السبت، 14 أبريل 2018


الـعلاقـات الخـليجيـة الأفـريقيـة 
  قال لي مستشار البرلمان النيجري أن الأزمة الخليجية  أثرت على العلاقات الخليجية الأفريقية وعلينا كأفارقة ، فقلتُ له سأتحدث معك بلسان مواطنة خليجية أحزنها ما حدث وسيحدث مُستقبلاً بسبب هذه الأزمة المؤسفة التي قضت على ما تبقى من أخلاق كنا نؤمن بها

يرجع تاريخ العلاقات الخليجية الأفريقية إلى ما قبل الإسلام ، حيث عرف سكان شبة الجزيرة العربية بلاد الأفريق عندما أسس عرب اليمن أو ما يُطلق عليهم حينها "السلالة السليمانية"* مملكة أكسوم عام 325 قبل الميلاد، وكانت هذه المملكة من أقوى الحضارات الأفريقية وكانت تجارتها ضمن نطاق شبة الجزيرة العربية، وبعد إنتشار الإسلام بدأت العلاقات بين بلاد الأفريق وشبة الجزيرة العربية تأخذ منحى أكثر عُمقاً وحملت تلك المرحلة من العلاقات دلالات أصبحت ماثلة وخالدة في عين التاريخ بدءاً بزيارة ملك أفريقيا الأول كانجا مانسا موسى للجزيرة العربية عام 1324م مروراً بإقامة العالم الأفريقي الشيخ عمر الفوتي في الجزيرة العربية لمدة عشرون عاماً وإنتهاءاً بقوافل علماء أفريقيا الذين هاجروا من أقصى الغرب الأفريقي إلى شبة الجزيرة العربية هرباً من بطش الإستعمارالأوروبي الذي جاء بعد مؤتمر برلين أو ما يسمى بمؤتمر الكونغو 1884-1885م، ويجب هنا التفريق بين مؤتمر برلين الذي نظم الإستعمار والتجارة في أفريقيا وبين مؤتمر برلين 1878م الذي أعاد صياغة معاهدة سان ستيفانو الشهيرة.
نالت دول الخليج العربي* إستقلالها في نفس الحقبة التاريخية التي نالت فيها أغلب الدول الأفريقية إستقلالها وهي في ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي وبدأت العلاقات بين الجانبين تأخذ طابعاً حداثياً تتبادل وتتعاون فيه الدول في شتى المجالات الدبلوماسية والإقتصادية إلا أن التعاون بين الجانبان ظل متواضعاً طيلة العقود الماضية ولم تتعزز العلاقات الخليجية الأفريقية إلا مُؤخراً.    
تُدرك دول مجلس التعاون الخليجي اليوم أن حضورها الإقتصادي في أفريقيا يتفوق على حضورها السياسي ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل أهمها :عدم الإستقرار السياسي لبعض الدول الأفريقية، وبروز الصورة  السلبية والمغلوطة والغيرعادلة في الذهن الخليجي عن الدول الأفريقية مما أعاق العمل السياسي الخليجي في الساحة الأفريقية، فالسياسة الخليجية وإن كانت قد نجحت إلى حد ما في تدشين بعض المشاريع التجارية والإستثمارية في بعض الدول الأفريقية وعملت على خلق فرص عمل والذي ساعد بلا شك في إنعاش جزئي لتلك الدول إقتصادياً إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي لم توظف تفوقها الإستثماري والإقتصادي بما يخدم مصالحها السياسية إلا بعد أن وجدت نفسها على خط المواجهة العسكرية مع طهران في جنوب الجزيرة العربية القريبة من السواحل الشرقية للقارة الأفريقية، أضف إلى ذلك الشك الذي بدأ يساور الشارع الخليجي بعد تأسيس واشنطن ما يسمى بالمجلس الإستشاري الأفريقي، وتمديد قانون النمو والفرص لعشر سنوات، وإنشاء القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا عام2007م والتي أطلق عليها (أفريكوم/USAFRICOM)، وإصدار كتاباً حمل عنوان “African Oil Policy Initiative Group” والذي يؤكد على ضرورة إستبدال النفط الخليجي بالنفط الأفريقي خاصة بعد صدور تقاريرإقتصادية أمريكية تؤكد أنه بحلول عام 2020 ستحصد الولايات المتحدة ربع نفطها من أفريقيا، هذا بالإضافة إلى تميز النفط الأفريقي بمميزات يتفوق بها على النفط الخليجي مثل: إنخفاض نسبة الكبريت مما يقلل عملية التكرير، وقرب السواحل الأفريقية من السواحل الشرقية للولايات المتحدة وهذا ما أعطى النفط الأفريقي ميزة القرب الجغرافي التي ينافس بها النفط الخليجي، ويبقى السؤال هنا هل ستتحول العلاقات الخليجية الأفريقية مُستقبلاً من التعاون اليوم إلى التنافس غداً؟
كيف يمكن تعزيز العلاقات الخليجية الأفريقية ؟
·       البدء بتأسيس تكتل إقتصادي يضم دول الخليج العربي وبعض القوى الأفريقية الصاعدة مثل أثيوبيا، نيجيريا، جنوب أفريقيا، وسيكون لهذا التكتل نتائج إيجابية فقد تتقارب وجهات النظر المغربية-الأفريقية بشأن ملف الصحراء الغربية وإقناع بعض الدول الأفريقية بسحب الإعتراف من الجمهورية العربية الصحراوية ومن ناحية أخرى يمكن لدول الخليج تحجيم النفوذ الإيراني في أفريقيا.
·       دعم عمل صندوق أبوظبي للتنمية في مشاريع الطاقة المُتجددة في أفريقيا كتلك التي تم دعمها في السيراليون عام 2014.
·       تأسيس معاهد ومراكز خاصة بالدراسات الأفريقية في دول الخليج لتقريب وجهات النظر والعمل على قراءة أفريقيا بشكل مُستقبلي .
·       دعم المملكة العربية السعودية في برنامج إصدار الصكوك الإسلامية في أفريقيا لإنعاش الإقتصاد الأفريقي من ناحية والمُحافظة على الأموال الخليجية من أي إبتزاز سياسي/ إقتصادي مُستقبلي من ناحية أخرى.
·       العمل على إنجاح مشروع جسر اليمن – جيبوتي الذي سيُعزز التبادل التجاري بين دول القرن الأفريقي ودول الخليج العربي.


* السلالة السليمانية ترجع إلى الملك سليمان (نبي الله سليمان) وملكة سبأ.


نشر المقال في جريدة البيان الإماراتية



د.أمينــة العريمــي
باحثة إماراتية في الشـأن الأفريقـي
@gulf_afro











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق