الثلاثاء، 16 فبراير 2016




معوقات العلاقات الخليجية الأفريقية


 يقول رئيس مجلس شركة ساتيا / كبرى شركات الإستثمار التي تُركز نشاطها في أفريقيا  " من أراد أن يجني أموالاً فما عليه إلا التوجه لأفريقيا فوراً "
بلغ متوسط النمو في الدول الأفريقية قرابة الـ 6-6.5% ، ومن المتوقع أن تشهد القارة نمواً في ناتجها الإجمالي المحلي بنسبة تزيد عن 8 %، كما يُتوقع أن تكون سبع دول أفريقية من بينها إثيوبيا ، وموزمبيق ،  ونيجيريا  ، من بين إقتصادات دول العالم العشر الأسرع نمواً في السنوات الخمس القادمة ، ووفقًا لـ ايرنست ويونغ  فإن عدد مشاريع الإستثمارات الأجنبية المباشرة في أفريقيا إرتفعت بنسبة 27% ، ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، فإن تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر إلى دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إرتفعت إلى أكثر من 36.9 مليار دولار ، كما إرتفع الإستثمار فيما بين الدول الأفريقية جنوب الصحراء بنسبة 17% ، أضف إلى ذلك أن عدد السكان في أفريقيا جنوب الصحراء أقل من عدد سكان الهند  لكن الناتج الإجمالي المحلي أكبر ، والعديد من الدول الأفريقية سبقت الصين والهند في الإدارة وحكم القانون  وبالتالي يمكن القول أن الدول الافريقية جنوب الصحراء تسير قدماً نحو الأفضل ،  وفي مؤتمر أفريقيا الأخير أكدت مجلة ( أنسياد للمعرفة ) أن البيئة السياسية في أفريقيا جنوب الصحراء أكثر قابلية للهدوء والإستقرار ، ومن الناحية الإقتصادية هناك المزيد من الدول التي تعمل على تحقيق الإستقرار الكلي لإقتصادها  وبالتالي على دول الخليج العربي أن لا تغض النظر عن الفرص التي توفرها أفريقيا جنوب الصحراء ، فالقارة تتحرك بسرعة، وتشهد أفريقيا حالياً تحولات جيده  ستغير بلا شك واقع افريقيا من كونها قارة مصدرة للمواد الخام  ومستوردة للمنتجات  إلى قارة مُنتجه ومتطورة وسيشهد قطاع التصنيع الأصلي نمواً ، وأعتقد أن السوق الأفريقية الرئيسية ستستعمر مرة أخرى ولكن هذه المره من الأفارقة أنفسهم.
بالرغم من كل التطورات المتلاحقة التي تعيشها أفريقيا ( جنوب الصحراء ) إلا إننا نلاحظ بشكل لا تخطئه العين حتى تلك الغير مُتفحصه أن  الحضور السياسي الخليجي في أفريقيا جنوب الصحراء  ما زال متواضعاً وإنحصر على حصول بعض دول مجلس التعاون الخليجي على عضوية في المنظمة الفرانكفونية والإتحاد الأفريقي بصفة "مراقب"  والدولة التي تحصل على عضوية مراقب  يُسمح لها  بالمشاركة في كافة أنشطة الإتحاد الأفريقي لكن لا يُسمح لها بالتصويت على القرارات التي يصدرها الإتحاد ، ولعل من الأسباب الرئيسية التي ساهمت بشكل أو بأخر على ضعف الحضور السياسي الخليجي في أفريقيا جنوب الصحراء هو حضور الولايات المتحدة  في منطقة الخليج العربي وأفريقيا  مع تصاعد التأكيد الأمريكي على أهمية النفط الأفريقي الأقل تسيساً من نفط الشرق الأوسط وهو ما يمكن أن يحول العلاقة بين أفريقيا  جنوب الصحراء والخليج العربي من التعاون المشترك إلى التنافس المفتوح ، كما أن ضعف التمثيل الدبلوماسي الخليجي في دول أفريقيا جنوب الصحراء يعتبر أهم معوق لتطور العلاقات السياسية الخليجية الأفريقية ويرجع السبب في ذلك إلى  عدم الإستقرار السياسي لبعض الدول الأفريقية ، وبروز الصورة  السلبية