الأحد، 7 فبراير 2016




الطموح الخليجي في جزيرة الفانيلا " مدغشقر"


تنبع أهمية مدغشقر أو ملاجاش أو جزيرة الفانيلا كونها مصدر لأحد أثمن التوابل في العالم -زراعة الفانيلا-وعضو في رابطة دول المحيط الهندي للتعاون الإقليمي،وعضو في منظمات الكوميسا والساداك ومنظمة التجارة العالمية والأونكتاد وأحد الإقتصادات الناشئة في أفريقيا هذا بالإضافة إلى سعيها لإقامة ممر ملاحي من نهر النيل إلى مدغشقر مما يمهد لإنتقالها إلى العالمية،فهي ميناء رئيسي لدول شرق أفريقيا كونها رابع أكبر جزيرة في العالم بموقعها الإستراتيجي على المحيط الهندي،ووضعتها الوكالة الأمريكية لمعلومات الطاقة في قائمة دول إنتاج البترول المستقبلية في أفريقيا ويقدر الإحتياطي بنحو 1.7 مليار برميل.
تشهد جزيرة الفانيلا اليوم تنافساً دولياً لا تخطئه العين فالولايات المتحدة رفعت كل القيود عن المساعدات المباشرة لمدغشقر،كما قامت بتوجيه دعوة لرئيس مدغشقر لحضور قمة الولايات المتحدة-أفريقيا،وقدمت واشنطن لأنتاناناريفو برامج للأمن الغذائي والصحة وتعهد البنك الدولي بتقديم دعماً مالياً لمدغشقر بقيمة 400 مليون دولار،أما فرنسا فلقد قامت شركة النفط الفرنسية توتال بشراء حصة تبلغ 60% في حقل بيمولانجا من شركة مدغشقر أويل النفطية وتمكنت من إمتلاك الترخيص الخاص بالحقل،وقدمت منحة قيمتها 3,8 مليون يورو لمدغشقر لضمان الإستثمار والخروج من الأزمة الإقتصادية، ومن جانب أخر نرى أن الصين كونها أكبر شريك تجاري لأفريقيا، فقامت مؤخراً بتأسيس معهد كونفوشيوس بجامعة أنتاناناريفو لتأهيل الطلبة المدغشقرين لدراسة اللغة الصينية وقامت بتنظيم جائزة أطلق عليها جائزة الإسهام البارز في نشر ثقافة الصين لعام 2015
من جانب أخرإنعقدت القمة الأسيوية الأفريقية الأخيرة في جاكراتا ابريل 2015 برئاسة مشتركة بين إيران ومدغشقر وكانت بعنوان تعزيز تعاون الجنوب-الجنوب لتعزيز السلام والرفاهيه العالمية،ويمكن فهم ذلك كمؤشر على ما يتم تدواله في الصحافة الإسرائيلية بأن مدغشقر إحدى الساحات المحتملة للتنافس الإيراني الإسرائيلي،بعد إستثمار طهران لأكثر من مائة مليون دولار في مدغشقر ويعتبر ذلك المبلغ كبيراً بالنسبة لدولة تُصنف في الترتيب 12 من الدول الأكثر فقراً في العالم،فإيران من جانبها تسعى لبناء سدود لتوليد طاقة كهربية من مساقط المياه والتلويح بعروض خاصة بالنفط وطاقة التكرير،أما إسرائيل فقد أعلنت يديعوت احرنوت بتاريخ 24/11/2010 أن السفير الإسرائيلي في مدغشقر أنذاك دانيال سعدي إلتقى بنائب وزير الخارجية الإيراني في مدغشقر وأكدت تل ابيب في نفس الصحيفة على تزايد أهمية القارة الأفريقية للقوى الدولية بإعتبار أن أفريقيا بها أكبر عدد من دول العالم ممثلة في الأمم المتحدة وهو الأمر الذي يخدم المصالح الدبلوماسية في مقر الأممية وبالتالي يمكن لأصوات أفريقيا إحداث فرق،وتسعى طهران وتل ابيب بشكل دائم إلى إيفاد رجال السياسة والأعمال بغرض إقامة علاقات قوية سواء من الناحية الدبلوماسية والاقتصادية،ويدور بين الدولتين صراع دبلوماسي للتأثير إستراتيجياً على الدول الافريقية من جهة ونقل المعركة الأمنية والسياسية إلى أفريقيا من جهة اخرى
أرى كباحثة في الشؤون الأفريقية أن طهران كما نجحت في تنسيق سياسات إقتصادية في نيجيريا والسنغال ومالي أضرت بالمصالح الخليجية والعربية هناك فإنها ستسعى للنجاح في شرق أفريقيا ونجاحها يعني توقف المفاوضات التي وصفت بالمتقدمة بين دول الخليج ومدغشقر لإدارة أحد الموانىء فضلاً عن ميناءين جاري توقيع عقود إداراتهما،وإضعاف الإستثمارات الخليجية والعربية الهادفة إلى التركيز على قطاع الغاز الطبيعي المُسال بحرياً كونه أهم القطاعات التي تدعم توسعها المستقبلي خاصة في ظل الدراسات المستقبلية التي تتوقع تضاعف حجم سوق الغاز الطبيعي المُسال بحلول 2020،كما يمكن لإيران أن تلعب دور في مدغشقر مثل التأثير على النظام السياسي بدعم مرشحين للرئاسة تماماً كما حدث في جزر القمر عندما دعمت الرئيسان أحمد سامبي وخليفته إكليل ظنين خاصة أن هناك جالية شيعية في مدغشقر ومراكز جعفرية مثل مركز الزهراء في مدينتي نوسيبي وانبيلوبي
الشراكة الخليجية المدغشقرية
وقعت دول مجلس التعاون الخليجي إتفاقية مع حكومة مدغشقر لتمويل رصف وتطوير طريق سوينرانا افونجو مانانارا ذي المسارين بطول 117 كم،وتشييد جسور جديدة لربط المناطق الريفية بالعاصمة انتاناناريفو،وتمويل مشروع توليد الطاقة الكهرومائية في مدغشقر ويقدم المشروع اليوم نحو 58 ميغاوات من الكهرباء، إلا أن الدور الخليجي في جزيرة مدغشقر ما زال ضعيفاً، ويمكن لدول مجلس التعاون الخليجي تعزيز دورها في جزيرة مدغشقر بدعم الشراكة الخليجية المدغشقرية ومضاعفة الجهود في إتحاد التعاون الإقليمي،والإستفادة من الفرص المتاحة في مالاجاش والعمل على إيجاد مزيد من الفرص كتعزيز دور موانىء دبي العالمية في أفريقيا خاصة أن التعاون البحري سيصبح أحد أعمدة الإستراتيجية الأفريقية الأسيوية الجديدة وذلك يحقق رؤية دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2020، ومن المفيد لدول الخليج أن تبرز دورها في إتحاد التعاون الإقليمي القادم الذي سيقام في اكتوبر 2016 وذلك بالشراكة مع أحد الدول الأفريقية المرشحة لقيادة أفريقيا في المرحلة القادمة كنيجيريا مثلاً، كما يمكن تعزيز ومضاعفة الإستثمارات في الموانىء الأفريقية مثل ميناء جيبوتي، ميناء بربره في الصومال،ميناء تاماتاف في مدغشقر،ومحطة بونتايوروبا البحرية في غينيا الاستوائية، ومحطة حاويات ميناء مابوتو في موزمبيق بمحطة موانىء دبي العالمية –دكار في السنغال اكبر محطة بحرية في غرب افريقيا،من جانب اخر جزيرة الفانيلا غنية بالمياه حيث يبلغ الحجم الكلي للموارد المائية لتلبية الإحتياجات المتنوعه للسكان في مدغشقر حسب ما أصدره صندوق التنمية الافريقي لعام 2015 (449) مليار م3 سنوياً بما يعني أن الموارد المائية تفوق حاجيات السكان،أضف إلى ذلك إمتلاك مدغشقر لإمكانيات مائية من الموارد الجوفية والسطحية إلا أن ضعف البنية التحتية والتوزيع الجغرافي المتفاوت للموارد حالت دون حصول الكثير من السكان على هذا المورد الحيوي الأساسي فأقل من 50 % من سكان مدغشقريحصلون على مياه الشرب، وبالتالي يمكن لدول الخليج الإستفادة من تلك المياه لزيادة إستثماراتها الزراعية في مدغشقر خصوصاً بعد أن أطلقت الحكومة الملاغاشية برنامجاً مدته أربع سنوات من 2015-2019 لتحقيق إرتفاع يناهز النصف مقارنة بالوضع الحالي أضافة إلى الترفيع في معدل الحصول على البنية التحتية للصرف الصحي والنظافة من 50% إلى67% بحلول 2019 ويحتاج لتنفيذه 163 مليون دولار،فالبرنامج يهدف إلى إعادة التوازن لتلك المقاربة الشائكة التي تؤكد أن سرعة تدفق المياه تبلغ 10 م3 في الثانية ما يعني إمكانية الإستفادة من تلك المياه وتصديرها وإستخدام الإيرادات لتمويل أشغال الإمدادات، غير أن مدغشقر لا تستعمل تلك الأموال التي كان بمقدورها الحصول عليها،وبما أن التعاون البحري سيصبح أحد أعمدة الإستراتيجية الأفريقية الأسيوية الجديدة خاصة أن الدول الافريقية اليوم تتجه نحو تعزيز التجارة والإستثمار كمحرك للنمو وإعادة الزخم للقضايا الجوهرية الخاصة بحركة دول الجنوب- الجنوب وبشكل خاص القضايا الخاصة بالرخاء والإستقرار للبلدان الأفريقية والأسيوية فبالتالي يمكن إيجاد أرضية مشتركة والتعاون مع الدول الافريقية، كما يمكن تعزيز دور الأزهر الشريف في مدغشقر فالمسلمين هناك لا يمتازون عن سائر أبناء وطنهم وذلك بسبب تمسك أهالي مدغشقر بعقائدهم القديمة بحيث لا الإسلام ولا النصرانية نجحا في قلع تلك العقائد،بالإضافة إلى ضعف تواجد المسلمين في أجهزة الإعلام اللازمة للدعاية.



تم نشر المقال في جريدة الخليج الإمارتية على الرابط التالي :



تم نشر المقال في مجمع الافارقة على الرابط التالي :




أمــــــــينة الــــعريـــمي
بـــاحثة إمـــــاراتـــــية فـــي الـــشأن الأفـــــريقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق