الاثنين، 29 فبراير 2016




بنـين ،، الفجـــر الجـــديد




بنين ، أو مملكة داهومي كما كان يطلق عليها منذ القدم، ودولة الملوك اليوم كما أسمتها لجنة التراث الثقافي الإنساني لليونسكو منذ عام 1985،  بسبب إحتضانها لأجمل القصور الملكية المُكتسحة بالإحمرار الداكن والتي تقول الأسطورة الأفريقية إن ذلك الأحمرار الداكن ما هو إلا دماء الأعداء من المستعمرين البرتغاليين والفرنسيين وحتى من القبائل الأفريقية الأخرى الذين حاولوا غزو مملكة داهومي فتم قتلهم وخلط دمائهم بطين الأرض لتشييد تلك القصورالتي تمتد على مساحة واسعه تزيد عن 48 هكتاراً.
أسس الملك هويغبادغا في القرن السادس عشر مملكة داهومي وتعاقب عليها منذ عام 1625 إلى 1900 إثنا عشر ملكاً ، قام كل واحد منهم بإستثناء إثنين بتشييد قصره، وحافظوا على النمط المعماري لقصور الملوك الذين سبقوهم ، وكان أولئك الملوك يعتنقون ديانة تسمى ( الفودو) التي مازالت تُمارس شعائرها حتى اليوم ويعتنقها عدد كبير من سكان بنين، في حين يرى بعض المؤرخون أن مملكة داهومي تأسست على يد عرقية " الأدجا " الذين قدمو من توغو وإستوطنوا منطقة أبومي وتزاوجوا مع عرقية "الفون" التي كانت متواجدة في تلك المنطقة قبل وصول " الأدجا" مما خلق عرقية جديدة عُرفت بإسم "داهومي "، وكان أول حاكم لتلك المملكة هو " جانجنيهيسو "، الذي قام على تقوية المملكة التي إمتلكت ثقافة عسكرية نجحت في تأمين حدود المملكة، ومن الجدير بالذكر أن تلك المملكة العظيمة كانت توجد بها كتيبة عسكرية نسائية تسمى " أهوسي" بمعنى " أمهاتنا" بلغة الفونجبي ، أما المستعمرون الأوروبيون فأسموها " سبارتا السوداء"، ومن الجدير بالذكر أن بنين اليوم تخشي على تراثها القديم من السرقة بعد زيادة عدد السكان الذي دفع بعضهم إلى محاولة إحتلال تلك القصور القديمة التي تقف شامخة منذ الأف السنين ليتخذوها مساكن لهم ولكن وجود سياسة سلطة الإشراف الخاصة بحماية الموروثات الثقافية للبلاد تحول دون ذلك ، إلا أن ما يعترض تلك السياسة ضعف التعزيزات الأمنية للوحدات التي تحرس تلك المملكة القديمة.
أما العاصمة البنينية كانت تُعرف بإسم "هوغبونو" وقامت بتأسيسها عرقية "الأدجا" التي مازالت تشكل مكون عرقي أساسي في المجتمع البنيني، وبعد إحتلال لشبونه لمملكة داهومي من القرن الخامس عشر إلى أواخر القرن الثامن عشر قاموا بتغيير إسم العاصمة من مسماها الأفريقي "هوغبونو" إلى "بورتو نوفو" ومعناها الميناء الجديد، ومن الجدير بالذكر أن إسم بورتو يحمل اليوم إسم منطقة ونادي رياضي وأكبر جامعه أكاديمية في البرتغال، أما كلمة "نوفو"  فهو نظام أسسه "أنطونونيو دو سالازار" لحكم البرتغال من عام 1932 إلى عام 1974، وكان يسمى بــ (نوفو إستادو) بمعنى الدولة الجديدة.
بعد أن حول البرتغاليون ساحل مملكة داهومي إلى ساحل تجارة الرقيق، غادرت أخر سفينة برتغالية ساحل مملكة داهومي عام 1885 ، وبعدها جاء الفرنسيون 1892 وساهموا بإضعاف مملكة داهومي، وقاموا بضم تلك المنطقة إلى المستعمرات الفرنسية الواقعه في السودان الغربي عام 1892، حتى نالت داهومي إستقلالها عن فرنسا عام 1960 بقيادة هوبير ماغا أول رئيس للبلاد بعد الإستقلال ، ولكن سرعان ما تم الإنقلاب عليه بقيادة حارسه الشخصي " ماثيو كيريكو" الذي كان مُلتحقاً بالمدرسة الحربية الفرنسية وأعلن نفسه رئيساً للبلاد ، وفرض الماركسية اللينينية كأيدولوجية رسمية للدولة ، كما قام بتغيير إسم الدوله من داهومي إلى جمهورية بنين الشعبية، تيمناً بخليج بنين المقابل للعاصمة بورتو نوفو، وتم إختيار إسم بنين لكونه مُحايداً ، لأن مملكة داهومي السابقة شملت الجزء الجنوبي للبلاد فقط.
تحت وطأة الإحتجاجات الشعبية وإزدياد الدين الخارجي حاول النظام السياسي بقيادة " ماثيو كيريكو" تمويل نفسه عن طريق التعاقد بتصريف النفايات النووية الفرنسية إلا أن سوء الأوضاع الإقتصادية وإنهيار النظام المصرفي، أسقط الماركسية اللينينية وتولى " نيسيفوري سوجلو" رئاسة الوزراء، وإتبعت الدولة برنامجاً للإصلاح الإقتصادي، وتم الإستفتاء على الدستور الجديد، وتم الإعتراف بالتعددية السياسية، وتغيير إسم الدولة في الأول من مارس 1990 من جمهورية بنين الشعبية إلى جمهورية بنين.
تعتبر بنين اليوم من قلائل الدول الأفريقية التي تحصد الثناء وعلى الصعيد الدولي بسبب نجاح الإنتخابات العادلة المتعددة الأحزاب التي تجرى في أراضيها ورغم سجلها الديموقراطي القصير إلا أن بنين تعتبر اليوم نموذج للديموقراطية في أفريقيا، كما سجلت بنين رصيداً عالياً في مؤشر إبراهيم للحكم الرشيد لعام 2008 في أفريقيا والذي يقيس حالة الحكم عبر القارة، وحصلت بورتونوفو على المرتبة 13 من بين الدول الأفريقية جنوب الصحراء، وسجلت رصيداً جيداً في فئات السلامة والأمن والمشاركة وحقوق الإنسان.
بنين اليوم عضو في منظمة تنسيق قانون الأعمال في أفريقيا (أوهادا)، وهذا ما يدعم فرص بنين في النمو الإقتصادي وإزدهار سوق العمل فيها سببه إلزامية ومجانية التعليم ، فالرسوم الدراسية ألغيت في بورتونوفو تنفيذاً لتوصيات المنتدى التربوي ، وتعمل وزارة التعليم على تطوير الكوادر التعليمية وإرسال وفود من الطلاب تتجاوز أعدادهم 210 طالب وطالبة على نفقة الدولة للدراسة في الخارج وفي كل المجالات، أما الوضع الصحي للسكان فلقد تطور بشكل إيجابي بفضل مبادرة باماكو عن طريق إدخال إصلاحات في نظام الرعاية الصحية مبنية على المجتمع، مما أدى إلى توفير خدمات أكثر كفاءة،كما قامت الحكومة مؤخراً بدعم إستراتيجية شاملة لجميع مجالات الرعاية الصحية، مع تطوير مؤشرات الرعاية الصحية، كما أن إقتصاد بنين  في حالة تطور وذلك بالتركيز على السياحة، وتسهيل وضع نظم جديدة لتجهيز الأغذية والمنتجات الزراعية، وتشجيع التكنولوجيا الجديدة، وبرزت مشاريع لتحسين مناخ الأعمال من خلال إصلاحات لنظام حيازة الأراضي، ونظام العدالة التجارية، وقدم المجتمع الدولي لبنين منحة حساب تحدي الألفية، كما خفض نادي باريس والدائنون الديون الخارجية لبنين، إلا أن بورتو نوفو تشكو من عدم كفاية الإمدادات الكهربائية التي لا تزال تؤثر سلباً على النمو الإقتصادي رغم أن الحكومة في الآونة الأخيرة إتخذت خطوات لزيادة الإنتاج المحلي في مجال الطاقة.
تعتبر بنين واحدة من أكثر الدول إلتزاما بمبادئ الإتحاد الإقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا (الأيموا) ، كما أن بورتو نوفو عضو في برنامج (ACP) وهو برنامج يختص بتطوير السياسات التنموية للدول النامية في مختلف أرجاء العالم بجانب توفير الدعم من الإتحاد الأوروبي ، ومن ثم يعد البرنامج فرصة لنفاذ صادرات الأيموا إلى العالم الخارجي .
الإدارة الإقتصادية الرشيدة والإستقرار السياسي من الأمور التي ساعدت جمهورية بنين على الإرتقاء بمستوى أداء الإقتصاد، ويمكن القول أن بنين قد حققت النتائج المرجوة في ثبات الإقتصاد الكلى وإصلاح المالية العامة، وهذا ما يترجمه نشيدها الوطني الذي يحمل شعار " الفجر الجديد".
في مقابل هذا التطور الإقتصادي الذي لا تخطئه العين عند زيارة بورتونوفو إلا أن هناك شي غريب لفت نظري عند زيارتي لإحدى القرى في دولة  "الفجر الجديد" ، إنني رأيت رجلاً ظاعناً في السن يحمل بين خاصرتيه دمى تشبه تلك الدمى التي يلهو بها الأطفال وبعد حديث طويل تجاذبته معه حول جمال وسحر الطبيعة وإشتمام عبق التاريخ في منطقة أبومي ، إستأذنته بطرح سؤالي حول سر إهتمام وحرص الرجال والنساء على حمل الدمى الخشبية، فكانت إجابته " سيدتي نحن أُناس ننتمي إلى عرقية "الفون" نتميز عن باقي العرقيات بكثرة ولادة نساءنا لتوائم  فإذا مات التوائم وهذا غالباً ما يحدث بسبب إنتشار مرض الملاريا، نقوم بصنع دمى للتوائم المتوفين لأننا نؤمن بأن أرواحهم تسكن تلك الدمى التي لابد من رعايتها والإهتمام بها حتى لا تصب لعنتها على الأسرة بكاملها " (إنتهى كلام الرجل الطاعن في السن ).


غادرت أبومي إلى بورتونوفو ومنها إلى كوتونو( أكبر مدينة في البلاد ) إستعداداً للسفر إلى وجه أفريقية أخرى أعلم يقيناً إنها تمتلك جميع التناقضات كما تمتلك جميع الحقائق .
     تم نشر المقال في جريدة الفجر الاماراتية

 تم نشر المقال في مجمع الافارقة على الرابط التالي :

أمــــــينة العريمــــــــي
باحثــــة إماراتيـــة فـــي الشـــأن الأفـــريقــــي










الجمعة، 19 فبراير 2016




"من مـــوسى أمـــييك بيــــك إلى مـــوزمبيــق"

موزمبيق ، جاء إسم ( موزمبيق ) تيمناً بإسم القائد الإسلامي ( موسى أمييك بيك) الذي وصل إلى تلك المنطقة بعد نجاح المسلمين في تأسيس ما يُعرف بسلطنة كلوة الإسلامية على إمتداد السواحل الشرقية للقارة الأفريقية ، أما عاصمتها مابوتو تأسست بشكلها الحديث عام 1876 وكان يطلق عليها  إسم ( الورنزوماكيز) في عام 1544 نسبة إلى تاجر برتغالى قيل أنه من قام بتأسيسها ، وقد أدى إنشاء خط سكة حديد تصل إلى بريتوريا بجنوب أفريقيا إلى زيادة سكان المدينة.
ينتمي الشعب الموزمبيقي في عمومه إلى عرقية ( البانتو ) المعروف عنهم القوة البدنية ، وتنظيمهم السياسي والعسكري بشكل يتفوق على عرقية ( البشمن والهوتنتوت) اللذان كانت درجة تنظيمهم وطبيعة إستقرارهم وأدواتهم البسيطة لا يمكن أن تجعلهم يستمرون في البقاء إلا في حالة غياب أعداء أقوياء لا يكونون أفضل منهم تنظيماً وسلاحاً وبناءاً ، لقد كان على ( البشمن والهوتنتوت) ألا يأملا بالإستمرار في السيطرة على مناطقهم في مواجهة غزاة متفوقين مثل ( البانتو) ، فإستمرار وجود عرقية البانتو إلى اليوم في وسط وجنوب أفريقيا يرجع إلى جمعهم بين الزراعه والرعي كما أن مستواهم المعيشي كان أعلى بقدر كبير من إقتصاد أسلافهم لأنهم كانوا قادرين على إستخدام وصناعة الأدوات الحديدية التي كانت بلا شك أفضل من  الأدوات الحجرية والمصنوعه من العظام التي كان يستخدمها ( البشمن والهوتنتوت)، وبهذه الكيفية إستطاع البانتو تطهير الغابات والأحراش وزراعة الأرض بمساحات كبيرة، أضف إلى ذلك أسلحتهم الحديدية مثل السهام الحديدية ذات البأس الشديد والتي تفوقت على أسلحة خصومهم ، وبمرور الوقت ذابت العرقيات ( البشمن والهوتنتوت) في مجتمعات البانتو وعاشوا بينهم وتزاوجوا معهم فكونوا شعب موزمبيق كما نراه اليوم.
وصل الإسلام إلى موزمبيق عبر قوافل التجار العرب القادمين من اليمن وبالتحديد من مدينة ( حضرموت) ، و أسس المسلمون أثناء عصرهم الذهبي في شرق أفريقيا ما يُعرف بسلطنة ( كلوة الإسلامية) التي إمتدت من السواحل الشرقية لأفريقيا حتى مدينتي موزمبيق ووسوفالة وظل المسلمون يحكمونها حتى عام 1505 الذي كان بداية الإستعمار البرتغالي لتلك المناطق وتم تدمير سلطنة كلوة الإسلامية وأستمر الصراع قرنين من الزمان ونجح العرب والملسمون من هزيمة البرتغاليين في معظم سواحل شرق أفريقيا إلا أن البرتغاليين تمسكوا بموزمبيق ودام إحتلالهم لها أربعة قرون ونصف ، ومارس الإستعمار البرتغالي على المسلمين إستراتيجية تذويب الهوية ، فالإحتلال البرتغالي الذي سيطر على موزمبيق أخذ على عاتقه مسؤولية تذويب هوية المسلمين وذلك بإجبارهم على تغيير أسمائهم من أسماء عربية وإسلامية إلى أسماء تنال رضا المستعمر كشرط للإلتحاق بالمدارس التي كانت تحت سيطرة وإشراف الكنيسة الكاثوليكية، وكانت لتلك الإستراتيجية دور في تغيير الكثير من المسلمين ديانتهم فيما عزف باقي السكان عن إلحاق أبنائهم بتلك المدارس ، وما ينبغي أن نؤكده أن وجود الإسلام في موزمبيق سابق للمسيحية بنحو ألف عام وقبل حتى وصول المستعمر البرتغالي إلى السواحل الموزمبيقية ، فبعد إنهيار الدولة الإسلامية في الأندلس تولى البرتغاليين مسؤولية تتبع الإسلام في أي دولة لكسر شوكته وبدؤوا منذ ذلك الوقت بتشكيل مستوطنات في السواحل الشرقية والجنوبية للقارة الأفريقية التي كانت يسيطر عليها البحارة العرب والمسلمون وفي ظل التنافس العربي البرتغالي ربحت لشبونه المعركة وقامت بطرد العرب من تلك المنطقة وفرضت الحصار على موزمبيق بحيث لا يدخلها مسلم أياً كانت صفته بشكل ساهم في إضعاف الديانة الإسلامية ونشر البدع والأعمال الشركية في صفوف المسلمين بإسم الإسلام، وبعد الإستقلال عام 1975 لم يتغير وضع المسلمين بسبب قيام الحرب الأهلية بين الموالين للمستعمر القديم ( البرتغالي ) والدول الغربية وبين الراغبين بالتحالف مع ( الإتحاد السوفيتي ) والشيوعية ، وبعد إنهيار الإتحاد السوفيتي نجحت موزمبيق في الوصول إلى مصالحة وطنية و نظام تعددي يقود البلاد للسلام وأصبح المواطنون في موزمبيق جميعهم يخضعون لدستور يعتبر المواطنة المرجعية الأهم ويؤمن بالتعددية السياسية ويحترم حرية الأديان فتحسنت أحوال المسلمون هناك وقفزت نسبة المسلمين من 17% حتى وصلت إلى 60% وتجاوز عددهم اليوم تسعة ملايين نسمه ويتركَّزون في المناطق والولايات الشمالية؛ مثل: تامبولا وكانو دالجادو وزمبزيا ونياشا ، وتعتبر تلك المناطق أقل المناطق في موزمبيق إصابة بمرض نقص المناعه المكتسبة ( الأيدز ) بسبب مراعاتها للتعاليم الإسلامية أضف إلى ذلك وجود إذاعات إسلامية تحض السكان على التمسك بمبادىء الإسلام مثل إذاعتي ( صوت الحق ، صوت الإسلام ) في مدينة تمبولا الناطقة بالبرتغالية ، إلا أن المسلمون ما زالوا محاصرين بنوع من التخلف الإجتماعي والإقتصادي بسبب غياب التعليم الذي فرضه عليهم المستعمر البرتغالي حتى لا يتحولوا إلى لاعبين في السياسة الداخلية لجمهورية موزمبيق مما عزز سيطرة الموالين للثقافة البرتغالية وهيمنتهم على القرار السياسي في تلك الدولة ، ومن الجدير بالذكر أن المستعمر البرتغالي كان يحرص على تطبيق سياسة أن يكون في الإسرة الواحدة أكثر من دين فعلى سبيل المثال رئيس البرلمان الموزمبيقي السابق ( مولومبوية ) والده مسلم وشقيق رئيس الجمهورية السابق ( ارما ندو جييوزا) يعتنق الإسلام خلافاً لأخيه ، ومن الجدير بالذكر أن المنظمات العالمية ما زالت تعمل إلى اليوم على إضعاف الإسلام في موزمبيق مثل منظمة فرونيتزر، والرابطة الوطنية الإنجيلية، ومعهد زويمر لأبحاث التنصير، ومجمع التوراة العالمي، ومجلس الكنيسة المسيحية الأمريكية ، وشهود ياهو، ومجلس الكنائس العالمي ، حيث يُسيطِرون على جميع المرافق الخدمية من مستشفيات ومدارس ومخيمات للإيواء ، مُستغلِّين غياب المنظمات الإغاثية الإسلامية لبُعدِ المسافة بين العالم الإسلامي العربي وموزمبيق ، وحتى المؤسسات الإغاثية الإسلامية مثل رابطة العالم الإسلامي فإنشطتها محدودة جدًّا ولا تتواءم مع الهموم والمشاكل المُعقَّدة ولا تقارن بـ 5% من أنشطة المنظمات التنصيرية ، وحذر رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في موزمبيق ( الشيخُ أمين الدين محمد إبراهيم ) في حوار له بتاريخ 22/3/2015  أن الجالية المسلمة في مابوتو  تعاني من إهمال وتجاهل عربي كما حذر من خطورة سيطرة بعض البعثات الدبلوماسية الأجنبية على النخب السياسية والإقتصادية وإكتسابها قاعدة صلبة في موزمبيق ليست في صالح الأقلية المسلمة مطالباً بمزيد من الإهتمام العربي والإسلامي حتى لا تغيب شمس الإسلام عن تلك البلاد حسب تعبيره، ويحاول المسلمون في موزمبيق اليوم الحفاظ على الدعوة الإسلامية والتغلب على العراقيل التي يواجهها أبناء المسلمون في التعليم فقاموا بإنشاء ما يسمى بمعاهد تربوية مثل ( معهد حمزه الإسلامي ، ومعهد أنس بن مالك ) والتي تقوم بإعداد الطلاب المسلمين لمراحل التعليم الجامعي للإلتحاق بعد ذلك بجامعة إسلامية خارج موزمبيق لعدم وجود جامعه إسلامية في البلاد .
أكبر تحدي يواجه المسلمون هناك هو ( نظام التعليم ) فنظام التعليم السائد في موزمبيق يعتمد على الثقافة البرتغالية والغربية هذا فضلاً على أنه ليس مجاني ، أما المدارس الخاصة فهي مرتفعة التكاليف أمام الوضع الإقتصادي الضعيف للمسلمين هناك ، وهنا لابد لدول مجلس التعاون الخليجي من مضاعفة جهود رابطة العالم الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية وتأسيس جامعات ومؤسسات تربوية أكاديمية  تحت إشراف الأزهر الشريف.
موزمبيق اليوم رغم نجاحها في خفض نسبة التضخم  وتنفيذ برامج إصلاحية شاملة لتحقيق الإستقرار الإقتصادي  بالإضافة إلى مساعدات المانحين مثل الدنمارك والبرتغال والولايات المتحدة وأسبانيا وبلجيكا والبرازيل ، وإجتهادها في دعم الإصلاحات المالية مثل إصلاح ودعم الخدمة الجمركية والعمل بالضريبة المضافة القيمة ، وتنازل لشبونه عن ديونها المستحقة على مابوتو البالغة 393.4 مليون دولار منذ الإستقلال حتى عام 2005 ، وموافقتها على إعادة ملكية سد كاهورا باسا الخاص بالطاقة الكهرومائية إلى موزمبيق إلا أن المواطنون لا يزالون يعيشون تحت خط الفقر ويلجؤون للعمل في مناجم التعدين في جمهورية جنوب أفريقيا  ومازالت تعيش مابوتو خللاً تجارياً حتى بوجود مشروع ( موزال ) أكبر مشروع إستثماري أجنبي في موزمبيق لصهر الألمنيوم ، وفي يناير من العام الحالي طلبت مابوتو قرضاً مالياً وهذه كانت المرة الأولى منذ عشر سنوات التي تطلب فيها موزمبيق مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي ، ورغم توقعات الصندوق بإرتفاع معدلات النمو في موزمبيق إلى نسبة 8 % في الفترة 2017-2020 نظراً للتوقعات الإيجابية من الاستثمارات في قطاع الصناعات الإستخراجية وتحديداً الغاز الطبيعي المسال ، وعلى الرغم من نظرة الصندوق الإيجابية للنمو الاقتصادي لموباتو على المدى المتوسط إلا أن البيان يشير إلى أن هذه الدولة الأفريقية تواجه عقبات على المدى القصير فهي تعاني من صدمة خارجية مرتبطة بإنخفاض أسعار السلع وتدنياً في معدلات النمو عند الشركاء التجاريين ، وتباطؤ في معدلات الإستثمار المرتبطة بمشاريع موارد طبيعية كبرى.
ما أثلج صدري وأنا أخط قلمي في كتابة سطور هذا المقال هو إعلان بعض دول مجلس التعاون الخليجي على عزمها ببدء التعاون التجاري والإستثماري مع جمهورية موزمبيق ، وأتمنى أن تكون تلك بداية لفتح غرف تجارية وصناعية خليجية في مابوتو ، ولعل وعسى أن يكون للعرب والمسلمون صفحة جديدة يسطرون فصولها في تلك المنطقة التي كانت في يوم من الأيام تحتضن أمجادهم
تم نشر المقال في الصحف التاليه :

تم نشر المقال في مركز مجمع الأفارقة على الموقع التالي :

أمـــــــينة الــــــــــعريــمـــي
باحــــثة إمــــاراتــــية فــــي الشـــــأن الأفــــريقــــــي
Afrogulfrelations_21@outlook.com



الثلاثاء، 16 فبراير 2016




معوقات العلاقات الخليجية الأفريقية


 يقول رئيس مجلس شركة ساتيا / كبرى شركات الإستثمار التي تُركز نشاطها في أفريقيا  " من أراد أن يجني أموالاً فما عليه إلا التوجه لأفريقيا فوراً "
بلغ متوسط النمو في الدول الأفريقية قرابة الـ 6-6.5% ، ومن المتوقع أن تشهد القارة نمواً في ناتجها الإجمالي المحلي بنسبة تزيد عن 8 %، كما يُتوقع أن تكون سبع دول أفريقية من بينها إثيوبيا ، وموزمبيق ،  ونيجيريا  ، من بين إقتصادات دول العالم العشر الأسرع نمواً في السنوات الخمس القادمة ، ووفقًا لـ ايرنست ويونغ  فإن عدد مشاريع الإستثمارات الأجنبية المباشرة في أفريقيا إرتفعت بنسبة 27% ، ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، فإن تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر إلى دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إرتفعت إلى أكثر من 36.9 مليار دولار ، كما إرتفع الإستثمار فيما بين الدول الأفريقية جنوب الصحراء بنسبة 17% ، أضف إلى ذلك أن عدد السكان في أفريقيا جنوب الصحراء أقل من عدد سكان الهند  لكن الناتج الإجمالي المحلي أكبر ، والعديد من الدول الأفريقية سبقت الصين والهند في الإدارة وحكم القانون  وبالتالي يمكن القول أن الدول الافريقية جنوب الصحراء تسير قدماً نحو الأفضل ،  وفي مؤتمر أفريقيا الأخير أكدت مجلة ( أنسياد للمعرفة ) أن البيئة السياسية في أفريقيا جنوب الصحراء أكثر قابلية للهدوء والإستقرار ، ومن الناحية الإقتصادية هناك المزيد من الدول التي تعمل على تحقيق الإستقرار الكلي لإقتصادها  وبالتالي على دول الخليج العربي أن لا تغض النظر عن الفرص التي توفرها أفريقيا جنوب الصحراء ، فالقارة تتحرك بسرعة، وتشهد أفريقيا حالياً تحولات جيده  ستغير بلا شك واقع افريقيا من كونها قارة مصدرة للمواد الخام  ومستوردة للمنتجات  إلى قارة مُنتجه ومتطورة وسيشهد قطاع التصنيع الأصلي نمواً ، وأعتقد أن السوق الأفريقية الرئيسية ستستعمر مرة أخرى ولكن هذه المره من الأفارقة أنفسهم.
بالرغم من كل التطورات المتلاحقة التي تعيشها أفريقيا ( جنوب الصحراء ) إلا إننا نلاحظ بشكل لا تخطئه العين حتى تلك الغير مُتفحصه أن  الحضور السياسي الخليجي في أفريقيا جنوب الصحراء  ما زال متواضعاً وإنحصر على حصول بعض دول مجلس التعاون الخليجي على عضوية في المنظمة الفرانكفونية والإتحاد الأفريقي بصفة "مراقب"  والدولة التي تحصل على عضوية مراقب  يُسمح لها  بالمشاركة في كافة أنشطة الإتحاد الأفريقي لكن لا يُسمح لها بالتصويت على القرارات التي يصدرها الإتحاد ، ولعل من الأسباب الرئيسية التي ساهمت بشكل أو بأخر على ضعف الحضور السياسي الخليجي في أفريقيا جنوب الصحراء هو حضور الولايات المتحدة  في منطقة الخليج العربي وأفريقيا  مع تصاعد التأكيد الأمريكي على أهمية النفط الأفريقي الأقل تسيساً من نفط الشرق الأوسط وهو ما يمكن أن يحول العلاقة بين أفريقيا  جنوب الصحراء والخليج العربي من التعاون المشترك إلى التنافس المفتوح ، كما أن ضعف التمثيل الدبلوماسي الخليجي في دول أفريقيا جنوب الصحراء يعتبر أهم معوق لتطور العلاقات السياسية الخليجية الأفريقية ويرجع السبب في ذلك إلى  عدم الإستقرار السياسي لبعض الدول الأفريقية ، وبروز الصورة  السلبية والمغلوطة والغير عادلة في الذهن الخليجي عن دول الجنوب الأفريقي  مما أعاق العمل السياسي الخليجي  في الساحة الأفريقية ، إلا أن  الحضور الإقتصادي الخليجي في أفريقيا جنوب الصحراء  يتفوق على الحضور السياسي ، فالسياسة الخليجية وإن كانت قد نجحت إلى حد ما في تدشين بعض المشاريع الإستثمارية  في بعض الدول الأفريقية ( جنوب الصحراء) والتي ساعدت في إنعاش جزئي لتلك الدول إقتصادياً ، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي لم توظف تلك الإستثمارات بما يخدم مصالحها السياسية فعلى سبيل المثال توجد إستثمارات خليجية في أريتيريا وأثيوبيا التي بلغت الإستثمارات الخليجية فيها لوحدها ما يتجاوز الــ  13 مليار دولار  إلا أن تلك الدول لم تدعم عمليات عاصفة الحزم التي تشارك بها دول مجلس التعاون الخليجي ، ولم تكتفي أديس أبابا وأسمره  بالحياد  أمام ما يجري في اليمن السعيد بل تحولت أريتيريا لقاعده تحتضن في أراضيها ما يسمى بالحرس الثوري الأفريقي التابع للحرس الثوري الإيراني والذي كان نعم العون والسند لمليشيات الحوثي تدريباً وتنظيماً  ، أما أديس أبابا فهي لا ترغب بوجود عربي فاعل قريب من دول القرن الأفريقي ( في اليمن مثلاً ) نكاية في القاهره من جانب  وفي الصومال العضو في الجامعه العربية من جانب أخر ، فالقاهره تحظى بدعم مجلس التعاون الخليجي بإعتبارها حليف إستراتيجي له ، أما الصومال فهو  يطالب أديس أبابا بإقليم أوجادين المغتصب أثيوبياً من عشرات السنين أضف إلى ذلك إفتقار أديس أبابا لمسطحات مائية جعلها تدعم الإقتتال والتشرذم وإنفصال الصومال المركزي عن إقليمي بونتلاند وصومالاند وإستغلال موانىء تلك الأقاليم الصومالية شبه المستقلة لإنعاش صادراتها وإستقبال وارداتها ، ولعل أحد القراء يرى أن موقف أريتيريا وأثيوبيا من عاصفة الحزم متوقع كونها دول ليست أعضاء في الجامعه العربية ولكن هناك دول افريقية  ليست أعضاء في جامعة الدول العربية ولكنها كانت قوة داعمه لدول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية مثل السنغال ، وغامبيا  ، والسيراليون.
أرى كباحثة في الشؤون الأفريقية أنه لابد أن يكون هناك تحليل منطقى للوضع في أفريقيا  جنوب الصحراء لأن الصورة ما زالت سلبية ومغلوطة وغير عادلة في الذهن الخليجي عن دول الجنوب الأفريقي ، فرغم أهمية تلك الدول التي أصبح أغلبها أعضاء في تكتلات إقتصادية قوية مثل البريكس والإيكواس والكوميسا التي تحولت لمنطقة تبادل للتجارة العالمية الحرة إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي تكاد تكون غير حاضرة " سياسياً " في تلك الساحة ، وأعتقد أنه لو نجحت دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية في وضع حد لضعف الإهتمام بدول أفريقيا ( جنوب الصحراء) ووضع مجلس التعاون الخليجي دول أفريقيا جنوب الصحراء ضمن الأجندة الخليجية والعربية ما كنا سنقف اليوم نتساءل متى سيعود جنودنا من اليمن ؟!!!

تم نشر المقال في جريدة الخليج الإماراتية على الرابط التالي :
http://cutt.us/27p8


تم نشر المقال في جريدة الحصيلة الكويتية على الرابط التالي:



أمــــينة الـــعريـــمـي
باحـــــثة إماراتــــية فــي الــشأن الأفـــريقـي

Afrogulfrelations_21@outlook.com

الثلاثاء، 9 فبراير 2016





الصـــــومال " كــــويت أفـــــريقيـــا "




