيا ترى بأن أبوجا قد يتم تقسيم الأراضي فيها بين الكنيستين ، علماً أن نسبة المسيحيين في نيجيريا تبلغ  48%.
أرى بأن القمة الأمنية لمواجهة خطر بوكو حرام لن تؤتي أوكلها بسهولة فهناك قوى اقليمية مثل (طهران) تعلم تماماً أن التنظيمات الإرهابية في أفريقيا تناهض الوجود الغربي، وإيران ترغب بوجود معاقل جغرافية وإستراتيجية تابعة لها في أفريقيا خاصة أن تأثير بوكو حرام بدأ ينتقل إلى دول الجوار النيجيري، ولتحقيق ذلك أُرجح أن تلجأ طهران إلى توحيد الجماعات الأفريقية المُتطرفة، وستغضُ الطرف "مؤقتا" عن الإختلاف المذهبي مثلاً بين "بوكو حرام السنية" و"المُنظمة الإسلامية الشيعية"التي يرأسها رجل إيران في نيجيريا "إبراهيم زكزكي"، وستتعاون مع الجماعات المُتطرفة التابعة لتنظيم الدولة في أفريقيا لتقض مضجع القوى الدولية حتى يتم الإعتراف بها كقوة إقليمية وبعد تحقيق أهدافها ستستخدم ميلشياتها "الشيعية"لإشعال حرب طائفية في نيجيريا  على الطريقة "العراقية".

تم نشر المقال في مجمع الأفارقة في جمهورية مصر العربية على الرابط التالي:

كما تم نشر المقال في دولة الإمارات العربية المتحدة على الرابط التالي:


(1). شركة Goldman Sachs شركة أمريكية مُتعددة الجنسيات تشارك القطاع المصرفي العالمي وإدارة الإستثمار وهي  ذات الشركة التي أطلقت إسم (بريكس/ BRICS) على أحد أهم التكتلات الإقتصادية في العالم الذي يضم ( البرازيل ، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا).
(2). أكد البنك الدولي أن نيجيريا واحدة من أهم الأسواق الناشئة في أفريقيا، وبحلول عام 2050 من المرجح أن تصبح واحده من أكبر إقتصاديات العالم العشرين.


أمــــينة الــعريمـــــي
بـــــاحثة إمــــاراتــــية فـــي الــــشأن الأفـــريــقـــي


الأربعاء، 27 أبريل 2016



صورة لجبهة شرق افريقيا في الصومال والتابعة لتنظيم الدولة " داعش"
الصومال، بين تقسيمها وترهيبها
تقول الحكمة الأفريقية القديمة " صوت البوم مشؤوم، لأنه يصوت حين لا تصوِّت الطيور الأخرى".
تبدو تلك الحكمة الأفريقية القديمة في محلها ونحن نشهد ولادة ما يسمى بــ ( جبهة شرق أفريقيا ) التابعة لتنظيم الدولة "داعش" في مملكة النبط القديمة (الصومال)، وكأن أرض الألهة والرمح والأبل (الصومال) موعودة بسعير مُقيم وجد له في أرضها أرضية خصبة ومناسبه ليقضي على كل بادرة للحياة في تلك الأرض التي ما زالت تصارع الحياة لإنتزاع حقها من التاريخ والإقتصاد والسياسة
لم أتفاجىء شخصياً بالمولود الجديد "جبهة شرق أفريقيا" فالظروف السياسية والتاريخية والإقتصادية التي تعصف بالصومال منذ عام 1991 تنبىء بما هو أخطر من تناسل التنظيمات الأرهابية، خاصة أن الدول المجاورة للصومال تغزل نسيجها لإبقاء الوضع الصومالي على ما هو عليه، وإن كان هناك ما هو أسوء فسيتم غزله وسيفرض على الصومال إرتداؤه.
تبدو الدول المجاوره للصومال (أثيوبيا ، جيبوتي ، كينيا ) داعمه لما يحدث في مملكة النبط القديمة من بوادر التقسيم ومطالبة بعض الأقاليم الصومالية بالإنفصال والإستقلال الذاتي، إلى تناسل التنظيمات الإرهابية كحركة الشباب المجاهدين وجبهة شرق أفريقيا مؤخراً، ففيما يتعلق بتقسيم الصومال، فأثيوبيا تُعتبر من أكثر دول القرن الافريقي الداعمه لتقسيم الصومال، لعدم إمتلاكها لأي منفذ بحري بعد إستقلال إريتيريا 1993، وإرتفاع عدد سكان أثيوبيا من جهة وضعف الطاقة الإستيعابية لميناء جيبوتي لحركة صادرات وواردات دولتين من جهة أخرى، جعلت أديس أبابا تُفكر في اللجوء إلى موانىء الإقاليم الصومالية شبه المستقلة ( بونتلاند، أرض الصومال )، فأثيوبيا ترغب في وجود أكثر من بديل للوصول إلى المياه، ومن الجدير بالذكر أن وزير الشؤون الخارجية لأرض الصومال ( الدكتور / محمد عبدالله عمر) صرح بتاريخ 22-8-2011 أن هناك إتفاق ثلاثي بين ( الصين / أرض الصومال/ أثيوبيا) يستهدف توسيع ميناء بربره، وتشييد الطريق الذي يربط بين أرض الصومال وأثيوبيا (من العاصمة هيرجيسا حتى إقليم أوغادين الأثيوبي) ووجود الصين في هذا الإتفاق يمهد للإعتراف الصيني بأرض الصومال كدولة مستقلة، أما جيبوتي فترى أن موانىء الإقاليم الصومالية منافسة لها، ومع قيام حكومة أرض الصومال بتصدير المواشي الى دول الخليج العربي عبر ميناء بربرة الدولي تقدمت جيبوتي بإقتراح أن يتم التصديرعبر أراضيها كونها دولة مُستقلة معترف بها دوليا ًعلى عكس إقليم أرض الصومال في محاولة لعرقلة تطور إقتصاد إقليم أرض الصومال، وعندها جاء الرد من (هيرجيسا) بعقد مؤتمر صحفي ترأسه حينذاك وزير تنمية الثروة الحيوانية في أرض الصومال (إدريس إبراهيم عبدي) حذر فيه مواطنيه من إستخدام الموانىء الجيبوتية وإلا سيتعرضون للمسائلة القانونية وسيواجهون تهمة تخريب الإقتصاد، أما كينيا، فترى إن إقامة منطقة عازلة بطول 100 كلم ( إقليم جوبلاند) داخل الأراضي الصومالية المُتاخمة للحدود الكينية وإحتلالها سيساعد نيروبي على الإستفادة من خيرات الإقليم وصرفها لمصالحها الإقتصادية ، والسيطرة الكاملة على ميناء( كيسمايو) الذي يعتبر قاعدة لتموين حركة الشباب ومركزاً للإتصالات والمراقبة البحرية، فضلاً عن فتح ممر بحري أمن لعمليات ضد جنوب الصومال تستهدف الحركة ووجودها في الصومال، فميناء (كيسمايو) يشكل شريان الحياة لحركة الشباب المجاهدين، ويوفر لكينيا حلقة إتصال خارج الصومال وهذا هو الهدف الإستراتيجي المباشر للهجوم العسكري الكيني على الصومال، من ناحية أخرى نجد أن القوى الدوليه  ترى أن وجود النفط في إقليمي ( أرض الصومال ) و ( بونتلاند) يدعم توجهها الإنفصالي كما أن الإعتراف بأرض الصومال وبونتلاند كدول مُستقلة سيساعدها  على التخلص من أزمة جنوب الصومال، أضف إلى ذلك أن الموقع الإستراتيجي للإقليميين وإرتباطهما بأمن البحر الأحمر جعل أغلب الدول تتعاون مع إدارات تلك الأقاليم .
مخاطر تقسيم الصومال
·       عدم الإستقرار السياسي والتحديات الأمنية الكامنه في الصومال من المرجح أن يمنعا الجدوى والربحية للمشاريع الإستثمارية كما يمكن أن يسببا إرتداداً للتحسينات التي جاءت بشق الأنفس للحكومة الصومالية .
·       الإقاليم الفيدرالية ستدخل في إتفاقيات متضاربة لإستخراج النفط مع الشركات الخاصة فالطبيعة التنظيمية المجهولة لتلك الموارد قد أثبتت بالفعل بأنها إشكالية في المناطق المتمتعه بحكم شبه ذاتي مثل ( أرض الصومال) و( بونتلاند) وهذا ما فعلته تلك الحكومات الذاتية عندما منحت تراخيص خاصة بها دون مباركة الحكومة المركزية ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الإضطراب والصراع حول الحقول المربحة وتوزيع العائدات.
·       الصومال ليست مستعدة لتطوير النفط رغم الممرات البحرية الملاحية والثروات الغير المستغلة والتي تشير بعض المصادر أنها تقدر بــ ( 110) مليارات برميل، ولا غرابة أن تكون شركات النفط متعددة الجنسيات مفتونه ولكن المستثمرين سيكونون من الحكمة أن يفكروا مرتين .
·       شركات النفط الاجنبية ستواجه درجة عالية من عدم الإستقرار السياسي كما أن الشروط القانونية والدستورية في الصومال غامضة في تحديد من يمكن أن يتفاوض على عقود مع شركات النفط .
ولكن ما الذي يهدد إقليمي  بونتلاند وأرض الصومال ؟
·       التنافس بين (بونتلاند) و ( أرض الصومال) على منطقة ( سول و سناغ) قد تؤدي إلى صراع مفتوح يهدد إستقرار وأمن الإقليمين وبما أن الإقليمين غيرمعترف بهما لذلك فهما خاضعين لحظر الأمم المتحدة على بيع السلاح للصومال حيث تحتاج الى إذن من لجنة العقوبات قبل إستيراد معدات عسكرية أو إجراء تدريبات عسكرية .
·       ما يهدد إقليم أرض الصومال ضعف مؤسسات الحكم لضعف الدعم الدولي بسبب عدم الإعتراف الدولي الذي يحرم السلطات في أرض الصومال من الحصول على دعم المؤسسات السياسية والاقتصادية الدولية .
·       وجود المنظمة السياسية المسماه ( خاتومو) وهي منظمة سياسية تتبع عشيرة ( دولبهانتي) التي تسعى الى الإنفصال عن إقليم أرض الصومال وتعاني من إنقسامات ما بين موالين ( لبونتلاند ) و ( أرض الصومال ) و ( منظمة خاتومو) .
·       أنشطة حركة الشباب الصومالية التي نجحت في إغتيال نائب منطقة بونتلاند سعيد حسين نور في مدينة غالكايو، ويُعد نور ثاني نائب عن بونتلاند يقتل بأيدي حركة الشباب.
جاءت قضية تقسيم الصومال التي يعاني منها الواقع الصومالي مناسبة ليعزز تنظيم الدولة "داعش" وجوده في الصومال ويضمن أنه سيسير بخطى ثابته لن تتزعزع ما دام صوته المشؤوم يصدح في أرض لا يُسمع فيها إلا صوت البوم.
هناك إحتمالان أرى بأنهما يقفان وراء "جبهة شرق أفريقيا" التي ظهرت مؤخراً في الصومال
الأول، قد تكون هذا الجبهة جزء من حركة الشباب المجاهدين، صحيح أن حركة الشباب لم تُبايع تنظيم الدولة ولكن لا يمنع أن تشكل فصيلاً تابع لها في السر ولكن ضدها في العلن لكسب مزيد من الأوراق في تلك المنطقة، والثاني، لو فرضنا أن هذا التنظيم الجديد غير تابع سراً لحركة الشباب المجاهدين إلا أنه ببيعته لتنظيم الدولة "داعش" سيثبت قوته على الأرض قريباً خاصة أنه يتفوق على حركة الشباب المجاهدين تقنياً وتسليحاً ومادياً وقد يقود ذلك لإنضمام جماعة الشباب المُجاهدين لهم غداً
السيناريوهات المحتملة :-
السيناريو الأول: مع توالد التنظيمات الإرهابية في الصومال قد تتدخل بعض القوى الإقليمية وحلفاءها من المُعارضين لبناء سد النهضة في دعم هذا التنظيم الإرهابي الجديد لإزعاج القيادة الاثيوبية مما ينبىء بسيناريو مُخيف قد يعصف بكل خطط التنمية التي يترقبها القرن الافريقي ودوله من سد النهضة، رغم أنها لن تملك أن توقفه، خاصة أن سد النهضة سيعمل بشكل كامل خلال عام من الان، من ناحية أخرى قد تستعمل بعض القوى الأقليمية تلك التنظيمات الإرهابية لقض مضجع أديس ابابا من خلال ضرب مصالحها في الموانىء الصومالية مثل ميناء بربرة في إقليم صومالاند وفي ميناء بوصاصو في إقليم بونتلاند، وحتى إقليم أوجادين الذي تحتله أثيوبيا منذ القدم.
السيناريو الثاني : قد تسبق (أثيوبيا) بعض القوى الإقليمية في التعامل مع تلك التنظيمات الإرهابية وإستخدامها بما يحقق مصالحها خاصة أن أديس أبابا تعتبرالقوة الفاعلة في القرن الأفريقي ويمكن أن تقدم لمثل تلك التنظيمات ضمانات حقيقية تضمن بقاءها في الساحة الصومالية كقوة فاعلة ومُسيطرة.
من المُرجح أن تمُر منطقة القرن الأفريقي بمرحلة مفصلية، وقد نشهد توالد للتنظيمات الإرهابية حتى في تلك الدول المُستقرة سياسياً في القرن الأفريقي مثل ( جيبوتي )( أريتيريا )، وفي ظل ذلك المشهد ستعود القرصنة في السواحل الشرقية للصومال بشكل أقوى مما كانت عليه سابقاً وقد تمتد لعموم الموانىء الأفريقية الأخرى المُطلة على المحيط الهندي، ومن البديهي حينها أن تتتعاون المُنظمات الإرهابية التابعة لتنظيم الدولة مثل بوكو حرام وغيرها من التنظيمات في دول غرب أفريقيا مع تلك المتواجدة في شرق أفريقيا مما ينبىء على توحدها لتشكل بذلك ذراع قوي لتنظيم الدولة في أفريقيا والذي سيُمارس كافة قوته وأذرعه لتغيير الموازين على الأرض وسيحظى بدعم دولي مُستتر ما دام لم يتعرض لمصالح القوى الدولية التي ترغب بتواجده في تلك المناطق التي تشهد صراعات مُتلاحقة لتحريكه في الوقت المُناسب، كما يمكنها إستخدامه مُستقبلاً في مناطق يُراد لها أن تنال نصيباً من ويلات الصراع.


 تم نشر الدراسة السابقة في مركز مقديشو للبحوث والدراسات الإستراتيجية على الرابط التالي :


تم نشر الدراسة في جريدة الفجر الإماراتية على الرابط التالي:


كما تم نشر الدراسة في مجمع الأفارقة تحت عنوان جبهة شرق افريقيا”هل ستساهم في تفاقم الوضع في الصومال؟على الرابط التالي:-

تم نشر الدراسة في الحصيلة السياسية في دولة الكويت على الرابط التالي :

أمــــــينة الـــــعريــــمي
بـــاحثة إمــــاراتــــية فـــي الـــشأن الأفـــريـــقي

Afrogulfrelations_21@outlook.com

الأحد، 10 أبريل 2016







إيران " تاجكو" في أفريقيا
يقول المثل الأفريقي القديم " ما دامت النمور لا تمتلك مؤرخيها ، فإن حكايات الصيد ستظل تُمجد الصيادين".
بعد أن أعلنت السلطات الأمنية الغامبية في أواخر 2015 القبض على شحنة أسلحة إيرانية تحتوي على صواريخ من عيار 107 ملم مُصممة لمهاجمة أهداف ثابتة والتي تستخدمها الجيوش لدعم وحدات المشاة في طريقها إلى إحدى الدول الأفريقية (نيجيريا)، أقدمت الحكومة الغامبية برئاسة الرئيس يحيي جامع على طرد الدبلوماسيين الإيرانيين من أراضيها، وأعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وإلغاء جميع المشاريع المُبرمه بين بانجول وطهران، بعد إتهام غامبيا لإيران بمزوالتها أنشطة تخريبية على أراضيها،وتزامن ذلك بطرد مجموعة من رجال الأعمال الغامبيين "من أصول لبنانية " بعد إن إتهمتهم بانجول بممارسات تجارية غير مقبوله أضرت بالإقتصاد الغامبي وتشغيل شبكة أعمال أفريقية في عدد من الدول المجاورة مثل أنغولا والكونغو الديموقراطية والسيراليون لصالح طهران والتنظيمات التي تدعمها، وأعطتهم مهلة لمدة ثلاثون يوماً لإغلاق جميع شركاتهم المحلية التي إعتبرتها بانجول واجهة لطهران في أفريقيا، إلا أن تقرير وزارة الخزانة الأمريكية جاء مُؤخراً ليؤكد عن كشفه لتفاصيل شبكة التمويل الأولى لإيران في أفريقيا " جنوب الصحراء" والتي أطلق عليها " شبكة /Tajco"، والتي قامت بتبيض أموال لصالح الجمهورية الإيرانية والتنظيمات الإرهابية التي تتلقى دعماً أمنياً ومادياً "لوجستيا" من طهران.
نجحت شبكة " تاجكو" في تأسيس شركات تعمل في مجال الإستثمارات العقارية ( بناء مساكن ، فنادق، مجمعات تجارية ومصانع للمواد الغذائية ) مثلAfrosfran ، Afribelg، Golfrate، في بعض الدول الأفريقية " جنوب الصحراء" مثل: أنغولا، غامبيا ، الكونغو الديموقراطية، والسيراليون، وجزر فيرجن البريطانية، وسنأتي على ذكرها بالتفصيل.
شهدت كينشاسا عاصمة الزعيم الروحي للكونغو الديموقراطية " باتريس لومومبا" نشاطاً إيرانياً غير مسبوق بدءاً بتأسيس مدارس دار الهدي والجمعية الإسلامية لأهل البيت، والإيخاء الإسلامي، ومسجد الرسول الأعظم، والمؤسسة الخيرية للبحوث الإسلامية والرعاية الإجتماعية للمسلمين الجدد والتي حملت رمز (I.R.W.F.A) في مدينة كيكويت الكونغولية والتي أعلنت على لسان رئيسها العام السيد ( دانغاما جيري سليمان ) أنها تُمارس دورها في " التبليغ المذهبي"، وإنتهاءاً بتأسيس شركة "Ovlas وشركة "الكونغو فوتور" والتي تبدو ظاهرياً أنها شركة للمُنتجات الغذائية، إلا أنها في واقع الحال شركة لتجارة الألماس، أو ما يُعرف بـ"ماس الحروب"، والمقصود بـ"ماس الحروب" أي المُستخرج من مناطق النزاعات، ومن الجدير بالذكر أن دولة بوروندي والتي لا تنتج الذهب، والماس، والرصاص، والكوبالت قامت بتصدير هذه المعادن جميعها وفي وقت واحد بالتزامن مع وجود قواتها في الأجزاء الغربية لجمهورية الكونغو الديموقراطية ، الكونغو-كينشاسا ما زالت إلى اليوم منجماً للثروات الطبيعية ولكنها تعيش في دوامة من الإستغلال والإنتهاك الغير قانوني للثروات الطبيعية بصورة تستدعي دق جرس الإنذار، من المُفارقات المؤلمة إنني أثناء سفري من جنوب إفريقيا ( بريتوريا) إلى روندا (كيغالي) توقفت في مقاطعة باندوندو الكونغولية وبالتحديد في مدينة كيكويت وأصطحبني أحد الأصدقاء إلى ندوة تتحدث عن تاريخ شركة “De Beers في أفريقيا "جنوب الصحراء" والذي يرجع لعام1881، والمستحوذة على سوق الألماس العالمي، وخرجت من تلك الندوة لا أتذكر شيئاً إلا ما قاله أحد المتواجدين في القاعه " أفريقيا جنوب الصحراء واقعة تحت وطأة ما يسمى مصلحة (win-win) المُربحة لجميع الأطراف التي تتنافس على خيراتها ما عدا الأطراف الوطنية وهذا ما كان يُحاربه رموز أفريقيا ودفعوا حياتهم ثمناً لها .
 أما في أنغولا ( لوندا ) فتم تأسيس شركة ((Golfrate المملوكة بالكامل لشركة Ovlas  التجارية، والتي تعتبر جزء من العمليات الرئيسية لشبكة "تاجكو"، أما في غامبيا فتم تأسيس أكبر مبنى تجاري (Kairaba) التابع لشبكة "تاجكو" ويضم فندق وأسواق تجارية ساهمت -كما تقول -بتوفير الكثير من فرص العمل لمئات الغامبيين مما ساعد في خفض البطالة، ومن الجدير بالذكر أن ( تاجكو) تعتبر أهم مستوردي الأرز والدقيق والسلع الأساسية في بانجول (غامبيا)، والغريب أنه بعد أن أعلنت السلطات الغامبية القبض على أفراد شبكة تاجكو أصدر الرئيس  الغامبي ( يحيي جامع) عفواً رئاسياً عن أحد أفراد تلك الشبكة، وتم إنهاء تلك القضية وحفظها في دلالة واضحة على حجم الوجود والتأثير الإيراني في تلك المنطقة البعيدة عن الإهتمام العربي والخليجي، أما في أنغولا، فقد قررت الحكومة الأنغولية إيقاف نشاط الشركات التابعة لشبكة " تاجكو" بسبب الإضرار بالإقتصاد الأنغولي، ومساعدة تنظيمات إرهابية، وحاولت طهران عن طريق رجال الأعمال الذين أوفدتهم إلى لوندا للتفاوض مع الحكومة الأنغولية للوصول إلى إتفاق كالشراكة مثلاً، ولكن السلطات الأمنية في لوندا لم تسمح بذلك ، ومن الجدير بالذكر أن أنغولا أعلنت أن هناك شركات على أراضيها متورطة بالشراكة مع شبكة تاجكو مثل شركة (Arosfran) والتي  قامت السلطات الأمنية الأنغولية بترحيل جميع العاملين فيها بسبب وضعهم الغير القانوني، وممارستهم لعمليات غسيل الأموال والإرهاب لصالح طهران، وأصدر القضاء الأنغولي حكمه بحظر دخولهم للأراضي الأنغولية لمدة 20 عاماً، وأعلن بنك الإستثمار الأفريقي أنه منع حسابات ثلاث شركات وهي : Afrosfran  ، و Afribelg، و، Golfrate، التابعه لشركة (تاجكو /Tajco )، بإعتبارها جهات مانحة لتنظيمات إرهابية.
بدت شبكة  " تاجكو " بعد كشفها عبارة عن شبكة متعددة الجنسيات ، تقوم بضخ ملايين الدولارات لتضمن معاقل جغرافية وإستراتيجية للجمهورية الإيرانية ومن تقوم بدعمه من تنظيمات وميلشيات سواء في أفريقيا أو في مكان أخر من هذا العالم ، كانت تلك الشبكة تسمى في أفريقيا  بــ " الشبكة المالية " لطهران ومن تدعمه من تنظيمات حيث إنها تقوم بجمع التبرعات لتقديم الدعم للتنظيمات والأنشطة الإيرانية ليس فقط في القارة السمراء بل إمتد نشاط تلك الشبكة في أسيا فعلى سبيل المثال تم تأسيس  مدينة للألعاب المائية مؤخراً في محافظة النجف الأشرف العراقية بحضور محافظ النجف ( عدنان الزرفي)، كما كانت تعمل تلك الشبكة بإعتبارها الكيان الرئيسي لشراء وتطوير العقارات نيابة عن طهران وتحت إسم (TAJCO LLCإلا أن ما يُقلق أن تلك الأموال المُتولدة في هذه الإقتصادات الضعيفة وغير المُنظمة في بعض الدول الأفريقية " جنوب الصحراء" في كثير من الأحيان يمكن أن تنجح في دعم المنظمات الإرهابية في أفريقيا ، مثل بوكو حرام في نيجيريا، وحركة الشباب المُجاهدين في الصومال مما سوف يسهل ضرب المصالح الخليجية والعربية في أفريقيا "جنوب الصحراء"، خاصة أن طهران تُفضل تحقيق مصالحها الإستراتيجية حتى لو تعارضت مع أيدلوجيتها الدينية والطائفية ولنا في موقفها مع أذربيجان " المسلمة والتي تشارك طهران في مذهبها" والتي كانت في حالة حرب مع أرمينيا عبرة حسنة.
نجحت طهران في تعويض تهميشها بالتنسيق مع دول الساحة الأفريقية،وبعد التوقيع على الإتفاق النووي تضاعف إصرارطهران على نقل معركتها إلى اليمن والبحرالأحمر،مما يؤكد أن التوجهات الإيرانية الإقتصادية ستكون عامل ثابت،وستوسع إيران نفوذها في أفريقيا وستجد الدول الأفريقية مُبرراً لتطويرعلاقتها مع إيران بعد أن تم وضع حد للعراقيل التي كانت تقيد طهران في أفريقيا في ظل غياب مشروع ورؤية خليجية عربية إستراتيجية واضحة.
 تم نشر المقال في جريدة الفجر الإماراتية على الرابط التالي :
وتم نشر المقال في جريدة الحصيلة الكويتية على الرابط التالي :

أمــــينة الــعريمــــي
بـــــاحثة إمــــاراتــــية فـــي الــــشأن الأفـــريــقـــي