الخميس، 29 يونيو 2017



أزمة خليجية في شرق أفريقيا (الجزء الأول)
من مؤتمر القادة الأفارقة في شرق أفريقيا، من اليمين الباحث والمتخصص في السياسة الأمنية الأفريقية الدكتور تقاي، وفي الوسط الباحثة الإماراتية في الشأن الأفريقي الدكتورة أمينة العريمي، ومن اليسار الإستاذة ناسرين المتخصصة في برنامج إعداد القادة






قضيتُ إجازتي كلها في أفريقيا، ورغم إرتباطي العملي إلا إنني مددتُ إجازتي وصمتُ رمضان كاملاً في ربوعها وقراها وبين أهلها، وحل علي عيد الفطر السعيد وأنا بين جموع أفريقية غفيرة إصطحبتني معها لصلاة العيد في مشهدٍ تمنيتُ وقتها أن يتوقف الزمن عند تلك اللحظة المُهيبة ليقنع الأرض قبل البشر أن قيمة الإسلام متجذرةٌ في أفريقيا وهيهات لمن يسعى لإقتلاعها.
منذُ شهر إبريل 2017 إلى اليوم زرتُ أكثر من ثلاث دول أفريقية والهدف من زيارتي هو التعرف على أفريقيا عن قُرب ومُعايشة أهلها إجتماعياً وثقافياً حتى يتسنى لي وضع البذور الأولى لمشروعٍ قضيتُ أرسم ملامحهُ لأكثر من ثماني سنوات وهو: " البدء بترسيخ العلاقات الخليجية الأفريقية" هذه العلاقات التي لا يهتم بها الذهن الأفريقي لقلة حيلته رغم عشقه لكل ما هو عربي، ويرفُضها الذهن الخليجي لقلة درايته وسلبيته تجاه كل ما هو أفريقي، وقبوله بها مؤخراً بعد أن أدرك أن أمنه القومي ومُستقبله السياسي وتطلعه الإقتصادي وتعايشهُ السلمي مُرتبطٌ بقبر تلك الصورة السلبية لأفريقيا وأهلها في مُخيلته والنظر إليها كمُكملٌ لوجوده الذي بات على المحك .
كنتُ وما زلتُ مؤمنةً أن المشاق والعقبات أمامي كثيرة وليس من السهولة بمكان التخلص منها ولو وجدتُ طريقة للتخلص منها ما فعلت لأنني موقنة بأن أي مشروع إن لم يرتكز على مبدأ صادق خالص له فلن ينجح أبداً وبالتالي لابد من المواجهة والتشمُر للصعاب وهذا ما تعلمته في البحث العلمي، وعندما أتحدث عن العلاقات الخليجية الأفريقية دائماً ما أتبنى المصالح الخليجية مُجتمعة بإعتبارها مصالح واحدة لوحدة سياسية واحدة يمكن أن نبني عليها إستراتيجيات مُستقبلية ستعود بالنفع على المجتمع الخليجي والأفريقي إلا إني أصطدمت بحالة خاصة جعلتني أراجع موقفي كله بعد أن زُج بأفريقيا ومُستقبل أهلها في أتون الأزمة الخليجية المُحتدمة هذه الأيام والتي أخشى أن تتحول من أزمة خليجية -خليجية إلى أزمة خليجية أفريقية راهنتُ الكثير أنها لن تتحقق.
لنبدأ بالصومال تلك الدولة الجريحة التي إستعصت على كل شىء إلاعلى نفسها، فبقدوم الرئيس محمد فرماجو إلى سدة الحكم في مقديشو تعلقت أمال الصوماليين جميعاً ونحن معهم بالرؤية الإستراتيجية المُستقبلية لصومال الغد والتي تبينت في أزمة الخليج الحالية، فالرئيس محمد فرماجو يُدرك بأن الأزمة الخليجية وما تلته من تصعيدات خطيرة هي شأن خليجي داخلي والزج ببلاده في أتونها ليس في صالح مُستقبلهُ السياسي ناهيك عن مُستقبل بلاده وبالتالي إلتزام الحياد هو سيد الموقف رغم إنقسام الشارع الصومالي ومُنظمات المجتمع المدني إلى معارض ومؤيد لذلك الحياد، أما أديس أبابا فموقفها لم يختلف عن موقف مقديشو، فأثيوبيا إلتزمت الحياد الحذر ودعت للحوار بين الأطراف، إلا إني أرجح أن موقف أثيوبيا من الأزمة الخليجية سيتغير بتغير الإستراتيجيات، وأعني هنا إسرائيل التي وجدت في الأزمة الخليجية فرصة ذهبية لإعلان التطبيع مع دول الخليج العربي بعد أن كان سرياً والتي ظهرت بوادره في قناة تلفزيونية إسرائيلية بتاريخ 13/1/2016 )[1](، أما جيبوتي فموقفها من الأزمة الخليجية كان مُتوقعاً بعد تطور العلاقات الإماراتية السعودية الجيبوتية مؤخراً والذي إمتد من التعاون الإقتصادي إلى التعاون الأمني والعسكري وبالتالي إتخاذ جيبوتي خطوة تخفيض التمثيل الدبلوماسي بينها وبين الدوحة تبدو طبيعية وإن لم تكن كذلك فسيكون ثمة جنون سيُصيب مُحللي الشؤون الأفريقية على مستوى العالم، أما أرتيريا فتبنت أيضاً موقف مُحايد ولكن حيادية أسمرة من الأزمة الخليجية أقرب لمُساندة الدوحة ودعم موقفها، ولا غرابة في ذلك فالعلاقات القطرية الأرتيرية تبدو مُختلفة عن سائر دول الخليج مُجتمعة، فالدوحة من الأطراف الإقليمية النادرة التي تحظى بثقة النظام الحاكم في أسمره في جميع المجالات وعلى رأسها نجاح الدوحة في قيادة دور الإصلاح بين الفرقاء الأرتيريين، ناهيك عن دعم دولة قطر للخطة التنموية الشاملة للحكومة الأرترتيرية منذ عام 2000 إلى اليوم.
بالرغم من إختلاف موقف جيبوتي وأرتيريا من الأزمة الخليجية إلا أنني أرى بأن هاتان الدولتان ما هما إلا تجسيداً ومثالاً حياً للعلاقات الصومالية الأثيوبية المتوترة، فقد كانت  الأولى جزءاً من الصومال ( جيبوتي / الصومال الفرنسي )، والأخرى ( أرتيريا) كانت جزءاً من أثيوبيا حتى عام 1993، إلا أن الدولتان الأم ( الصومال وأثيوبيا) وجدتا في تلك الدولتان المُستقلتان عنهما ضالتهما، فأثيوبيا وجيبوتي تجمعهما مصلحة "أمنية" في الصومال، فكلا الدولتان لا يرغبان برؤية  صومال موحد مُستقل مُستقر واعد قد ينهض ويُطالب مُجدداً بإحياء مشروعة الأزلي (الصومال الكبير)، فجيبوتي اليوم ليست الصومال الفرنسي القديم، وأثيوبيا لم تسمح منذ عقود بعودة إقليم أوجادين لأصله الأم (الصومال) وبالتالي لن تسمح بعودته اليوم وقد بات يُشكل أهم الأقاليم الأفريقية الواعدة في شرق أفريقيا بعد إكتشاف النفط والغاز فيه مؤخراً والذي سيُعزز مكانة أديس أبابا كإحدى أهم القوى في شرق أفريقيا، وبالتالي من المُرجح أن الضغوط الدبلوماسية من دول الخليج المُحاصرة لدولة قطر ستلعب دوراً في تغيير الموقف الصومالي والأثيوبي تجاه الأزمة الخليجية في حال إستمرارها وبما أن القاهرة طرف في تلك الأزمة فإن أديس ابابا ستعزل موقفها من الأزمة الخليجية وتعلنه في مقابل إستمرارها في التركيز على عدم التصالح مع المصالح المصرية المائية وستمضي قدماً في إفتتاح مشروع سد النهضة في يوليو القادم 2017، ومن ناحية أخرى ستستثمر دول الخليج المُحاصرة لدولة قطر في مكانة أثيوبيا السياسية وستدفعها لإستمالة بعض الدول الأفريقية القوية مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا التي إلتزمت الحياد تجاه الأزمة الخليجية وبعض القوى الصاعدة كروندا للإنضمام إليهم، ومن ناحية أخرى قد تتعاون دول الخليج المُحاصرة لدولة قطر في عرقلة الإتفاقيات الإقتصادية التي أبرمتها الدوحة في إبريل الماضي من العام الحالي مع عدد من دول شرق أفريقيا وذلك بتعويض تلك الدول بما تنص عليه الشروط الجزائية في تلك الإتفاقيات، إلا أن ما يُعيق هذا التوجه هو التواجد التركي القوي في دول القرن الأفريقي الداعم للدوحة، أضف إلى ذلك رؤية تلك الدول الأفريقية لأزمة الخليج الحالية على أنها أزمة غامضة تعتريها الكثيرمن الشكوك هذا فضلاً عن كونها شأن خليجي داخلي يمكن أن يُحل بالحوار.
إختلاف مواقف دول القرن الأفريقي في الأزمة الخليجية أرى بأنه سيولد وضعاً جديداً وسينتقل الصراع من خليجي خليجي إلى خليجي أفريقي وهذا ما ِأشرت إليه في دراسة علمية سابقة نشرت في مركز مقديشو للبحوث والدراسات الإستراتيجية في مارس من العام الحالي، فأخشى أن تتحول دول القرن الأفريقي إلى ساحة تصفية حسابات بين دول الخليج العربي في ظل تباين الرؤى السياسية لكل دولة خليجية، والدور المُستقبلي الذي تُريده كل دولة خليجية لنفسها وبمعزل عن الأخرى، وإختلاف رؤية كل دولة خليجية للتنظيمات السياسية مثل" الأخوان المسلمين"، كل ذلك سيقود إلى التنافس" الغيرصحي" بين دول الخليج، والخشية أن يصل إلى "التأمر التدميري" على ضرب مصالح بعضهم البعض ليس فقط في القرن الأفريقي بل قد يمتد لدول أخرى مما سيصيب فكرة الإتحاد الخليجي في مقتل خاصة أنه لا سبيل لتقارب تلك الرؤى بين دول الخليج العربي على المدى القريب أو المتوسط على الأقل.
-         ورقة تم تقديمها إلى مركز مقديشو للبحوث والدراسات الإستراتيجية
-         تم تقديمها إلى المركز الأفريقي للدراسات
تم نشر المقال في الموقع الخاص للعلاقات الخليجية الافريقية على الرابط التالي :

د. أمينة العريمـي
باحثة إماراتية في الشأن الأفريقي
@gulf_afro



[1] - https://www.youtube.com/watch?v=dL1zbMR1-uU

الأربعاء، 14 يونيو 2017


جنوب السودان من وهم الرعب إلى حقيقة الدولة

لقائي مع وزير المالية السابق ووزير التربية والتعليم في العاصمة الجنوبية جوبا وحديث حول أهم المنظمات الخليجية العاملة في الجنوب 
تبدو قضية دولة جنوب السودان "الوليدة" ليست كغيرها من القضايا الشائكة التي أُبتليت بها القارة الافريقية، فرغم زيارتي المُتكررة لعدد من الأقاليم الأفريقية التي تتطلع للإستقلال والإنفصال عن البلد الأم مثل: إقليم كازامانس في السنغال، وإقليم كيفو في الكونغو كينشاسا، وإقليم بيافرا في نيجيريا، إلا أن الإقليم السوداني "الجنوبي" هو الملف الأول الذي وضعت يدي عليه ومن خلاله أدركت قضية ذلك الإقليم تاريخاً، وفكراً، وثقافةُ، وسياسة، وشعباً.

لم أشهد تلك البشاعة والرُعب التي وصم بها الإقليم "الجنوبي" وأهله بل بالعكس كل شي في الجنوب كان يجذُبني ويشُدني للبقاء، فتلاشت من مُخيلتي جميع الصور، والمُفردات، والأسئلة التي كنت قد أحضرتها معي لفهم قضية جنوب السودان من أهله بعد أن وجدت أن الإجابة لكل ما أتيتُ من أجله تُلزمنا جميعاً بإحترام الأرواح التي أُزهقت لتحقيق العدالة المنشودة والتي يراها مُدلسي التاريخ وبائعي الضمائر تعدياً على الأوطانً،،،

لقاءاً مصور سيُبث قريباً على قناة العلاقات الخليجية الافريقية  في اليوتيوب / Afro Gulf Relations


د.أمينة العريمي
باحثة سياسية إماراتية في الشأن الافريقي

السبت، 29 أبريل 2017

من الرياض إلى جيبوتي ومن أبوظبي إلى الصومال


من يقرأ التاريخ الصومالي- الجيبوتي سيُدرك أنه تاريخ واحد ولكن لسوء حظه أنه ترعرع في بيئة مُتناحرة رغم ولادته في بيئة سمحاء قادت ذات يوم أطول الحروب مُقاومةً للإستعمارعلى مدار التاريخ بقيادة الزعيم  محمد عبد الله حسان ( مؤسس الدولة الدرويشية )، فمن إمبراطورية "عجوران" التي حكمت المنطقة من القرن الرابع عشر حتى السابع عشر مروراً بسلطنة "إيفات" إلى سطنة "عدل" 1529 إلى حكم أسرة "جوبورون" 1848 إلى مؤتمر برلين 1884 وبداية الإستعمار الأوروبي لأفريقيا إلى "محمود فرح الحربي" (رئيس الوزراء ونائب رئيس مجلس حكم جيبوتي) إلى الرئيس الراحل "حسن جوليد أبتيدون" ( أول رئيس لجمهورية جيبوتي عام 1977) ، نجد أن معظم الخليجيين وللأسف لم يتعرفوا على مثل هذا التاريخ العريق الذي سيجدونه لو قرأؤه مُمتداً إليهم بطريقة أو بأخرى، فلم تشهد الصومال وجيبوتي منذ إستقلالهما من الإستعمار البريطاني والفرنسي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي حراكاً خليجياً كالذي تشهده هذه الأيام، ولقد أِشرنا في دراسات سابقه مُتخصصة في العلاقات الخليجية الأفريقية بأنه حراكاً (غير مسبوق)، وتبدو الرياض وأبوظبي هما الأكثر حضوراً في منطقة القرن الأفريقي عن قريناتهم الخليجيات.
ما كاد المُنتدى الإقتصادي السعودي الجيبوتي أن يختم توصياته النهائية في العاصمة جيبوتي في 13/4/2017 حتى جاء الإجتماع الوزاري لوزير الدفاع الجيبوتي ونظيره السعودي في العاصمة السعودية الرياض بتاريخ 23/4/2017 والذي جاء مُعززاً وداعماً للتقارب السعودي الجيبوتي الذي يبدو الأبرز في منطقة القرن الأفريقي، ويرى المُتابع للعلاقات الخليجية الأفريقية أن العلاقات السعودية الجيبوتية تبدو الأكثر نشاطاً عن قريناتها الخليجيات ويرجع ذلك برأيي إلى إدراك الرياض لقواعد اللعبة السياسية في القرن الأفريقي، وعليه سيكون أمام المملكة العربية السعودية إما الإعتماد على نفسها لتثبيت إستراتيجيتها الأمنية التي خرجت لأجلها عاصفة الحزم ولابد من حسمها لصالحها، وإما أن تقبل بإستمرار إستراتيجية الردع المتبادل بينها وبين إيران ويبدو أن إستمرار تلك الإستراتيجية ليس في صالح القوات المُتحالفة التي بدأت عملياتها في جنوب الجزيرة العربية منذ عام 2015 حتى وإن كانت هناك أطراف دوليه (واشنطن) ترغب بإستمرار تلك السيرورة ، فعدم حسم المعارك العسكرية في جنوب الجزيرة العربية جاء متوافقاً مع الرؤية الأمريكية التي ترى بأن إنتهاء المعارك في اليمن ليس في صالحها، بل إستمرار إستنزاف قوات التحالف العربية بقيادة الرياض من جانب وإستنزاف قوة الميلشيات الحوثية المدعومة إيرانياً من جانب أخر يأتي في صالحها ، وليس هناك وقت أفضل من هذا الوقت لعودة واشنطن إلى البوابة الرئيسية لشرق أفريقيا (الصومال ) ومنها إلى دول القرن الأفريقي وتعزيز التواجد فيها وهذا ما أكدته زيارة وزير الدفاع الأمريكي لجيبوتي بتاريخ 23/4/2017 ، فواشنطن تريد تحجيم النفوذ الصيني في جيبوتي الذي يمتلك أكبر قاعدة عسكرية هناك، وتحجيم النفوذ الصيني بالطبع لن يقتصرعلى جيبوتي فقط بل يمكن قياسه على عموم القارة الأفريقية التي بات النفوذ الصيني فيها أكثر قوة من ذي قبل، أضف إلى ذلك تعاون واشنطن ودول الإتحاد الأوروبي وعلى رأسهم (باريس) في مُحاصرة النشاط التركي في القرن الافريقي وغرب أفريقيا خشية من أن يُمهد مُصالحة بين المصالح الخليجية والتركية في أفريقيا تمهيداً لفتح باب خليجي عربي تركي في أفريقيا ظل مُغلقاً في وجه الأخوة الأفارقة لعقود.
أما في جمهورية الصومال فيؤسفني أنه بتاريخ 19/4/2017 تعرضت قافلة الهلال الأحمر الإماراتي لهجوم إرهابي في العاصمة الصومالية مقديشو وكان قد سبقه تعرض موكب السفير الإماراتي في الصومال لهجوم مماثل، وتوالي هذه الهجمات أرى بأنها تحمل دلالات فقد تكون مؤشراً لرفض جزء من النخبة الصومالية لوجود قاعدة إماراتية في الإقليم الشبه مستقل عن الصومال المركزي (صوملاند) ، خاصة أن المجالس العامة في هرجيسيا إنقسمت بين مؤيدٍ ومُعارض للقاعدة الإماراتية، أضف إلى ذلك أن تدشين المشاريع الإستثمارية الإماراتية في الأقاليم شبه المُستقلة مثل السد المائي في صومالاند، ودعم البنى التحتية في بونتلاند قد تبدو للشارع الصومالي مُؤشراً على الدعم الخفي لإستقلال تلك الأقاليم مما سيُعزز من مطالبتها بالإعتراف الدولي وبشكل أقوى مما مضى .
ما أريد إيصاله للمواطن الصومالي وحكومته أن دولة الإمارات العربية المتحدة لم تسعى ولن تكون شريكة في دعم إنفصال الأقاليم الصومالية وإنما تُشارك دولة الإمارات في دعم الأقاليم شبه المُستقله وفي دعم الحكومة المركزية في مقديشو في أن واحد، ويرجع ذلك إلى خبرة دولة الإمارات في المجال الفيدرالي التي تأسست عليه منذ قيام الدولة 1971 ، أضف إلى ذلك رعاية دولة الإمارات لميثاق دبي للمصالحة الصومالية عام 2012 الذي إجتمعت فيه الأطراف الصومالية لأول مرة بعد 21 عاماً من الخلافات .
أرى بأن الصومال اليوم قد يكون أمام تحدى "تقسيمه" للمرة الثانية من القوى الدولية وسيكون ذلك التحدي الأكبر للدولة مُنذ عام 1991، ويبدو أن الرموز الوطنية المُخلصة لأوطانها أمثال الرئيسي الصومالي (محمد عبدالله فرماجو) دائماً ما تكون على وعد بهكذا تحديات والتي أثبت أنه مستعد لها بعد إقالته لرئيس جهاز المخابرات الصومالي اللواء عبد الله غافو، وإعفاء القائد العام لقوات الشرطة محمد شيخ حامد، وبالتالي سيكون على كاهل الرئيس (محمد فرماجو) تنفيذ إستراتيجتيه الوطنية الصادقة التي طالما دفع ثمنها وأنتصر، بدليل أن الشعب الصومالي وبجميع أطيافه لم يجتمع حول رئيس صومالي سابق مثلما إجتمع حول الرئيس (محمد عبد الله فرماجو) الذي فاز بالإنتخابات الرئاسية الصومالية الأخيرة في فبراير 2017 في مشهد تطلعت له شعوب القرن الأفريقي بكثير من التفاءل.
وأمام كل ذلك أرى بأننا أمام سيناريوهان لا ثالث لهما :
1-   السيناريو الأول : قد يتعزز التنسيق الأمني الإستخباراتي الخليجي الأمريكي في القرن الافريقي في مقابل إستمرار الدعم السعودي للقاهره والذي يبدو أنه تحقق بعد زيارة الرئيس المصري للرياض في إبريل من هذا العام ، ولكن يبقى السؤال هنا ما هو المستوى الذي سيصل إليه التنسيق الأمني والإستخباراتي الأمريكي الخليجي في القرن الافريقي؟ هل سيكون بالمستوى الذي تتطلع إليه الرياض وأبوظبي خاصة أن واشنطن وإن تعاونت مع القوات المُتحالفة في جنوب الجزيرة العربية وفي القرن الافريقي إلا أن تعاونها سيأتي بشكل محدود ومرسوم ووفقاً لما تراه في صالحها والذي سيفضي بالطبع لمزيد من خلط الأوراق في تلك المنطقة المُشتعلة.
2-   السيناريو الثاني : من المرجح أن تتعاون واشنطن مع باريس في منطقة القرن الأفريقي لمحاصرة النفوذ الصيني والتركي ولمنع تقارب المصالح الخليجية التركية خاصة أن القوى الدولية (واشنطن) والقوى الإقليمية (إيران، تركيا) تُدرك أن إختلاف الرؤي السياسية بين دول الخليج العربي هو السبب الأول في إستمرار العمليات العسكرية في جنوب الجزيرة العربيه، وهو أيضاً السبب الأول لهذا الحراك الخليجي الغير مسبوق في القرن الافريقي وعليه يتم التعامل ورسم الإستراتيجيات.
التوصيات
·       تشكيل لجان علمية مُتخصصة لتعزيز العلاقات الخليجية الأفريقية وهذه اللجان تكون مُرتبطة بوزارات الثقافة والخارجية للجانبين الخليجي والأفريقي، مُهمتها العمل على تعزيز هذه العلاقات بإقامة ورش عمل ومؤتمرات علمية مٌشتركة يتم فيها مُناقشة كافة القضايا السياسية والإجتماعية والثقافية المُشتركة بين الجانبين.
·       توحيد الرؤى السياسية والأمنية بين دول الخليج العربي، والعمل على تنفيذ فكرة الإتحاد الخليجي "الكونفدرالي"، والعمل على إنجاح ما جاء في إجتماع وزراء الداخلية والدفاع والخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي الذي أُنعقد في الرياض قبل أيام.
·       دعم الرياض في خطوة المنتدى الجيبوتي السعودي والعمل على تكرار مثل تلك المنتديات في الدول الأفريقية الأخرى.
·       تأسيس معاهد ومراكز خاصة بالدراسات الأفريقية في دول مجلس التعاون الخليجي لتقريب وجهات النظر والعمل على قراءة أفريقيا بشكل مُستقبلي .
·       دعم الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو في تنفيذ إستراتيجيته الوطنية لعودة الصومال لمصاف الدول.
·       العمل على إنجاح مشروع جسر اليمن – جيبوتي الذي سيُعزز التبادل التجاري بين دول القرن الافريقي ودول الخليج العربي.
·       دعم اللغة العربية في القارة الأفريقية بإقامة الجامعات والمدارس العربية المجانية والمراكز البحثية الداعمة للغة العربية في الدول الأفريقية، وتطوير البنى التحتية للدول الأفريقية، ورفع دخل المواطن الأفريقي بدعم المشاريع الصغيرة في أفريقيا خاصة أن أفريقيا تزخر بأصحاب الكفاءات العلمية.

-.مقال مقدم للمركز الأفريقي للدراسات قُدم كورقة مشاركة بحثية في منتدى القضايا الأفريقية بتاريخ 25/4/2017
-.نشر المقال في مركز مقديشو للبحوث والدراسات الإستراتيجية على الرابط التالي :
http://cutt.us/Ix45J

-تم نشر المقال في دولة الإمارات العربية المتحدة على الرابط التالي :
http://www.alfajr-news.net/details/اصداء-افريقية..-من-الرياض-إلى-جيبوتي-ومن-أبوظبي-إلى-الصومال

-.تم نشر المقال في موقع العلاقات الخليجية الأفريقية على الرابط التالي:-

د.أمينـــة العــريمــــي
باحثــة سيـاسيــة إمـاراتيــة فـي الشـأن الأفـريقـي
gulf_afro

الأربعاء، 22 مارس 2017



"الحسابات الخليجية في القرن الأفريقي"

( ضمن سلسة دراسات علمية مُتخصصة في العلاقات الخليجية الأفريقية / الجزء الأول )

خريطة لدول القرن الأفريقي
تُدرك دول مجلس التعاون الخليجي أن حضورها الإقتصادي في أفريقيا عامة وفي دول القرن الأفريقي خاصة يتفوق على حضورها السياسي، ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل أهمها:عدم الإستقرار السياسي لبعض الدول الأفريقية، وبروز الصورة  السلبية والمغلوطة والغيرعادلة في الذهن الخليجي عن الدول الأفريقية مما أعاق العمل السياسي الخليجي في الساحة الأفريقية، فالسياسة الخليجية وإن كانت قد نجحت إلى حد ما في تدشين بعض المشاريع الإستثمارية في دول القرن الأفريقي والتي ساعدت في إنعاش جزئي لتلك الدول إقتصادياً، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي لم توظف تلك الإستثمارات بما يخدم مصالحها السياسية إلا بعد أن وجدت نفسها على خط المواجهة العسكرية مع طهران في جنوب الجزيرة العربية.
 بالرغم من إختلاف الرؤى السياسية بين دول مجلس التعاون الخليجي إلا أن عاصفة الحزم فرضت عليها ضرورة العمل والتنسيق ككيان واحد لحماية أمنها القومي الذي بات على المحك، ويبقى السؤال هنا هل ستستمر دول الخليج العربي في القرن الأفريقي تعمل ككيان واحد؟ خاصة أن هناك دول عربية تعول على الدور الخليجي في القرن الأفريقي لدعم ملفها الأمني ( المملكة المغربية وقضية الصحراء الغربية)، ودول عربية تنظر بعين القلق من التواجد الخليجي في القرن الأفريقي (القاهره).
يتباين الحديث عن العلاقات الخليجية الأفريقية بشكل عام والعلاقات الخليجية مع دول القرن الأفريقي (أثيوبيا، الصومال، جيبوتي، أريتيريا) بشكل خاص، دول القرن الأفريقي التي كانت وستظل الركيزه الأولى للتوجه الإستراتيجي الخليجي المُستقبلي نحو القارة الأفريقية برمتها، والإمتداد الفعلي للأمن القومي الخليجي الذي بات يؤرقه إختلاف الرؤى السياسية بين أعضائه ، وتطَلع بعض القوى الإقليمية لممارسة أدواراً تستهدف الأرض والإنسان والأمن في دول مجلس التعاون الخليجي، وقلق القيادات السياسية الخليجية من التنظيمات الإرهابية التي تحاول أن تجد لنفسها موطىء قدم في الخليج العربي، فإختلاف الرؤى السياسية بين دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية وبعض القوى الإقليمية قد يحول دول القرن الافريقي لساحة تصفية حسابات لن يُسلم منها أحد، وبالتالي على دول الخليج العربي توحيد رؤاها والعمل ككيان واحد، والإستعداد للمرحلة القادمة، والإستثمار في العلاقات الخليجية الافريقية التي ما برحت أن تتوجه لمسارها الصحيح إلا وأعادتها رياح التنافر إلى ما لا نرغب أن نراها فيه.
أهم الإتفاقيات المبرمة بين دول الخليج العربي و دول القرن الأفريقي
-.المملكة العربية السعودية: بعد إنضمام الرياض لمنظمة التجارة العالمية في 2005 أصبح الإقتصاد السعودي أكثر إندماجاً في الإقتصاد العالمي، وتعتبر أثيوبيا من أهم الدول التي تنصح الرياض مواطنيها بالإستثمار فيها لكونها سوق أفريقي يشهد نمواً مُتزايداً، ففي مايو 2016 تم توقيع إتفاقية تجارية بين أثيوبيا والسعودية لتوسيع قاعدة التعاون والإستثمار وداعمةً لإتفاقية تجنب الإزدواج الضريبي والتي تم توقيعها في 2014،والهادفة إلى حماية الإستثمارات لكلا الطرفين، وفي نوفمبر 2016 تم توقيع إتفاقيات لم يتم الإعلان عن طبيعتها بقيمة 160 مليون دولار، كما وقع الطرفان على تشكيل مجموعة لجان مثل: لجنة التعاون الخارجي والأمني، لجنة التعاون العلمي والثقافي، واللجنة الإقتصادية، وقدم الصندوق السعودي للتنمية تمويلات لدعم التنمية في الأقاليم الأثيوبية النائية، وتشير وزارة التجارة الأثيوبية أنه منذ عام 2008/2009 إلى 2015/2016 حصل أكثر من 305 مستثمر سعودي على رخص إستثمارية أثيوبية في جميع المجالات، عزز ذلك عدد الشركات السعودية المُسجلة والذي تجاوز69 شركة سعودية، والتي وفرت فرص وظيفية للأثيوبيين برأس مال يتجاوز 369 مليون دولار، كما أن المشروعات الإستثمارية السعودية في أثيوبيا تجاوزت 303 مشروع وتعتبر مصدراً للأمن الغذائي السعودي، وأكد تقرير"دليل الإستثمارفي أثيوبيا" الصادر من الحكومة الأثيوبية أن اللجنة السعودية الأثيوبية المُشتركة إتفقت في ديسمبر 2016 على إنشاء شبكة للتعاون في مجال الطاقة، وكانت تلك اللجنه قد وقعت في وقت سابق على 16 إتفاقية ويتم بموجبها زراعة (1.713.357 هكتار)، خاصة أن الإستثمارات الزراعية السعودية تمثل 30% من مجموع الإستثمارات السعودية المتنوعة في أثيوبيا ، جاءت بعد ذلك زيارة الوفد السعودي لأثيوبيا وزيارة سد النهضة في ديسمبر2016 الذي إعتبرته القاهره تحولاً خطيراً في العلاقات السعودية المصرية، أما في دولة جيبوتي فلقد إتفقت الرياض وجيبوتي على إنطلاق المنتدى الإقتصادي السعودي الجيبوتي في مارس 2017، والذي جاء بعد أن قررت اللجنة السعودية الجيبوتية المُشتركة على تنفيذ 17 مشروعاً تنموياً في جيبوتي، كما وقع الطرفان إتفاقية التعاون الأمني المشترك في إبريل 2016 ترعاها لجنة عسكرية سعودية جيبوتية مُشتركة خاصة بالتنسيق العسكري بين البلدين، خاصة أن الرياض تدعم الرقابة والتفتيش التي تقوم به قوات خفر الحدود والسواحل الجيبوتية، وتأتي تلك الخطوات بعد الإعلان عن تشكيل لجنة عسكرية خاصة بتدشين القاعدة السعودية البحرية في جيبوتي، أما في الصومال فقد وقعت الرياض في مارس 2016 مُذكرة تفاهم بين سلطتي الطيران المدني في الرياض ومقديشو على أن يكون التشغيل بين الدولتين من وإلى أربعة نقاط دولية يتم تحديدها لاحقاً بين السلطتين، كما قدم الصندوق السعودي للتنمية (20) مليون دولاردعماً للموازنة الصومالية، و(30) مليون دولار كإستثمارات سعودية في الصومال، وساهمت الرياض في إرتفاع الصادرات الصومالية في أعقاب خطوة لرفع حظر دام تسع سنوات على إستيراد الماشية من الصومال، خاصة أن الثروة الحيوانية تعتبر الدعامة الأساسية للإقتصاد الصومالي، وبعد تسرب تقرير منظمة "أبحاث التسلح في النزاعات" الذي أكد على أن هناك عمليات سرية تشرف عليها طهران مُهمتها نقل الأسلحة إلى الحوثيين عن طريق الصومال أعلنت مقديشو تعاونها الكامل مع قوات التحالف للتصدي لتلك العمليات مما عزز التعاون الأمني الصومالي الخليجي، أما العلاقات الأرتيرية السعودية فتعززت بعد الإتفاق الأمني التي أبرمته الرياض مع أسمره عام 2015 لمُحاربة الإرهاب والقرصنة في البحر الأحمربعد ظهور ما يسمى بالحرس الثوري "الأفريقي" التابع للحرس الثوري الإيراني الداعم لميلشيات الحوثي، كما وافقت دول الخليج مُجتمعه على تقديم حزمةٍ من المساعدات المالية وتعهّدت بتحديث مطار أسمرة الدولي، وإنشاء بنيةٍ تحتية جديدة، وزيادة إمدادات الوقود إلى إريتريا.
-.دولة الإمارات العربية المُتحدة: في أكتوبر 2016 وقعت غرفة تجارة وصناعة دبي نيابة عن مجموعة س.س لوتاه الدولية/S.S Lootha Trading إتفاقية مع بنك أوروميا الدولي بقيمة 184 مليون درهم لدعم قطاع الزراعة والماشية ومُنتجاتهما الصالحة للتصدير، ولأهمية سوق شرق أفريقيا حرصت غرفة تجارة وصناعة دبي على إفتتاح أول مكاتبها التمثيلية في أفريقيا عام 2013، ووصلت قيمة التبادل التجاري غير النفطي إلى 788 مليون درهم لعامي2014/2015، كما إتفقت أديس أبابا وأبوظبي على تعزيز دور القطاع الخاص في دعم حركة التجارة والإستثمار بين البلدين، وبناء عليه تم توقيع إتفاقية منع الإزدواج الضريبي لحماية وتشجيع الإستثمار، وتعمل الحكومة الأثيوبية حالياً على إنشاء أربع مناطق صناعية متخصصة وهي (ديرداوا، أواسا،كومبولتشا، أديس ابابا) ، وإستعانت بخبرة الإمارات لتطوير تلك المناطق الصناعية، ومن جانب أخر أكدت شركة (Systems Saasur Solar) العاملة في مجال الطاقة الشمسية بدولة الإمارت أنها وجدت فُرص إستثمارية في أثيوبيا وذلك بعد إنشاء أديس أبابا مشاريع كبرى لإنتاج الطاقة الكهرومائية من خلال إقامة السدود، وعرضت الشركة على أثيوبيا إنتاج الكهرباء الرخيصة عبر إستخدام الطاقة الشمسية على أن يكون التصميم الهندسي لمصانعها في الإمارات ويتم بعد ذلك تركيبها في المناطق التي يتفق عليها الطرفان، أما العلاقات الإماراتية الجيبوتية، فدولة الإمارات تُعتبر المُستثمر الأكبر في جيبوتي، فقد منح صندوق أبوظبي للتنمية جيبوتي (50) مليون دولاركمنحة لمدة خمس سنوات لتمويل المشاريع التنموية في فبراير2015، كما تم التوقيع على الإتفاقية المُشتركة للتعاون الأمني والعسكري، إلا أن العلاقات بين أبوظبي وجيبوتي شهدت تدهوراً وصل لإغلاق القنصلية الإماراتية في جيبوتي، وإيقاف رحلات فلاي دبي إلى جيبوتي، وذلك بسبب الخلاف على سيرعمل شركة موانىء دبي العالمية في (دورالية جيبوتي) التي تُعد أكثر المحطات التقنية تقدماً على الساحل الشرقي لأفريقيا، علماً بأن شركة موانىء دبي العالمية تعمل في جيبوتي منذ 14 عاماً، إلا أن العلاقات بين الطرفين سرعان ما عادت لسابق عهدها وفتحت القنصلية الإمارتية في جيبوتي أبوابها في يناير 2016 إعلاناً بحل الخلاف بين الطرفين، أما العلاقات الإماراتية الصومالية بدأت في عام 1978 عندما دعمت أبوظبي مشروع (بربرة-برعو)، و (سكر جوبا) عام 1977، وفي عام 2012 نفذت الإمارات مشروع إنشاء السدود، وقادت أبوظبي مُبادرة المصالحة بين الأطراف الصومالية والتي تمثل بــــ (ميثاق دبي 2012)، الذي يُعد الإتفاق الأول من نوعه بين الحكومة الصومالية وحكومة أرض الصومال منذ أكثر من 21 عاماً ، أما اليوم فالعلاقات الصومالية الإماراتية أكثر إنفتاحاً، وأكدت صحيفة The Wall Street Journal في سبتمبر2016 حصول الإمارات على عقد لإدارة أهم موانىء القرن الأفريقي (ميناء بربرة) في إقليم أرض الصومال لمدة ثلاثون عاماً، نأتي أخيراً للعلاقات الإماراتية الأريتيرية التي بدأت بعد إعلان إستقلال أسمره 1993، ففي عام 1995 دعم صندوق أبوظبي للتنمية مشروع التوليد والنقل الكهربائي في أرتيريا، ودعم مشاريع البنية التحتية عام 2009، كما دعمت أبوظبي ميزان المدفوعات عام 2012، ومؤخراً حصلت دولة الإمارات على عقد إيجار في ميناء عصب كجزءٍ من إتفاقية الشراكة المُبرمة، لغرض إقامة قاعدةٍ عسكرية إماراتية.
-.دولـــة قطــــر:  شهدت العلاقات القطرية الأثيوبية تدهوراً عام 2008 ووصلت إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية بسبب إتهام أديس أبابا للدوحة بأنها مصدر أساسي لزعزعة الأمن في القرن الإفريقي بدعمها لإريتيريا، وذلك عندما سعت الدوحة في 2008 لحل الخلاف الحدودي بين جيبوتي وإرتيريا على منطقة "رأس دميرة"، ومما سهل مهمة الدوحة هو وجود قوات عسكرية قطرية على حدود الدولتين تم نشرها في إطار الوساطة لحل النزاع،  إلا أن الدوحه نجحت في التوصل الى إتفاقية سلام بين الطرفين تم توقيعها في الدوحة عام 2010، كما نجحت الدوحة في إقناع أسمره بالإفراج عن أربعة أسرى جييوتيين كانوا مُعتقلين في أرتييريا منذُ ثماني سنوات، وإستردت العلاقات القطرية الأثيوبية عافيتها وبدأت الإستثمارات القطرية تتضاعف في أثيوبيا، خاصة أن الدوحة تسعي لتوسيع إستثماراتها في القارة الافريقية يساعدها في ذلك صندوقها السيادي الذي يتجاوز200 مليار دولار، وفي فبراير 2016 إجتمعت اللجنة الفنية القطرية الأثيوبية المُشتركة في أديس أبابا لتنفيذ الإتفاقيات المُوقعه بين البلدين وسُبل تعزيزها، وفي يوليو 2016 تدخلت الدوحة دبلوماسياً لحل الأزمة الأرتيرية الأثيوبية والتي أُتهمت فيها أديس أبابا أسمره بدعم المُعارضة الأثيوبية، وأكدت الدوحة على دعمها الكامل لأثيوبيا في الأمم المتحدة للحصول على مقعد غير دائم بمجلس الأمن  الدولي في يناير2017 والتي حازت عليه مؤخراً، أما إقتصادياً فقد أطلقت الدوحة أربعة مشاريع إستثمارية في أثيوبيا بلغت قيمتها 500 مليون دولار لبناء مركز لمكافحة الملاريا ومصانع للأسمنت والسكر، وفي عام 2016 أعلنت مجموعة (إزدان القطرية القابضة/Ezdan Holding Group) عن مشروع إستثماري في قلب العاصمة الأثيوبية ، ومن جانب أخر قامت مُنظمة الدعوة الاسلامية التابعه للحكومة القطرية بإستصلاح أراضي زراعية في أثيوبيا مساحتها (500) هكتار في منطقة بيرعانو وهذه المشاريع الإنتاحية ستحول المواطن الأثيوبي من مُتلقي للإعانة إلى مُنتج وفاعل في المُجتمع، فالمُنظمة تخطط لتنفيذ المزيد من المشاريع الإنتاجية لإحداث تغير إيجابي في المجتمع الأثيوبي بإتجاه التنمية الشاملة، ولا ننسى مؤسسة الشيخ ثاني بن عبدالله للخدمات الإنسانية "راف" التي نفذت عدة مشاريع تنموية في منطقة دريدوا بإقليم أوروميا ذو الغالبية المسلمة، أما العلاقات الصومالية القطرية فتتلخص في إبرام الدوحة إتفاقية مع جمهورية الصومال لتنظيم إستقدام العمالة الصومالية المُتعلمة للعمل في دولة قطر، أضف إلى ذلك وجود لجنه قطرية صومالية تم تشكيلها مؤخراً لدعم الصحه والتعليم في الصومال، أما العلاقات القطرية الجيبوتية فأخذت منحاً تطورياً في يناير2016 عندما إفتتحت مُنظمة قطر الخيرية مكتباً فرعياً في جيبوتي، ودشنت مشروع "قرية دوحة الخير" في منطقة "ديمير جوج" في إقليم عرتا الجيبوتي، الذي ضم منازل سكنية ومستشفيات ومدارس وشبكات للمياه وتوفير وسائل المواصلات مما ساهم في تطويرالتنمية المجتمعية، كما إتفق الطرفان على تنفيذ المشاريع المستقبلية بقيمة مبدئية (20) مليون ريال قطري، أما العلاقات الأرتيرية القطرية فبدأت منذ الستينات، فقطر كانت من أوئل الدول الداعمة للقضية الوطنية الأرتيرية وأول من تبادل التمثيل الدبلوماسي معها بعد الإستقلال، وتعززت العلاقات بين الطرفين بعد تراجع التمويل الغربي للتنمية الأرتيرية بسبب رفض النظام للإصلاحات السياسية، وتعهدت الدوحة بدعم المشاريع التنموية في إطار ما أطلق عليه حينها "الخطة التنموية الشاملة للحكومة الأرتيرية"، وأعتبرت الدوحة أهم شريك إقتصادي لأريتيريا، فشركة الديار العقارية القطرية تعمل في أريتيريا منذ عام 2010 وقامت بتدشين مشروع "منتجع دهلك"، ودعمت قطر مشروع تأسيس الفضائية الأرتييرية، كما سعت الدوحة دبلوماسياً لعودة العلاقات السودانية الأرتيرية بعد توقيع إتفاقية الدوحة 1999 ودعمت عجلة التنمية في المناطق الحدودية بين السودان وأرتيريا بمبلغ 600 مليون دولار.
-.دولــة الكــــويت: دشنت دولة الكويت ومن خلال صندوق الكويت للتنمية  ثلاثة مشاريع رئيسية في أثيوبيا بقيمة 203.000.000 مليون دولار، مثل: مشروع تأهيل الطريق التكلفة Nekemte-  بتكلفة 64 مليون دولار أمريكي، ومشروع طريق ديسي-كوتابر-تقاطع تناتا   Kutaber Tenta  بقيمة 84 مليون دولار أمريكي، وفي عام 2015 إنطلق مشروع أكسوم لإمدادات المياه بقيمة 55 مليون دولار أمريكي، وفي الصومال دشنت الكويت مشاريع إستثمارية كان أهمها مشروع زيادة الطاقة الكهربائية في مقديشو وضواحيها، وفي جيبوتي أصبح الصندوق الكويتي للتنمية مساهماً فاعلاً في تطويرالإقتصاد والبنى التحتية في جيبوتي، ففي الفترة بين 2004 وحتى 2016 وقعت دولة الكويت مع جيبوتي 14 اتفاقية بلغت (78.3 مليون دينار كويتي)، كان أهمها تدشين طريق تاجورا-أبوخ، وطريق تاجورا – بلحو، الذي عُرف اليوم بإسم طريق "الشيخ صباح الأحمد الصباح"، وفي عام 2016 تم البدء بمشروع يهدف إلى ربط  جيبوتي بالمناطق الشمالية من إثيوبيا مما ينشط حركة التجارة البينية.
-.مملكة البحرين: في عام 2014 أفتتح في الصومال وبتمويل من المؤسسة الخيرية الملكية مستشفى مملكة البحرين الوطني التخصصي لتحسين الخدمات الطبية، ومجمع مملكة البحرين التعليمي لدعم التعليم في الصومال والذي يشمل جامعة الصومال الوطنية بجميع الكليات العلمية، بالإضافة إلى معهد العلوم المالية والمصرفية،ومركز البحرين لطب وجراحة العيون، كما شاركت الصومال بوفد رسمي يترأسه وزير المالية الصومالي محمد إبراهيم فرغيتي في مؤتمر المالية للدول العربية الذي أقيم في المنامة في إبريل 2016، أما في دولة جيبوتي دشنت المنامة مشروع (قرية البحرين التنموية) في ديسمبر2015،وذلك إنطلاقاً لدعم التنمية المجتمعية في جيبوتي، أما في أسمره وتعزيزاً للعلاقات البحرينية الأرتيرية زار وفداً أرتيرياً مملكة البحرين للإطلاع على النموذج البحريني في ريادة الأعمال والمؤسسات المالية وذلك ضمن دورة ريادة الأعمال التي تديرها منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO).
-.سلطــــنة عُمــــان: شهدت العاصمة الأثيوبية أديس أبابا في أبريل 2016 إنطلاق معرض أوبكس للمُنتجات العُمانية بمشاركة أكثر من 100 شركة عمانية، تُمثل قِطاعات مُختلفة، إلى جانب مُشاركة عدد من المُؤسسات الحكومية، فمسقط  تجد في شرق أفريقيا مجالاً لتوزيع مُنتجاتها، خاصة أن السوق الأثيوبي من أكثر الأسواق نمواً على مستوى القارة الأفريقية، وتم توقيع ثلاث إتفاقيات تكون بموجبها أثيوبيا نقطة عبور لتسويق المُنتجات العُمانية إلى الدول الأفريقية، وبلغت قيمة التجارة غير المُباشرة بين مسقط وأديس أبابا ما يتجاوز الــــ (80) مليون دولار، وفي أكتوبر 2016 أكدت شبكة(C.N.N)  أن "عمانتل" وهو المُشغل الوطني العُماني للإتصالات وافق على بناء كابل تحت سطح البحر يربط مدينة صلالة في سلطنة عُمان  بميناء بربرة في أرض الصومال (صومالاند) وميناء بيصاصو في (بونتلاند) وسيشمل أثيوبيا، خاصة أن نظام (G2A) الذي سيربط الخليج بأفريقيا سيتم تطويره بالشراكة مع الإتصالات الأثيوبية، وإتصالات جوليس، وشركة تيليسوم.
نجحت سلطنة عُمان في تدشين المدينة الصناعية في ميناء الدقم العٌماني بالتعاون مع الصين، التي تثبت أنها ماضية في تنفيذ إستراتيجيتها التي أطلق عليها " عقد اللؤلؤ"، فبكين تهدف إلى ربط مصالحها بين الموانىء الأسيوية والموانىء الأفريقية خاصة أنها تمتلك قاعدة عسكرية في جيبوتي لبناء طريق حرير بحري عبر المحيط الهندي، أما بالنسبة لسلطنة عُمان فميناء الدُقم العُماني يسير بخطى ثابته في ظل تزاحم القوى الدولية والإقليمية عليه التي تسعى لضمان موقع للتموين والصيانة في المحيط الهندي، وهذا ما سيُمكن مسقط من إستعادة موقعها التاريخي كمركز بحري لسواحل المحيط الهندي خاصة أن المزاج العُماني متشبع بالنزعة التاريخية الإستقلالية.
قراءة في الإتفاقيات المُبرمة بين دول الخليج العربي ودول القرن الأفريقي
تبدو الإتفاقيات المُبرمة بين دول الخليج العربي ودول القرن الأفريقي "إقتصادية إستثمارية" في المقام الأول تخللتها مؤخراً إتفاقيات أمنية وتعاون في المجالات العسكرية والإستخباراتية فرضها طول أمد العمليات العسكرية في جنوب الجزيرة العربية (اليمن)، فلقرب دول القرن الأفريقي من مسرح الأحداث وما تشكله من عمق إستراتيجي لليمن المرتبط بطبيعة الحال بالأمن القومي الخليجي كان لابد لدول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية من إبرام تلك الإتفاقيات الأمنية والتي ليست بمستوى الإتفاقيات الإقتصادية بلا شك إلا أنها إتفاقيات يمكن أن نُسميها بـ (متطلبات المرحلة)، فالإستثمارات الخليجية التي تدفقت على دول القرن الأفريقي عززتها الإتفاقيات الأمنية العسكرية والإستخباراتية، وتصعيد التمثيل الدبلوماسي لدول مجلس التعاون الخليجي في دول القرن الأفريقي، وأعتقد أن ذلك ما كان ليكون لولا التهديد الإيراني في جنوب الجزيرة العربية الذي وضع الأمن القومي الخليجي بعمومه على المحك.
تختلف دول الخليج العربي من دولة لأخرى بعلاقتها مع دول القرن الأفريقي، فالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات هما الأوفر حظاً في مجال الإستثمار، والإتفاقيات الإقتصادية، وإبرام التعاون الأمني والإستخباراتي العسكري، تأتي بعد ذلك دولة قطر ودولة الكويت في تطوير البنى التحتية لدول القرن الأفريقي ودعم التنمية المجتمعية، بالإضافة إلى الإستثمارات في القطاعات العقارية و السياحية، أما مملكة البحرين فتمثل نشاطها في دعم التعليم والصحة ومكافحة الفقر، وتطوير المؤسسات المالية والمصرفية، أما سلطنة عُمان فهي الأقل حضوراً (إقتصادياً) رغم ما تمتلكه من تاريخ مُتجذر في تلك الدول، ذلك التاريخ الذي ما زالت ملامحه التاريخية والحضارية شاهدة عليه والذي تستند عليه السلطنه "سياسياً" وقتما شاءت، ويعود السبب في هذا التفاوت بين دول الخليج وتواجدها في القرن الأفريقي إلى إختلاف الرؤية السياسية لكل دولة خليجية والذي بالطبع سينعكس على مصالحها على الأرض، والدور المُستقبلي الذي تُريده كل دولة خليجية لنفسها، أضف إلى ذلك إختلاف رؤية كل دولة خليجية لمدى خطورة أو عدم خطورة الأحزاب والتنظيمات السياسية في دول القرن الأفريقي والتي ثبت إرتباطها بالتنظيمات السياسية في دول الخليج العربي مثل " الأخوان المسلمين، وجبهة شرق أفريقيا الموالية لتنظيم الدولة".
حسابات دول الخليج العربي في القرن الأفريقي
شهدت دول القرن الأفريقي تسابقاً خليجياً لم يكن معهوداً قبل خمس سنوات سابقة لعمليات عاصفة الحزم، وتحول إحدى دول القرن الأفريقي لمُعكسر تدريب لما يسمى بـــ"الحرس الثوري الأفريقي" التابع للحرس الثوري الإيراني، كما أكد تقرير منظمة "أبحاث التسلح في النزاعات" أن هناك عمليات سرية تشرف عليها طهران مُهمتها نقل الأسلحة إلى الحوثيين عن طريق الصومال.
تبدو الحسابات الخليجية (الثابت منها والمتحول) في القرن الأفريقي مُختلفة من دولة لأخرى، فتتفق دول مجلس التعاون الخليجي على مُحاصرة النفوذ الإيراني في القرن الأفريقي بعد أن نجحت طهران في إظهار نفسها كقوة مُنافسه، ومحاولتها السيطرة على ممرات بحرية لكسب أوراق ضغط في جنوب الجزيرة العربية تعزيزاً لإستراتيجيتها الهادفة في نقل معاركها خارج حدودها، فوجدت في الساحة الأفريقية (دول القرن الأفريقي) ما يمكن أن ترتكز عليه لتحقيق ذلك، فطهران في القرن الأفريقي تمتلك رؤية مُحددة تسير وفقها، إلا أن دول الخليج تختلف في رؤيتها السياسية لدول القرن الأفريقي، فالصومال مثلاً دولة يمزقها الإرهاب والإنقسام ولم تشفع لها نسبة التجانس التي تصل إلى 99% بين أبنائها، إلا أن الإستثمارات الخليجية وإن وجدت في العاصمة مقديشو ولكنها لا تُقارن بالإستثمارات التي شهدتها الأقاليم شبة المُستقله (صومالاند، وبونتلاند) بسبب الإستقرار السياسي الذي تحياه تلك الإقاليم بعيداً عن العاصمة المركزية "مقديشو"، إلا أن ذلك لا أراه مُحقاً، فتضاعف الإستثمارالخليجي في الأقاليم شبه المُستقلة سيُضاعف مطالبها بالإستقلال عن الدولة المركزية، وسيُكرس ثقافة الإنفصال للأقاليم الأخرى، وسيُظهر للرأي العام وكأن دول الخليج تدعم تقسيم الصومال سراً رغم إعلانها بالعمل على وحدته، أما أثيوبيا فمن وجهة النظر الخليجية أنها دولة حققت خطوات مهمة وإيجابية تتفوق بها على دول القرن الأفريقي، خاصة بعد تزاحم الوفود الخليجية على أبوابها مؤخراً داعمة لتوجهها التنموي ورؤيتها السياسية، ومُعترفةً بها كقوة حقيقية فاعلة ومُؤثرة في القرن الأفريقي، ويأتي ذلك مُتزامناً مع إقتراب إفتتاح سد النهضة في يوليو 2017 والتي تُعلق عليه شعوب القرن الأفريقي الكثير من أمال التنمية، إلا أن مصالح دول الخليج العربي في بعض دول القرن مُختلفة عن مصالحها في أثيوبيا، وأنا هنا لا أرفع من قيمة المصالح الخليجية مع إحدى دول القرن الأفريقي على حساب الأخرى، ولكن لابد من التأكيد بأن الأمن العسكري الإستخباراتي الخليجي المُرتبط بأمن عمليات عاصفة الحزم في اليمن أصبح جزء لا يتجزء من الأمن "الإستخباراتي العسكري" في الصومال، وجيبوتي، وأرتيريا بسبب موقعها الإستراتيجي ( إطلالتها على بحر العرب، والمحيط الهندي، البحر الأحمر، وخليج عدن)، هذا بالإضافة إلى تعدد الموانىء الإستراتيجية مثل (بربرة، بوصاصو، كيسمايو) في الصومال، و(عصب ،مصوع) في أرتيريا، و(ميناء جيبوتي) في جيبوتي، أما أثيوبيا فأهميتها لدول الخليج العربي تمثل في كونها قائدة مستقبلية لدول شرق أفريقيا، وإحتضانها لمصالح خليجية وصفت بأنها مشاريع خاصة بـــ"الأمن الغذائي الخليجي"، وسعيها لربط جوارها الأفريقي بشبكة سكة حديدية طولها 5000 كيلومتر سينتهي العمل بها عام 2020، إلا أن ما يؤخذ على أثيوبيا هو دعمها لإستراتيجية "عدم الإستقرار" في الصومال المعمول بها منذ عام 1991، ومع وصول الرئيس محمد عبدالله فرماجو لرئاسة الصومال صاحب النهج السياسي الصريح والمواقف الوطنية الثابته والذي سيعمل على: تحجيم خطر التنظيمات الإرهابية التي تؤرق الوطن والمواطن وتعرقل التنمية، وإيجاد إستراتيجية وطنية لإعادة الأقاليم ذات الحكم الذاتي (صومالاند، بونتلاند، جوبالاند) تحت حكم الإدارة المركزية، وهذا بالطبع ما لا ترغب به دول الجوار الأفريقي وعلى رأسها أثيوبيا المُستفيد الأكبر من موانىء الأقاليم شبه المستقلة (بوصاصو، وبربره)، ولكن في الوقت الذي أرى فيه أن أثيوبيا ستُدرك في الوقت القادم بأن من مصلحتها أن لا تدعم تلك التنظيمات الإرهابية في الصومال إن كانت تريد لمسلك التنمية التي سلكته أن يصل لمداه لدول القرن الأفريقي، إلا إنه من الأرجح أن تُبقي أديس أبابا على سياسة عدم الإستقرار في الصومال أو على جزء منها وإن كان متواضعاً حتى لا يتحقق كامل الإستقرار في الصومال.
السيناريوهات المُحتملة
السيناريو الأول: من المٌرجح أن يكون هناك تعاون أمني إستخباراتي عسكري في القرن الأفريقي بين تركيا و"بعض" دول الخليج التي تتوافق رؤاها السياسية مع أنقرة والذي قد يقود إلى تحول القرن الأفريقي لساحة تصفية حسابات سياسية ستُغذيها طهران بطريقة أو بأخرى خاصة أن النفوذ الإيراني في القرن الأفريقي وما جواره لا يستهان به.
السيناريو الثاني: في ظل تباين الرؤى السياسية لكل دولة خليجية، والدور المُستقبلي الذي تُريده كل دولة خليجية لنفسها وبمعزل عن الأخرى، وإختلاف رؤية كل دولة خليجية للتنظيمات السياسية مثل" الأخوان المسلمين"، سيقود ذلك بطبيعة الحال إلى التنافس" الغيرصحي" بين دول الخليج والخشية أن يصل إلى "التأمر التدميري" على ضرب مصالح بعضهم البعض ليس فقط في القرن الأفريقي بل قد يمتد لدول أخرى، مما سيصيب فكرة  الإتحاد الخليجي في مقتل خاصة أنه لا سبيل لتقارب تلك الرؤى بين دول الخليج العربي على المدى القريب أو المتوسط على الأقل.
السيناريو الثالث: من المرجح أن تدعم بعض القوى الإقليمية المُعارضه لبناء سد النهضة التنظيمات الإرهابية في القرن الأفريقي لإزعاج القيادة الاثيوبية والعصف بكل خطط التنمية التي يترقبها القرن الأفريقي ودوله من سد النهضة، وفي ظل ذلك المشهد ستعود القرصنة في السواحل الشرقية للصومال بشكل أقوى مما كانت عليه سابقاً وقد تمتد لعموم الموانىء الأفريقية المُطلة على المحيط الهندي، ومن البديهي حينها أن تتعاون التنظيمات في دول غرب أفريقيا مع تلك المتواجدة في شرق أفريقيا مما ينبىء على توحدها لتشكل بذلك ذراع قوي لتنظيم الدولة في أفريقيا والذي سيحظى بدعم دولي مُستتر ما دام أنه لم يتعرض لمصالح القوى الدولية التي ترغب بتواجده في تلك المناطق التي تشهد صراعات مُتلاحقة لتحريكه في الوقت المُناسب، كما يمكنها إستخدامه مُستقبلاً في مناطق يُراد لها أن تنال نصيباً من ويلات الصراع.
التوصيات
·       العمل على تقارب الرؤى السياسية بين دول الخليج العربي والوصول إلى صيغة مُشتركة تُرضي جميع الأطراف لقطع الطريق على من يحاول إحداث إنقسام داخل الإتحاد الخليجي.
·       العمل على إنجاح مشروع جسر اليمن- جيبوتي المُزمع تنفيذه والذي سيعزز التبادل التجاري بين دول القرن الأفريقي ودول مجلس التعاون الخليجي.
·       يمكن لدول الخليج العربي البدء بتكوين تكتل إقتصادي يضم (دول الخليج الست، ودول القرن الأفريقي)، وقد يكون لهذا التكتل نتائج إيجابية، فمثلاً قد تتقارب وجهات النظر المغربية الأثيوبية بشأن ملف الصحراء الغربية، وإقناع "أديس أبابا" بسحب الإعتراف من الجمهورية العربية الصحراوية، وستعتمد المغرب في ذلك أولاً على دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ،ودولة قطر، ودولة الإمارات أكبر الشركاء المُستثمرين في أثيوبيا والداعم الأول لحق الرباط في الصحراء الغربية، ومن ناحية أخرى يمكن لدول الخليج تحجيم النفوذ الشيعي في منطقة القرن الأفريقي، خاصة أن جميع الدول المُرشحة للإنضمام لذلك التكتل (الخليجي الأفريقي) تشترك في رؤية أن خطر"النفوذ الشيعي"على المُجتمعات قد يُهدد أمنها القومي، ويُعزز الطائفية في المجتمعات الأفريقية التي تتبع الطرق الصوفية والسنية.
·       نجحت المملكة العربية السعودية في دعم التمويل الإسلامي وإصدار الصكوك الإسلامية في بعض الدول الأفريقية، وبالتالي تلك فُرصة حقيقية لإرساء قيم إقتصادية قوية لذلك التكتل الخليجي الأفريقي، الذي يُمكن أن يُنعش الإقتصاد الأفريقي من ناحية، ويُحافظ على الأموال الخليجية بعيداً عن أي إبتزاز سياسي إقتصادي مُستقبلي من ناحية أخرى.
·       العمل على إبراز وجهة النظر الخليجية لشعوب دول القرن الأفريقي عموماً ولشعب الصومال خصوصاً الذي يرى بأن دول الخليج لم تبذل الجهد " السياسي" المطلوب منذ  إنهيار الدولة الصومالية عام 1991، وإقناع أديس أبابا بأن سياسة عدم الإستقرار التي تدعمها في الصومال قد تطال أمنها الداخلي خاصة أن صوت المُعارضة الأثيوبية بدأ يرتفع في إقليم "الأورومو" ذو الغالبية المسلمة.
·      دعم دول القرن الأفريقي وحقها في التنمية، والحفاظ على الأمن المائي المصري، وإيجاد طريقه أكثر إيجابية لوقف تدهور العلاقات الخليجية المصرية والذي ليس في صالح كلا الطرفين وذلك لقطع الطريق على أي مشروع مُستقبلي تسعى إليه بعض القوى الإقليمية المُعادية لأمن المنطقة العربية.
-دراسة علمية قُدمت لمركز الجزيرة للدراسات في دولة قطر  كورقة "مُشاركة بحثية" في فبراير 2017.
-تم نشر الدراسة العلمية في جريدة الأنباء الكويتية على الرابط التالي :

-تم نشر الدراسة في دولة الإمارات العربية المتحدة على الرابط التالي :-

-نُشرت الدراسة العلمية في مركز مقديشو للبحوث والدراسات الإستراتيجية في الصومال على الرابط التالي :-
http://cutt.us/sZPQn 


تم نشر الدراسة في عيون الخليج على الرابط التالي :
-نُشرت الدراسة في الموقع الرسمي للعلاقات الخليجية الأفريقية على الرابط التالي :

د.أمينـــة العــــريمــي
باحثـة سياسيـة إماراتية فـي الشـأن الأفريقـي
@gulf_afro