والمغلوطة والغير عادلة في الذهن الخليجي عن دول الجنوب الأفريقي  مما أعاق العمل السياسي الخليجي  في الساحة الأفريقية ، إلا أن  الحضور الإقتصادي الخليجي في أفريقيا جنوب الصحراء  يتفوق على الحضور السياسي ، فالسياسة الخليجية وإن كانت قد نجحت إلى حد ما في تدشين بعض المشاريع الإستثمارية  في بعض الدول الأفريقية ( جنوب الصحراء) والتي ساعدت في إنعاش جزئي لتلك الدول إقتصادياً ، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي لم توظف تلك الإستثمارات بما يخدم مصالحها السياسية فعلى سبيل المثال توجد إستثمارات خليجية في أريتيريا وأثيوبيا التي بلغت الإستثمارات الخليجية فيها لوحدها ما يتجاوز الــ  13 مليار دولار  إلا أن تلك الدول لم تدعم عمليات عاصفة الحزم التي تشارك بها دول مجلس التعاون الخليجي ، ولم تكتفي أديس أبابا وأسمره  بالحياد  أمام ما يجري في اليمن السعيد بل تحولت أريتيريا لقاعده تحتضن في أراضيها ما يسمى بالحرس الثوري الأفريقي التابع للحرس الثوري الإيراني والذي كان نعم العون والسند لمليشيات الحوثي تدريباً وتنظيماً  ، أما أديس أبابا فهي لا ترغب بوجود عربي فاعل قريب من دول القرن الأفريقي ( في اليمن مثلاً ) نكاية في القاهره من جانب  وفي الصومال العضو في الجامعه العربية من جانب أخر ، فالقاهره تحظى بدعم مجلس التعاون الخليجي بإعتبارها حليف إستراتيجي له ، أما الصومال فهو  يطالب أديس أبابا بإقليم أوجادين المغتصب أثيوبياً من عشرات السنين أضف إلى ذلك إفتقار أديس أبابا لمسطحات مائية جعلها تدعم الإقتتال والتشرذم وإنفصال الصومال المركزي عن إقليمي بونتلاند وصومالاند وإستغلال موانىء تلك الأقاليم الصومالية شبه المستقلة لإنعاش صادراتها وإستقبال وارداتها ، ولعل أحد القراء يرى أن موقف أريتيريا وأثيوبيا من عاصفة الحزم متوقع كونها دول ليست أعضاء في الجامعه العربية ولكن هناك دول افريقية  ليست أعضاء في جامعة الدول العربية ولكنها كانت قوة داعمه لدول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية مثل السنغال ، وغامبيا  ، والسيراليون.
أرى كباحثة في الشؤون الأفريقية أنه لابد أن يكون هناك تحليل منطقى للوضع في أفريقيا  جنوب الصحراء لأن الصورة ما زالت سلبية ومغلوطة وغير عادلة في الذهن الخليجي عن دول الجنوب الأفريقي ، فرغم أهمية تلك الدول التي أصبح أغلبها أعضاء في تكتلات إقتصادية قوية مثل البريكس والإيكواس والكوميسا التي تحولت لمنطقة تبادل للتجارة العالمية الحرة إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي تكاد تكون غير حاضرة " سياسياً " في تلك الساحة ، وأعتقد أنه لو نجحت دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية في وضع حد لضعف الإهتمام بدول أفريقيا ( جنوب الصحراء) ووضع مجلس التعاون الخليجي دول أفريقيا جنوب الصحراء ضمن الأجندة الخليجية والعربية ما كنا سنقف اليوم نتساءل متى سيعود جنودنا من اليمن ؟!!!

تم نشر المقال في جريدة الخليج الإماراتية على الرابط التالي :
http://cutt.us/27p8


تم نشر المقال في جريدة الحصيلة الكويتية على الرابط التالي:



أمــــينة الـــعريـــمـي
باحـــــثة إماراتــــية فــي الــشأن الأفـــريقـي

Afrogulfrelations_21@outlook.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق