الأحد، 24 سبتمبر 2017


المعوقات الإستراتيجية الخليجية في أفريقيا
د.أمينة العريمي الباحثة المتخصصة في العلاقات الخليجية الافريقية وحديث عن العلاقات الخليجية الافريقية قديماً وحديثاً في تلفزيون أفريقيا العالمية

كنتُ وما زلت مؤمنة أن دول مجلس التعاون الخليجي لن تنجح في أفريقيا إن لم تنبذ خلافاتها الجانبية وتعمل للغد، فدول مجلس التعاون الخليجي رغم نجاحها "الإقتصادي" الجزئي في العديد من الدول الافريقية إلا أنها ما زالت خارج دائرة النجاح "السياسي" الذي نتأمله، فلا يمكن الحديث عن تعاون خليجي أفريقي حقيقي في الوقت الذي تتحول فيه أفريقيا لساحة تصفية حسابات سياسية بين دول الخليج العربي على حساب المصالح الخليجية وهنا يكمن الخطر على مستقبل العلاقات الخليجية الافريقية برمتها.
هذا ما تناولته في لقاء أجرته معي جريدة الوطن البحرينية، يمكن مشاهدته على الرابط التالي :
د. أمينة العريمي
باحثة إماراتية في الشأن الافريقي 

السبت، 16 سبتمبر 2017


التعاون الخليجي في جمهورية جنوب السودان 

د. أمينة العريمي الباحثة السياسية الإماراتية مع وزير المالية السابق ووزير التربية والتعليم في جوبا وحديث حول العلاقات الخليجية مع جمهورية جنوب السودان

لدولة الكويت وقع خاص في جمهورية جنوب السودان، فكل من قابلته من النخبة الجنوب سودانية أكد لي دور الكويت التاريخي في تطوير جنوب السودان ونهضة شعبه، وترجع العلاقات الكويتية الجنوب سودانية إلى السبعينات من القرن الماضي، وبذلك تكون الكويت أول دولة خليجية تتواجد في إقليم جنوب السودان، فقد إفتتح أول مكتب كويتي للمساعدات في العاصمة جوبا وتبعه إفتتاح قنصلية الكويت عام 1972 والتي ترأسها السفير الراحل "عبدالله السريع" والذي أطلق عليه أهل جنوب السودان "عبدالله جوبا" بسبب الدور الكبير الذي لعبه في توثيق العلاقات الكوييتة الجنوب سودانية، وتم بفضله تدشين المشاريع الكويتية التنموية والعمرانية في جنوب السودان مثل: مستشفى الصباح الذي تأسس عام 1983، وتأسيس منازل لمحدودي الدخل، ودشنت مدرسة الصداقة الكويتية للبنات، والمركز الثقافي، ومسجد الكويت الذي يعتبر أكبر مسجد في جنوب السودان والذي تم تأسيسه في 1975 ويتسع لألفين مصلي وما زال يحتفظ بروعة بنيانه بالرغم من توالي ظروف الحرب، وتبلورت قوة العلاقات الكويتية مع جنوب السودان في موقف الزعيم الراحل الدكتور "جون قرنق" الداعم لدولة الكويت أبان الغزو العراقي 1990 وتعهد بإرسال فيالق من الجنود الجنوبيين للمُشاركة مع قوات التحالف الدولي.
حرصت دولة الكويت دائماً على وحدة الأراضي السودانية وجعل خيار الوحدة بين شمال السودان وجنوبه جاذباً بعد توقيع إتفاقية نيفاشا 2005 لذلك ضاعفت الكويت إستثماراتها في جنوب السودان بمبلغ 120 مليون دولار، وفي عام 2006 قادت الشركة الكويتية "سوكيت SUKAIT" ثلاثة مشروعات رئيسية في جنوب السودان، فقد هدف المشروع الأول إلى تطوير الميناء النيلي لمدينة جوبا وربطه بالولايات الجنوبية وبالتالي سيُسهل عودة الكثير من النازحين إلى أهلهم، ومن ناحية أخرى سيُحقق للحكومة عائداً نسبته 5% لمُدة ثلاثين عاماً وستعود ملكيته بعد ذلك للدولة، أما المشروع الثاني فهو مشروع مُشترك بين الكويت وجنوب السودان والذي حصلت فيه جوبا على نسبة 15% من الأرباح وسترتفع تدريجياً لتصل إلى 50% لمدة ثلاثين عاماً، وهو عبارة عن بناء سلسلة فنادق من فئة الخمس نجوم في مدينة جوبا، أما المشروع الثالث فهو عبارة عن مصائد أسماك بحيرة تركاكا والتي تُعتبر من أغني بحيرات الأسماك في الولايات الجنوبية، وبلغت  تكلفته 10 ملايين دولار، ومن الجدير بالذكر أن شركة (سوكيت/sukait) الكويتية تعتزم تنفيذ مشاريع أخرى مثل مشروع المباني الجاهزة، ومشاريع تمديد المياه من النيل لمدينة جوبا، ومشاريع محطات توليد الطاقة الكهربائية وتعبيد الطرق وإنشاء المدارس والمستشفيات.
هناك فرصة حقيقية أمام دولة الكويت للتوسع في شرق ووسط القارة الأفريقية وبوابتها في ذلك جنوب السودان، فالكويت تمتلك رصيد دبلوماسي أثبت توازنه ونجاحه عبر عقود وبالتالي يمكن توظيف الدبلوماسية الكويتية في حل معضلة جنوب السودان السياسية خاصة أن القيادة السياسية الجنوبية حتى المعارضين منهم يؤكدون على أهمية دولة الكويت لجمهورية جنوب السودان، كما يمكن للكويت التعاون مع المشاريع الخليجية الرائدة في جنوب السودان مثل مشروع المياة والإصحاح البيئي الذي تقودة دولة قطر في جنوب السودان لمنع إنتشار الأوبئة، كما يمكن لصندوق الكويت للتنمية التعاون مع بنك قطر الوطني وهو البنك الخليجي الأول على مستوى العالم الذي نجح في إفتتاح فرع له في جنوب السودان ويتميز بسهولة تحويل وإرسال الأموال ودعم المشاريع، كما يمكن لدولة الكويت التعاون مع المشروع الإماراتي الجنوب سوداني الذي يهدف لتحويل مدينة رامسيل إلى مركز إقتصادي سينطلق من شرق أفريقيا قريباً.

مشاركة علمية في مركز مقديشو للبحوث والدراسات الإستراتيجية على الرابط التالي: 

د.أمينة العريمي
باحثة سياسية في الشأن الأفريقي
@gulf_afro 

الأحد، 6 أغسطس 2017



كلمـة فـي الإعـلام الأفريقـي

 يقول الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه "كلام في السياسة" : "الفهم مطلوب قبل الحُكم بإستمرار ولكنه ضروري إلى الحد اللازم ولكن ليس بعده، لأن الزيادة في الفهم قد تُجنح بالأحكام إلى حيث تضيعُ الحدود، والبشر إذا زاد فهمهم قًدروا وإذا قًدروا فقد تركوا التسامح يغلبهم وعذروا، وإذا عذروا فإنهم في نفس اللحظة حتى وإن لم يقصدوا غفروا، والغُفران ليس مُلك البشر، وإنما مُلك التاريخ وحده، بمقدار ما أن التاريخ كلهُ مملكة لله" .
تلك العبارات هي كانت مُجمل حديثي مع نفسي وأنا مُتجهة إلى القناة الأفريقية العالمية، أو كما يُسميها الأفارقة (Africa Voice) التي وجهت لي دعوة كريمة للحديث عن أهمية العلاقات الخليجية الأفريقية وأثرها على المُجتمعين الخليجي والأفريقي، ومن باب حرصي على إرسال رسالة إلى بعض النخبة الأفريقية المُثقفة التي ترى في العلاقات الخليجية الأفريقية نوعٌ من الإستعمار الجديد يحاول فرض نفسه عليها، أو بمعنى أصح جزء من الإستعمار القديم الذي لم تتخلص منه أفريقيا بعد.
وجدتُ نفسي حقيقة أمام مُهمةٌ شاقة لن تؤتي أكلها ولن تحقق مُبتغاها في حوار تلفزيوني مدته ساعتان، فأثرتُ الإجتهاد في الحديث عن تاريخ العلاقات الخليجية الأفريقية التي سبقت الإستعمار الأوروبي لأفريقيا بقرون، والتي بدأت مع الفتوحات الإسلامية وتعززت وشائجها بقوافل الحج المُتدفقة سنوياً من عموم القارة الأفريقية إلى شبة الجزيرة العربية، ولم أنسى أن أضرب الأمثلة لأهم الزعماء الأفارقة الذين كان لهم دور كبير في تعزيز التعليم الثقافي والديني وتعلم ونشراللغة العربية في أفريقيا، وإنعاش طرق الحج للأراضي المقدسة مثل الشيخ  حاجي منسا موسى الذي أسس جامعة سانكوري التي تُعتبر مركز العلم في أفريقيا، والذي كان يوزع الذهب لكل ما كان يُقابله أثناء رحلته للحج من مالي إلى مكة المكرمة ما تسبب في إنخفاض سعر الذهب ودخل إقتصاد العالم في حالة تضخم لعشرين سنه قادمة بسبب تلك الرحلة، كما تناولت في حديثي الدور الثقافي الخليجي الأفريقي في الوقت المُعاصر، والذي يُمكن أن تلعبهُ الجامعات الخليجية والأفريقية والذي بدأ ينجح بإستقبال الطلبة الأفارقة في جامعة القاسمية في دولة الامارات العربية المتحدة في إمارة الشارقة، وتأسيس دولة الكويت لمركز جابر الأحمد التعليمي في السنغال، وتأسيس دولة قطر للجامعة الإسلامية في جزر القمر، كما دشنت مملكة البحرين جامعة الصومال للعلوم الطبية، وتأسيس المملكة العربية السعودية لعدد من الجامعات في أفريقيا مثل جامعة فيصل في تشاد ورعاية الرياض لمؤتمر إتحاد الجامعات الافريقية في مايو 2017، والذي كان لي شرف حضوره والتحدث من خلاله عن أهمية تعزيز العلاقات الخليجية الافريقية ثقافياً وذلك من خلال المُنتديات الثقافية والجامعات، كما تحدثت في لقائي عن ملف العمالة الافريقية "المتعلمة" في دول مجلس التعاون الخليجي والتي تحظى بإهتمام القيادات السياسية الخليجية، وتُمارس تلك العمالة دورها المُناط إليها بكل حرفية، وعند سؤالي عن الحضور الخليجي في أفريقيا، قلت أن الحضور الخليجي اليوم في أفريقيا هو حضور إقتصادي إستثماري فقط، ويكاد ذلك الحضور يتفوق على الحضور السياسي الذي لا أكاد أراه، وهنا المأزق الحقيقي لمثل هكذا علاقات لو أراد لها أن تستمر وتنتج، فلا يمكن أن أتحدث عن إستثمار وتجارة وإتفاقيات إقتصادية بدون حضور سياسي يدعم ذلك، وهذا ما يُعاني منه الطرفان (الخليجي – الأفريقي)، فالجانب الخليجي يفتقر معرفياً لحقيقة أفريقيا، ويفتقر لطواقم دبلوماسية مُؤهلة للتعامل مع أفريقيا وأزماتها المُتلاحقة، والتي لابد من معرفتها ودراستها لوضع إستراتيجيات لتقريب وجهات النظر بين الجانبين مما سيُسهل المُشاركة الخليجية في حل تلك الأزمات وبالتالي فهمها، أما الجانب الأفريقي فبالرغم من وجود الكوادر البشرية المُتعلمة والتي تمتلك رؤية سياسية إقتصادية واعدة لتعزيز العلاقات الخليجية الافريقية إلا إنها تحتاج لدعم على جميع المستويات لتحويل تلك الرؤية إلى واقع، كما أن دول الخليج العربي وبعض الدول العربية و الدول الأفريقية يشتركان في "نهج " وهو أن بعض الدول الأفريقية ترى أن وجود سفارات وقنصليات لها في بعض الدول الخليجية والتي تراها من وجهة نظرها "مُهمة" سيغُنيها عن باقي الدول الأخرى، ومن الجانب الأخر ترى بعض الدول الخليجية أن وجود سفارة لها في الدول الأفريقية المُرشحة لقيادة ركب التطور في أفريقيا سيغنيها عن البقية الباقية وهذا غير صحيح، فكل دولة من الجانبين لها أهميتها ولها دورها الذي يُمكن أن نراهن عليه، وكل ما هو مطلوب منا هو دراسة بعضنا البعض للبدء بالعمل على الوصول بتلك العلاقات بما ينفع الجانبان .
وأخيراً، أكثر ما بدأتُ أتفهمه وأحاول جاهدة لمعرفة أسباب التغاضي عنه في قضية العلاقات الخليجية الأفريقية هو "ملف المواليد" ومنهم الأفارقة الذين كانوا حجاجاً إلى الأماكن المقدسة وبقوا فيها، والبعض الأخر هاجروا من أقصى دول الوسط والغرب الأفريقي هرباً من إضطهاد الإستعمار الأوروبي الذي سيطر على القارة الأفريقية بعد مؤتمر برلين أو "مؤتمر الكونغو" (1884-1885) وأستقر بهم الحال في شبه الجزيرة العربية ولم يخرجوا منها حتى تاريخ كتابتي لهذه السطور، وهنا نتحدث عن أجيال مُمتدة باتت جزء لا يتجزء من عموم شبه الجزيرة العربية، وهناك الكثير منهم ومن له إسهامات علمية وأدبية بارزة في المُجتمعات الخليجية مثل الأديب والقاص التشادي أدم يوسف الذي إستضافته القناة الثقافية السعودية في مايو 2017 الذي أشار إشارة واضحة للتواصل بين الدول الأفريقية والخليجية والعربية، وبالتالي أرى بضرورة العمل على كسب تلك النخبة فهم حجر الاساس لإرساء العلاقات الخليجية الأفريقية، وهم الجسر الأول الذي يمكن أن تعبر من خلالة رؤية خليجية مُستقبلية لأفريقيا المُستقبل في القرن الواحد والعشرين.





د. أمينة العريمي
باحثة إماراتية في الشأن الأفريقي
@gulf_afro

الخميس، 29 يونيو 2017



أزمة خليجية في شرق أفريقيا (الجزء الأول)
من مؤتمر القادة الأفارقة في شرق أفريقيا، من اليمين الباحث والمتخصص في السياسة الأمنية الأفريقية الدكتور تقاي، وفي الوسط الباحثة الإماراتية في الشأن الأفريقي الدكتورة أمينة العريمي، ومن اليسار الإستاذة ناسرين المتخصصة في برنامج إعداد القادة






قضيتُ إجازتي كلها في أفريقيا، ورغم إرتباطي العملي إلا إنني مددتُ إجازتي وصمتُ رمضان كاملاً في ربوعها وقراها وبين أهلها، وحل علي عيد الفطر السعيد وأنا بين جموع أفريقية غفيرة إصطحبتني معها لصلاة العيد في مشهدٍ تمنيتُ وقتها أن يتوقف الزمن عند تلك اللحظة المُهيبة ليقنع الأرض قبل البشر أن قيمة الإسلام متجذرةٌ في أفريقيا وهيهات لمن يسعى لإقتلاعها.
منذُ شهر إبريل 2017 إلى اليوم زرتُ أكثر من ثلاث دول أفريقية والهدف من زيارتي هو التعرف على أفريقيا عن قُرب ومُعايشة أهلها إجتماعياً وثقافياً حتى يتسنى لي وضع البذور الأولى لمشروعٍ قضيتُ أرسم ملامحهُ لأكثر من ثماني سنوات وهو: " البدء بترسيخ العلاقات الخليجية الأفريقية" هذه العلاقات التي لا يهتم بها الذهن الأفريقي لقلة حيلته رغم عشقه لكل ما هو عربي، ويرفُضها الذهن الخليجي لقلة درايته وسلبيته تجاه كل ما هو أفريقي، وقبوله بها مؤخراً بعد أن أدرك أن أمنه القومي ومُستقبله السياسي وتطلعه الإقتصادي وتعايشهُ السلمي مُرتبطٌ بقبر تلك الصورة السلبية لأفريقيا وأهلها في مُخيلته والنظر إليها كمُكملٌ لوجوده الذي بات على المحك .
كنتُ وما زلتُ مؤمنةً أن المشاق والعقبات أمامي كثيرة وليس من السهولة بمكان التخلص منها ولو وجدتُ طريقة للتخلص منها ما فعلت لأنني موقنة بأن أي مشروع إن لم يرتكز على مبدأ صادق خالص له فلن ينجح أبداً وبالتالي لابد من المواجهة والتشمُر للصعاب وهذا ما تعلمته في البحث العلمي، وعندما أتحدث عن العلاقات الخليجية الأفريقية دائماً ما أتبنى المصالح الخليجية مُجتمعة بإعتبارها مصالح واحدة لوحدة سياسية واحدة يمكن أن نبني عليها إستراتيجيات مُستقبلية ستعود بالنفع على المجتمع الخليجي والأفريقي إلا إني أصطدمت بحالة خاصة جعلتني أراجع موقفي كله بعد أن زُج بأفريقيا ومُستقبل أهلها في أتون الأزمة الخليجية المُحتدمة هذه الأيام والتي أخشى أن تتحول من أزمة خليجية -خليجية إلى أزمة خليجية أفريقية راهنتُ الكثير أنها لن تتحقق.
لنبدأ بالصومال تلك الدولة الجريحة التي إستعصت على كل شىء إلاعلى نفسها، فبقدوم الرئيس محمد فرماجو إلى سدة الحكم في مقديشو تعلقت أمال الصوماليين جميعاً ونحن معهم بالرؤية الإستراتيجية المُستقبلية لصومال الغد والتي تبينت في أزمة الخليج الحالية، فالرئيس محمد فرماجو يُدرك بأن الأزمة الخليجية وما تلته من تصعيدات خطيرة هي شأن خليجي داخلي والزج ببلاده في أتونها ليس في صالح مُستقبلهُ السياسي ناهيك عن مُستقبل بلاده وبالتالي إلتزام الحياد هو سيد الموقف رغم إنقسام الشارع الصومالي ومُنظمات المجتمع المدني إلى معارض ومؤيد لذلك الحياد، أما أديس أبابا فموقفها لم يختلف عن موقف مقديشو، فأثيوبيا إلتزمت الحياد الحذر ودعت للحوار بين الأطراف، إلا إني أرجح أن موقف أثيوبيا من الأزمة الخليجية سيتغير بتغير الإستراتيجيات، وأعني هنا إسرائيل التي وجدت في الأزمة الخليجية فرصة ذهبية لإعلان التطبيع مع دول الخليج العربي بعد أن كان سرياً والتي ظهرت بوادره في قناة تلفزيونية إسرائيلية بتاريخ 13/1/2016 )[1](، أما جيبوتي فموقفها من الأزمة الخليجية كان مُتوقعاً بعد تطور العلاقات الإماراتية السعودية الجيبوتية مؤخراً والذي إمتد من التعاون الإقتصادي إلى التعاون الأمني والعسكري وبالتالي إتخاذ جيبوتي خطوة تخفيض التمثيل الدبلوماسي بينها وبين الدوحة تبدو طبيعية وإن لم تكن كذلك فسيكون ثمة جنون سيُصيب مُحللي الشؤون الأفريقية على مستوى العالم، أما أرتيريا فتبنت أيضاً موقف مُحايد ولكن حيادية أسمرة من الأزمة الخليجية أقرب لمُساندة الدوحة ودعم موقفها، ولا غرابة في ذلك فالعلاقات القطرية الأرتيرية تبدو مُختلفة عن سائر دول الخليج مُجتمعة، فالدوحة من الأطراف الإقليمية النادرة التي تحظى بثقة النظام الحاكم في أسمره في جميع المجالات وعلى رأسها نجاح الدوحة في قيادة دور الإصلاح بين الفرقاء الأرتيريين، ناهيك عن دعم دولة قطر للخطة التنموية الشاملة للحكومة الأرترتيرية منذ عام 2000 إلى اليوم.
بالرغم من إختلاف موقف جيبوتي وأرتيريا من الأزمة الخليجية إلا أنني أرى بأن هاتان الدولتان ما هما إلا تجسيداً ومثالاً حياً للعلاقات الصومالية الأثيوبية المتوترة، فقد كانت  الأولى جزءاً من الصومال ( جيبوتي / الصومال الفرنسي )، والأخرى ( أرتيريا) كانت جزءاً من أثيوبيا حتى عام 1993، إلا أن الدولتان الأم ( الصومال وأثيوبيا) وجدتا في تلك الدولتان المُستقلتان عنهما ضالتهما، فأثيوبيا وجيبوتي تجمعهما مصلحة "أمنية" في الصومال، فكلا الدولتان لا يرغبان برؤية  صومال موحد مُستقل مُستقر واعد قد ينهض ويُطالب مُجدداً بإحياء مشروعة الأزلي (الصومال الكبير)، فجيبوتي اليوم ليست الصومال الفرنسي القديم، وأثيوبيا لم تسمح منذ عقود بعودة إقليم أوجادين لأصله الأم (الصومال) وبالتالي لن تسمح بعودته اليوم وقد بات يُشكل أهم الأقاليم الأفريقية الواعدة في شرق أفريقيا بعد إكتشاف النفط والغاز فيه مؤخراً والذي سيُعزز مكانة أديس أبابا كإحدى أهم القوى في شرق أفريقيا، وبالتالي من المُرجح أن الضغوط الدبلوماسية من دول الخليج المُحاصرة لدولة قطر ستلعب دوراً في تغيير الموقف الصومالي والأثيوبي تجاه الأزمة الخليجية في حال إستمرارها وبما أن القاهرة طرف في تلك الأزمة فإن أديس ابابا ستعزل موقفها من الأزمة الخليجية وتعلنه في مقابل إستمرارها في التركيز على عدم التصالح مع المصالح المصرية المائية وستمضي قدماً في إفتتاح مشروع سد النهضة في يوليو القادم 2017، ومن ناحية أخرى ستستثمر دول الخليج المُحاصرة لدولة قطر في مكانة أثيوبيا السياسية وستدفعها لإستمالة بعض الدول الأفريقية القوية مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا التي إلتزمت الحياد تجاه الأزمة الخليجية وبعض القوى الصاعدة كروندا للإنضمام إليهم، ومن ناحية أخرى قد تتعاون دول الخليج المُحاصرة لدولة قطر في عرقلة الإتفاقيات الإقتصادية التي أبرمتها الدوحة في إبريل الماضي من العام الحالي مع عدد من دول شرق أفريقيا وذلك بتعويض تلك الدول بما تنص عليه الشروط الجزائية في تلك الإتفاقيات، إلا أن ما يُعيق هذا التوجه هو التواجد التركي القوي في دول القرن الأفريقي الداعم للدوحة، أضف إلى ذلك رؤية تلك الدول الأفريقية لأزمة الخليج الحالية على أنها أزمة غامضة تعتريها الكثيرمن الشكوك هذا فضلاً عن كونها شأن خليجي داخلي يمكن أن يُحل بالحوار.
إختلاف مواقف دول القرن الأفريقي في الأزمة الخليجية أرى بأنه سيولد وضعاً جديداً وسينتقل الصراع من خليجي خليجي إلى خليجي أفريقي وهذا ما ِأشرت إليه في دراسة علمية سابقة نشرت في مركز مقديشو للبحوث والدراسات الإستراتيجية في مارس من العام الحالي، فأخشى أن تتحول دول القرن الأفريقي إلى ساحة تصفية حسابات بين دول الخليج العربي في ظل تباين الرؤى السياسية لكل دولة خليجية، والدور المُستقبلي الذي تُريده كل دولة خليجية لنفسها وبمعزل عن الأخرى، وإختلاف رؤية كل دولة خليجية للتنظيمات السياسية مثل" الأخوان المسلمين"، كل ذلك سيقود إلى التنافس" الغيرصحي" بين دول الخليج، والخشية أن يصل إلى "التأمر التدميري" على ضرب مصالح بعضهم البعض ليس فقط في القرن الأفريقي بل قد يمتد لدول أخرى مما سيصيب فكرة الإتحاد الخليجي في مقتل خاصة أنه لا سبيل لتقارب تلك الرؤى بين دول الخليج العربي على المدى القريب أو المتوسط على الأقل.
-         ورقة تم تقديمها إلى مركز مقديشو للبحوث والدراسات الإستراتيجية
-         تم تقديمها إلى المركز الأفريقي للدراسات
تم نشر المقال في الموقع الخاص للعلاقات الخليجية الافريقية على الرابط التالي :

د. أمينة العريمـي
باحثة إماراتية في الشأن الأفريقي
@gulf_afro



[1] - https://www.youtube.com/watch?v=dL1zbMR1-uU