الصومال ،، مملكة النبط القديمة وأرض الرمح والأبل ، أرض الألهة والعطور ومركز الإشعاع الفكري لشرق آفريقيا منذ أكثر من أربعة آلاف سنه قبل الميلاد، أرض الزعيم الخالد (أحمد جري) الذي يرجع الفضل إليه في نشر الإسلام من الصومال حتى بلاد النوبه في القرن السادس عشر الميلادي.
قصدت الصومال لأول مره عام 2011 في رحلة علمية بدأت من أبيدجان في ساحل العاج وإنتهت إلى العاصمة الصومالية مقديشو، وما بين العاصمتين الأفريقيتين وجدت أن مفهوم السلم ظل مفهوماً مُحيراً طوال تاريخ أفريقيا بعد الحقبة الإستعمارية ، وثبت أن السلم والتنمية أصعب وأعقد في تحقيقهما مما تنبأ به المتفائلون الأفارقة في الحقبة التي تلت الإستقلال مباشرة وذلك لعدد من العوامل المحلية والخارجية تمثلت أمامي وأنا أتجول في أرض الرمح والأبل أحاول فهمها وفهم ما ألم بها من خلال عيون أبناءها الذين ما أنكفأوا على أنفسهم لحظه حتى فوجئوا بمن يرهبهم ويهجرهم ويتربص بهم، فبعد الإستقلال خرجت الصومال بعدها للعالم بصراعات اختلط فيها السياسي بالقبلي بالإقتصادي وشهدت الصومال وجود إدارات إقليمية إنفصاليه يضعف إرتباطها بالحكومة الإتحادية ولا تسيطر بالمطلق على الأراضي التي يدعون تمثيلهم لها إلا أن الموقع الإستراتيجي لتلك الأقاليم وتمتعها بالأمن والإستقرار والتحول الديموقراطي وإحتوائها على مخزون نفطي مع ظهور قوى إسلامية جهادية دفع القوى الدولية والإقليمية على إذكاء الصراع الصومالي الصومالي، حتى جاء ما يسمى بــــ ( إتحاد المحاكم الإسلامية) الذي نجح في بسط سيطرته على الأراضي الصومالية لمدة ستة أشهر إلا أن المحاولات الإقليمية والدولية نجحت في إنهاء حكم المحاكم الإسلامية بحجة محاربة الإرهاب، وبعد هزيمة إتحاد المحاكم الإسلامية جاءت حركة (الشباب المجاهدين) الصومالية التي كانت الذراع العسكري لإتحاد المحاكم الإسلامية لتبدأ الصومال فصل جديد يعبر عن غياب السياسة بمفهومها التوافقي مقابل إعلاء المصالح الخاصة والفئوية فإنتشر الفساد والفقر ولغة السلاح والتشرد .
بدأت القوى الدولية تتصارع في أرض الصومال  بعد أن أعلن البنك الدولي أن الصومال ستكون من الدول المرشحة في ريادة إنتاج النفط ، ولا عجب إذن أن نرى على شاشات التلفاز حرص بريطانيا على تولى زمام المبادرة لمقاربة الشأن الصومالي في مؤتمري لندن حول الصومال من فبراير 2012 إلى مايو 2013، ودخول تركيا بقافلة إستثمارات قُدرت بالمليارات لبلد لن يستطيع سداد ما يضخُ فيه من أموال ، وقبل تقرير البنك الدولي بأكثر من تسعين عاماً وبالتحديد عام 1916 أصدرت سلطة الحماية البريطانية تقريرها الأول (Report on the daga Shabel oil field) وخرج ذلك التقرير بنتيجة واحدة مفادها أن الإحتياطات المتوقعه في الأراضي الصومالية  بلغت مائة مليار برميل من النفط وبذلك تكون الصومال قد تساوت مع دولة الكويت من حيث إحتياطاتها وأستحقت أن يطلق عليها ( كويت أفريقيا )، ومنذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا تشهد أرض الزعيم ( احمد جري) صراعاً دولياً يرقى لمستوى الحرب الباردة بين جميع الأطراف.

التنافس الدولي في الصومال
أبرمت شركة (JACKA RESOURCES) الإسترالية إتفاقاً مع (PETROLEUM LIMITED) على أن تحصل على نسبة (50%) من إمتياز النفط في أرض الصومال وأكدت الشركة الإسترالية أن منطقة (هبرقرحجس) شبيهة جيولوجياً لأحواض أوغندا واليمن التي أكتشف فيها إحتياطيات من النفط والغاز الطبيعي، من جانب أخر بدأت شركة (PETRO QUEST AFRICA) التابعة لشركة الإستكشاف الأمريكية (LIBERTY PETROLEUM) بعقد للحصول على قطاع من حكومة أرض الصومال ( غالمودوغ) ويبدو أن إمتياز شركة ليبرتي تتداخل مع قطاع تزعم شركة (SHELL) الهولندية البريطانية أنها صاحبة الإمتياز فيه في رسالة حصرية وجهتها شركة شل بتاريخ 24-4-2013 تطالب فيه من السلطات الصومالية أن تؤمن حقوقها الحصرية في هذا القطاع، وأعلن تحالف شركات (HORN OIL ) و(AFRICA OIL CORP) و ( RED EMPEROR COMPANY ) بأعمال حفر لبئرين بتروليين في منطقة ( نوغال) و( طرور) في الإقليم الشمال الشرقي للصومال،كما تم الإعلان عن تقاسم أمريكي كندي في إنتاج النفط في ذات الإقليم بين شركتي  ) CANMEX) و (RANGE RESOURCES)،كما أعدت شركة الإستشارات الأمنية البريطانية ( أسابي ) للمخاطر مخطط وحدة حماية النفط في أرض الصومال (OPU) عام 2013 والتي تتعاقد معها جميع شركات النفط العاملة في أرض الصومال وتتراوح تكلفتها من 20 إلى 25 مليون دولار سنويا،ً إلا أن ما يواجه هذه الوحدة غياب قانون ينظم نشاطها مما يؤهلها لتكون قوة شبه عسكرية فأي خدمات أمنيه جديدة خارج إطار أجهزه الشرطة والجيش والإحتجاز يجب أن يقرها البرلمان.
النشاط الإستثماري الخليجي في الصومال
خليجياً ،وقعت شركة (P&O)( Peninsular and Oriental Steam Navigation Company)  المملوكة لإمارة دبي مذكرات تفاهم لتطوير ميناء بربرة الدولي في مارس 2015، كما قادت دولة الامارات مبادرة المصالحة بين الأطراف الصومالية التي تمثلت بــ (ميثاق دبي) للمصالحة الصومالية الذي جاء تأكيداً لمحادثات لندن وإسطنبول لتعزيز المصالحة بين الأطراف الصومالية، ويعد هذا الميثاق الإتفاق الأول من نوعه بين الحكومة الصومالية وحكومة أرض الصومال منذ أكثر من 21 عاماً، وأكد معالي الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشئون الخارجية وقوف دولة الامارات مع الأخوة في الصومال وأضاف أن توقيع القيادات الصومالية هذا الميثاق يؤكد أن شعب الصومال هو شعب واحد يتواصل ضمن أطر حضارية تمثله، إلا أن نتائج تلك المبادرة يبدو أنها لم تؤتي أكلها بعد إعلان  فوز ( أحمد مادوبي ) زعيم ميلشيا (رأس كامبوني) رئيساً لإقليم (جوبالاند) الجنوبي بتاريخ 15/8/2015 والذي يدين بالولاء لكينيا وبذلك تكون الصومال تقسمت إلى ثلاثة أقاليم رئيسة تطالب أثنان منها بالحكم الذاتي أما الثالث فيطالب بالإستقلال الكامل ويشهد توافد ممثلين من القوى الدولية رغم عدم إعتراف المجتمع الدولي به.
نجحت شركة غاز رأس الخيمة،و(DNO) النرويجية الاماراتية  في الحصول على عقد بدء العمل في الصومال، أما المملكة المملكة العربية السعودية فقد قدرت الإستثمارات السعودية في الصومال بحوالي 40 مليون ريال ، كما ساهمت المملكة بوجه خاص في إرتفاع الصادرات الصومالية المطرد على مدى السنوات الست الماضية، في أعقاب خطوة لرفع حظر دام تسع سنوات على إستيراد الماشية من الصومال درءاً لإنتشار حمى الوادي المتصدع، وتشكل الثروة الحيوانية الدعامة الأساسية للإقتصاد الصومالي، إذ تساهم بنحو 40 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، أما الإستثمارت الكويتية في الصومال فإقتصرت على محطة الكهرباء وملحقاتها في مقديشو، ومشروع زيادة الطاقة الكهربائية في مقديشو وضواحيها ، أما دولة قطر فقد أبرمت إتفاقية مع جمهورية الصومال لتنظيم إستقدام العمالة الصومالية للعمل في دولة قطر، أضف إلى ذلك وجود لجنه قطرية صومالية تم تشكيلها مؤخراً لدعم الصحه والتعليم في الصومال، وبالرغم من أن هناك سبع دول عربية أعادت فتح سفاراتها في الصومال على مدى السنوات الماضية وجميعها يعمل في مقرات مؤقتة بإستثناء سفارة دولة الامارات العربية المتحدة التي عملت على بناء مقر لها بمقديشو، ورغم ذلك ما زال الدور العربي لم يرق بعد إلى مستوى تطلعات الصوماليين.
ولتعزيز دور خليجي في الصومال لابد من التفريق بين الموقف السياسي الخليجي الداعم لوحدة الأراضي الصومالية وبين المصالح الخليجية المتواجدة في الأقاليم شبه المستقلة فلابد من مضاغفة الفرص الإستثمارية الخليجية في الأقاليم الصومالية خاصة أنها تشهد أمن وإستقرار، والإبتعاد عن إشكالية السياسي والإنساني في قضية المساعدات والعون الأهلي وتعزيز مد يد العون لشعب الصومال والأقاليم المطالبه بالحكم الذاتي لأن ذلك لا يعني بالضرورة الإعتراف بإستقلال تلك الأقاليم ، وإقناع الحكومة الصومالية بتبني منظور لتسوية الصراعات يمكن من خلاله إسترداد الدولة ونبذ المنظور الفوقي الذي أطغى مصلحة الدول الداعمة والقوى الإقليمية على مصلحة التسوية الصومالية مما أدى إلى فشلها ، وتبني إستراتيجية أكثرتماسكاً تشمل قطع تمويل حركة الشباب التي تمكنها من تجنيد المزيد من الأنصار،ومعالجة المظالم وإنتهاكات حقوق الإنسان الصومالي والفساد، وإيجاد حل سياسي جامع يؤكد على قيم الحوار والمشاركة لجميع الفاعلين دون إقصاء أو تمييز، وإبراز أهمية دور المبادرات الداخلية بعيداً عن تجاذبات المصالح الإقليمية والدولية التي تكرس وضعية عدم الإستقرار في الصومال.

تم نشر المقال في مركز مقديشو للبحوث والدراسات على الرابط التالي :

وتم نشره في المركز الافريقي للدراسات على الرابط التالي :

أمـــــينة الــــعريــــمي

بــــاحــــثة إمـــاراتيــــة فـــي الــــشأن الأفــــريـــقي
Afrogulfrelations_21@outlook.com

الأحد، 7 فبراير 2016




الطموح الخليجي في جزيرة الفانيلا " مدغشقر"


تنبع أهمية مدغشقر أو ملاجاش أو جزيرة الفانيلا كونها مصدر لأحد أثمن التوابل في العالم -زراعة الفانيلا-وعضو في رابطة دول المحيط الهندي للتعاون الإقليمي،وعضو في منظمات الكوميسا والساداك ومنظمة التجارة العالمية والأونكتاد وأحد الإقتصادات الناشئة في أفريقيا هذا بالإضافة إلى سعيها لإقامة ممر ملاحي من نهر النيل إلى مدغشقر مما يمهد لإنتقالها إلى العالمية،فهي ميناء رئيسي لدول شرق أفريقيا كونها رابع أكبر جزيرة في العالم بموقعها الإستراتيجي على المحيط الهندي،ووضعتها الوكالة الأمريكية لمعلومات الطاقة في قائمة دول إنتاج البترول المستقبلية في أفريقيا ويقدر الإحتياطي بنحو 1.7 مليار برميل.
تشهد جزيرة الفانيلا اليوم تنافساً دولياً لا تخطئه العين فالولايات المتحدة رفعت كل القيود عن المساعدات المباشرة لمدغشقر،كما قامت بتوجيه دعوة لرئيس مدغشقر لحضور قمة الولايات المتحدة-أفريقيا،وقدمت واشنطن لأنتاناناريفو برامج للأمن الغذائي والصحة وتعهد البنك الدولي بتقديم دعماً مالياً لمدغشقر بقيمة 400 مليون دولار،أما فرنسا فلقد قامت شركة النفط الفرنسية توتال بشراء حصة تبلغ 60% في حقل بيمولانجا من شركة مدغشقر أويل النفطية وتمكنت من إمتلاك الترخيص الخاص بالحقل،وقدمت منحة قيمتها 3,8 مليون يورو لمدغشقر لضمان الإستثمار والخروج من الأزمة الإقتصادية، ومن جانب أخر نرى أن الصين كونها أكبر شريك تجاري لأفريقيا، فقامت مؤخراً بتأسيس معهد كونفوشيوس بجامعة أنتاناناريفو لتأهيل الطلبة المدغشقرين لدراسة اللغة الصينية وقامت بتنظيم جائزة أطلق عليها جائزة الإسهام البارز في نشر ثقافة الصين لعام 2015
من جانب أخرإنعقدت القمة الأسيوية الأفريقية الأخيرة في جاكراتا ابريل 2015 برئاسة مشتركة بين إيران ومدغشقر وكانت بعنوان تعزيز تعاون الجنوب-الجنوب لتعزيز السلام والرفاهيه العالمية،ويمكن فهم ذلك كمؤشر على ما يتم تدواله في الصحافة الإسرائيلية بأن مدغشقر إحدى الساحات المحتملة للتنافس الإيراني الإسرائيلي،بعد إستثمار طهران لأكثر من مائة مليون دولار في مدغشقر ويعتبر ذلك المبلغ كبيراً بالنسبة لدولة تُصنف في الترتيب 12 من الدول الأكثر فقراً في العالم،فإيران من جانبها تسعى لبناء سدود لتوليد طاقة كهربية من مساقط المياه والتلويح بعروض خاصة بالنفط وطاقة التكرير،أما إسرائيل فقد أعلنت يديعوت احرنوت بتاريخ 24/11/2010 أن السفير الإسرائيلي في مدغشقر أنذاك دانيال سعدي إلتقى بنائب وزير الخارجية الإيراني في مدغشقر وأكدت تل ابيب في نفس الصحيفة على تزايد أهمية القارة الأفريقية للقوى الدولية بإعتبار أن أفريقيا بها أكبر عدد من دول العالم ممثلة في الأمم المتحدة وهو الأمر الذي يخدم المصالح الدبلوماسية في مقر الأممية وبالتالي يمكن لأصوات أفريقيا إحداث فرق،وتسعى طهران وتل ابيب بشكل دائم إلى إيفاد رجال السياسة والأعمال بغرض إقامة علاقات قوية سواء من الناحية الدبلوماسية والاقتصادية،ويدور بين الدولتين صراع دبلوماسي للتأثير إستراتيجياً على الدول الافريقية من جهة ونقل المعركة الأمنية والسياسية إلى أفريقيا من جهة اخرى
أرى كباحثة في الشؤون الأفريقية أن طهران كما نجحت في تنسيق سياسات إقتصادية في نيجيريا والسنغال ومالي أضرت بالمصالح الخليجية والعربية هناك فإنها ستسعى للنجاح في شرق أفريقيا ونجاحها يعني توقف المفاوضات التي وصفت بالمتقدمة بين دول الخليج ومدغشقر لإدارة أحد الموانىء فضلاً عن ميناءين جاري توقيع عقود إداراتهما،وإضعاف الإستثمارات الخليجية والعربية الهادفة إلى التركيز على قطاع الغاز الطبيعي المُسال بحرياً كونه أهم القطاعات التي تدعم توسعها المستقبلي خاصة في ظل الدراسات المستقبلية التي تتوقع تضاعف حجم سوق الغاز الطبيعي المُسال بحلول 2020،كما يمكن لإيران أن تلعب دور في مدغشقر مثل التأثير على النظام السياسي بدعم مرشحين للرئاسة تماماً كما حدث في جزر القمر عندما دعمت الرئيسان أحمد سامبي وخليفته إكليل ظنين خاصة أن هناك جالية شيعية في مدغشقر ومراكز جعفرية مثل مركز الزهراء في مدينتي نوسيبي وانبيلوبي
الشراكة الخليجية المدغشقرية
وقعت دول مجلس التعاون الخليجي إتفاقية مع حكومة مدغشقر لتمويل رصف وتطوير طريق سوينرانا افونجو مانانارا ذي المسارين بطول 117 كم،وتشييد جسور جديدة لربط المناطق الريفية بالعاصمة انتاناناريفو،وتمويل مشروع توليد الطاقة الكهرومائية في مدغشقر ويقدم المشروع اليوم نحو 58 ميغاوات من الكهرباء، إلا أن الدور الخليجي في جزيرة مدغشقر ما زال ضعيفاً، ويمكن لدول مجلس التعاون الخليجي تعزيز دورها في جزيرة مدغشقر بدعم الشراكة الخليجية المدغشقرية ومضاعفة الجهود في إتحاد التعاون الإقليمي،والإستفادة من الفرص المتاحة في مالاجاش والعمل على إيجاد مزيد من الفرص كتعزيز دور موانىء دبي العالمية في أفريقيا خاصة أن التعاون البحري سيصبح أحد أعمدة الإستراتيجية الأفريقية الأسيوية الجديدة وذلك يحقق رؤية دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2020، ومن المفيد لدول الخليج أن تبرز دورها في إتحاد التعاون الإقليمي القادم الذي سيقام في اكتوبر 2016 وذلك بالشراكة مع أحد الدول الأفريقية المرشحة لقيادة أفريقيا في المرحلة القادمة كنيجيريا مثلاً، كما يمكن تعزيز ومضاعفة الإستثمارات في الموانىء الأفريقية مثل ميناء جيبوتي، ميناء بربره في الصومال،ميناء تاماتاف في مدغشقر،ومحطة بونتايوروبا البحرية في غينيا الاستوائية، ومحطة حاويات ميناء مابوتو في موزمبيق بمحطة موانىء دبي العالمية –دكار في السنغال اكبر محطة بحرية في غرب افريقيا،من جانب اخر جزيرة الفانيلا غنية بالمياه حيث يبلغ الحجم الكلي للموارد المائية لتلبية الإحتياجات المتنوعه للسكان في مدغشقر حسب ما أصدره صندوق التنمية الافريقي لعام 2015 (449) مليار م3 سنوياً بما يعني أن الموارد المائية تفوق حاجيات السكان،أضف إلى ذلك إمتلاك مدغشقر لإمكانيات مائية من الموارد الجوفية والسطحية إلا أن ضعف البنية التحتية والتوزيع الجغرافي المتفاوت للموارد حالت دون حصول الكثير من السكان على هذا المورد الحيوي الأساسي فأقل من 50 % من سكان مدغشقريحصلون على مياه الشرب، وبالتالي يمكن لدول الخليج الإستفادة من تلك المياه لزيادة إستثماراتها الزراعية في مدغشقر خصوصاً بعد أن أطلقت الحكومة الملاغاشية برنامجاً مدته أربع سنوات من 2015-2019 لتحقيق إرتفاع يناهز النصف مقارنة بالوضع الحالي أضافة إلى الترفيع في معدل الحصول على البنية التحتية للصرف الصحي والنظافة من 50% إلى67% بحلول 2019 ويحتاج لتنفيذه 163 مليون دولار،فالبرنامج يهدف إلى إعادة التوازن لتلك المقاربة الشائكة التي تؤكد أن سرعة تدفق المياه تبلغ 10 م3 في الثانية ما يعني إمكانية الإستفادة من تلك المياه وتصديرها وإستخدام الإيرادات لتمويل أشغال الإمدادات، غير أن مدغشقر لا تستعمل تلك الأموال التي كان بمقدورها الحصول عليها،وبما أن التعاون البحري سيصبح أحد أعمدة الإستراتيجية الأفريقية الأسيوية الجديدة خاصة أن الدول الافريقية اليوم تتجه نحو تعزيز التجارة والإستثمار كمحرك للنمو وإعادة الزخم للقضايا الجوهرية الخاصة بحركة دول الجنوب- الجنوب وبشكل خاص القضايا الخاصة بالرخاء والإستقرار للبلدان الأفريقية والأسيوية فبالتالي يمكن إيجاد أرضية مشتركة والتعاون مع الدول الافريقية، كما يمكن تعزيز دور الأزهر الشريف في مدغشقر فالمسلمين هناك لا يمتازون عن سائر أبناء وطنهم وذلك بسبب تمسك أهالي مدغشقر بعقائدهم القديمة بحيث لا الإسلام ولا النصرانية نجحا في قلع تلك العقائد،بالإضافة إلى ضعف تواجد المسلمين في أجهزة الإعلام اللازمة للدعاية.



تم نشر المقال في جريدة الخليج الإمارتية على الرابط التالي :



تم نشر المقال في مجمع الافارقة على الرابط التالي :




أمــــــــينة الــــعريـــمي
بـــاحثة إمـــــاراتـــــية فـــي الـــشأن الأفـــــريقي